انتخاب رئيس مجلس المستشارين. لن أهنئ بنشماس بروح رياضية كما يحدث حينما تخسر أمام منافسك في أي تنافس انتخابي شريف، لأنه ببساطة لم يكن شريفا ولا ديمقراطيا ولا مستقلا يعكس إرادة الفاعلين فيه. لن أهنئ بنشماس لأنه أصلا لا يعترف بشرعية الانتخاب ولا يعوِّل عليها،ويعلم جيدا أنه لو اكتفى بها لم وصل إلى مجلس المستشارين بله الوصول إلى رئاسته بعدما خسر أمام شباب يافعين في مقاطعة صغيرة يوم اضطر لخوض تنافس انتخابي مباشر ومفتوح،يصعب التحكم فيه بتحريك الهواتف والتعليمات وممارسة الضغوطات،لأن الناخبين البسطاء لا امتيازات لهم يقايضون بها استقلاليتهم ومعنى تمثيليتهم. في المقابل سأهنئ نبيل الشيخي الذي نافس بشرف فحصل على أصوات فريقه وأصوات قليلة انضافت إليه حيث اختار أصحابها صناعة الفرق والانفلات من سطوة التوجيه والضبط. سأهنئ حزب العدالة والتنمية على إدارته لنقاش داخلي ديمقراطي ومفتوح أفضى إلى قرار تحمل المسؤولية السياسية وترشيح رئيس فريقه بعدما اختار كل فريق موقعه. إن الذين يروجون لمقولة عزل حزب العدالة والتنمية يتناسون أنه اختيار إرادي يعزل الحزب عن واقع الضحالة والعبث واللامعنى الذي أصبح سائدا بشكل لم يعد المغرب قادرا على تبريره،إنه عزل عن منطق الضبط المبالغ فيه للحياة السياسية والمؤسساتية التي تتعرض لشل مفاصلها وتبخيس أدوارها. من حقنا اليوم أن نوجه السؤال: من سيتحمل الكلفة الأخلاقية لترويج “النموذج الديمقراطي المغربي” بمرشح واحد في البرلمان وقد تكرر هذا بين الغرفتين بشكل متتال،ولازلت مقتنعة أننا أخطأنا في الأولى وأصبنا في الثانية بالإصرار على تقديم مرشحنا. مرشح وحيد تجري التعبئة له بكل الوسائل يعكس وضعا سياسيا مخيفا لم يعشه المغرب حتى في أحلك سنوات النضال الديمقراطي حيث كانت النخب السياسية تصمد بشرف في وجه كل آليات القمع والترهيب والتوجيه. اليوم وصلنا إلى مرحلة سيادة الارتباك والضباب الكثيف،فلا أغلبية هنا ولا معارضة هنا ولا ديمقراطية هنا ومع ذلك نشتكي من يأس الناس وقنوطهم واحتجاجهم. لابد من مراجعة هذا المسار وتحكيم العقل في تدبير العملية السياسية وسير المؤسسات. قناعتي أننا لم نكن في حاجة لكل هذا الاغتيال للسياسة والمعنى لتنصيب بنشماس رئيسا لمجلس المستشارين،ذلك أن كلفة هذا التنصيب أكبر بكثير من نتيجته ومردوديته. الجميل في الأمر أن يظل حزب العدالة والتنمية نقطة ضوء رغم كل ما يتعرض له. شكرا لمناضلي الحزب ولقيادته.