تراجع المجلس العلمي الأعلى عن فتواه الشهيرة المتعلقة بقتل المرتد، والتي خلفت ردود أفعال متباينة أثناء ورودها في كتاب صادر عن الهيئة العلمية المكلفة بالإفتاء سنة 2012، لتحدث ضجة إعلامية وانتقادات واسعة آنذاك، المجلس العلمي الأعلى في أشغال دورته الثالثة والعشرين التي عقدت نهاية دجنبر المنصرم، ليؤكد من خلال أمينه العام، محمد يسّف، أن علماء المؤسسة قاموا هذه السنة، بإصدار وثيقة مصححة لمفهوم السّلفية، كما تم وضع مشروع وثيقة “سبيل العلماء“. المجلس العلمي الأعلى برَّر تراجعه عن قتل المرتد بأن ثمة شواهد في السيرة النبوية، منها صلح الحديبية الذي كان من بنوده، من أسلم ثم ارتد إلى قريش لا يطالب به المسلمون، وأن من التحق بالمسلمين من المشركين استردوه، وغيرها من الشواهد التي جاءت في السيرة النبوية. الوثيقة بحسب ما أورد موقع "إسلام مغربي"، تحت عنوان "قضايا العدل والتضامن والحقوق والحريات في الأمة"، نصت على خلاف ما سبق للمجلس أن أكده في “فتاوى الهيأة العلمية المكلفة بالإفتاء 2004 2012″ بخصوص حكم المرتد. وجاء في الوثيقة، المسماة "سبيل العلماء": "لقد أثيرت في الإسلام قديما ولا تزال تثار قضية الردة والمرتد، ويبقى الفهم الأصح والأسلم لها المنسجمُ مع روح التشريع ونصوصه ومع السيرة العملية للنبي صلى الله عليه وسلم أن المقصود بقتل المرتد هو الخائن للجماعة، المفشي لأسرارها والمستقوي عليها بخصُومها؛ أي ما يعادل الخيانة العظمى في القوانين الدولية، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «من بدل دينه فاقتلوه»، المقيد بقوله صلى الله عليه وسلم: «..التارك لدينه المفارق للجماعة». كما أشارت الوثيقة الجديدة بأن قتال أبي بكر رضي الله عنه للمرتدين لم يكن إلا بالمعنى السياسي العام، ضد طائفة شقت عصا الطاعة على الإمام، وأرادت أن تفرق وحدة الجماعة، وتفسد فهم الدين بتعطيل أحد أركانه، ومعلوم أن الدين كان ولا يزال عمود الاستقرار الأساس في المجتمع، وما كثير من الفتن والحروب الدائرة اليوم إلا بسبب فساد تأويله وسوء استغلاله وتوظيفه، حسب الوثيقة. ونبّه محمد يسّف، الأمين العام للمجلس العلمي الأعلى، في تقديمه لوثيقة "سبيل العلماء" إلى أنها ليست وثيقة مذهبية رسمية للمجلس العلمي الأعلى، ولا مجرد سوانح فكرية شخصية محضة، وإنما هي صيّاغة من الصياغات الممكنة لجملة من التصورات المتداولة في أعمال علماء المجلس بخصوص أنظارهم في مختلف المحاور التي تناولتها هذه الوثيقة.