“المبادرة الوطنية للتنمية البشرية”: بدون حوار وتشاور عن صيغتها الجديدة، قد تحصد في المستقبل نفس النتائج الغير المٌرضية خلال 13 سنة الماضية . الحوار والتشاور من صميم مقتضيات دستور المملكة لسنة 2011، لكن يتضح ان الصيغة الجديدة للمبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي يتم اعدادها من طرف المصالح المركزية بوزارة الداخلية، لم تخضع لحوار ونقاش عموميين بين الشركاء في التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية .. ومن بينها اساسا الجماعات الترابية وجمعيات المجتمع المدني والتنظيمات المهنية القطاعية … من المفروض ان يتم التقييم والاقتراح بشكل عمودي من الأسفل الى الأعلى ثم بشكل أفقي بين المؤسسات والقطاعات ذات الصِّلة. دستور المملكة لسنة 2011 ينص في فصله 31 على : “تعمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، على تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة، من الحق في: العلاج والعناية الصحية؛ الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية، والتضامن التعاضدي أو المنظم من لدن الدولة؛ الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة؛ التنشئة على التشبث بالهوية المغربية، والثوابت الوطنية الراسخة؛ التكوين المهني والاستفادة من التربية البدنية والفنية؛ السكن اللائق؛ الشغل والدعم من طرف السلطات العمومية في البحث عن منصب شغل، أو في التشغيل الذاتي؛ ولوج الوظائف العمومية حسب الاستحقاق؛ الحصول على الماء والعيش في بيئة سليمة؛ التنمية المستدامة.” فإذا كانت مجهودات برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بشكلياتها وطريقة اشتغالها وتدخلاتها الممتدة من سنة 2005 الى أواخر سنة 2018 لم تحقق أهدافها المبدئية وظلت البلاد في الرتبة 123 خلال السنوات الاخيرة حسب الترتيب الاممي للتنمية البشرية ، فإن ذلك فعلا استوجب التقييم الصارم واعادة النظر في منهجية العمل والتدخل ومعايير اشراك الأطراف المعنية بالعملية التنموية بشكل عام. لكن يتبين ان طريقة صياغة النموذج الجديد لهذه الالية التنموية لم تخضع لقواعد الحوار وإشراك الشركاء والفاعلين الاساسيين في التنمية المحلية ، في التقييم ووضع الاصبع على مكامن الخلل والتقصير واقتراح مكونات وعناصر الصيغة الجديدة وطريقة تدبيرها خلال السنوات المقبلة من اجل فاعلية اكبر قصد تحقيق النتائج المرجوة وضمان تقدم البلاد في هذا المجال الحاسم في تطور المجتمعات والدول .