أصدر المجلس العلمي الأعلى خلال دورته الأخيرة وثيقة جديدة تحت اسم "سبيل العلماء"، تضمنت نقطة مثيرة للجدل تحت عنوان "قضايا العدل والتضامن والحقوق والحريات في الأمة" (الصفحة 98). الوثيقة التي تم تداولها على نطاق جد ضيق بين أعضاء المجلس العلمي الأعلى، وفق ما ذكره موقع "إسلام مغربي" حاولت وضع مفهوم الردة في سياقه الصحيح "لقد أثيرت في الإسلام قديما ولا تزال تثار قضية الردة والمرتد، ويبقى الفهم الأصح والأسلم لها المنسجم مع روح التشريع ونصوصه ومع السيرة العملية للنبي صلى الله عليه وسلم أن المقصود بقتل المرتد هو الخائن للجماعة، المفشي لأسرارها والمستقوي عليها بخصومها؛ أي ما يعادل الخيانة العظمى في القوانين الدولية، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: «من بدل دينه فاقتلوه»، المقيد بقوله صلى الله عليه وسلم: «..التارك لدينه المفارق للجماعة»". وتضيف الوثيقة أن "ترك جماعة المسلمين لم يكن حينها إلا التحاقا بجماعة المشركين خصومهم وأعدائهم في سياق الحروب الدائرة بينهم. فالردة هنا سياسية وليست فكرية. ولقد تحدث القرآن الكريم عن الردة الفكرية في آيات عديدة ولم يرتب عليها عقوبة دنيوية وإنما جزاء أخرويا كما في قوله تعالى: ﴿ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فقد حبِيطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون﴾ [البقرة: .]215". ويعلل المجلس العلمي تراجعه عن قتل المرتد بقوله إن "ثمة شواهد في السيرة النبوية؛ منها صلح الحديبية الذي كان من بنوده: أن من أسلم ثم ارتد إلى قريش لا يطالب به المسلمون، وأن من التحق بالمسلمين من المشركين استردوه. وفي الرجل الأعرابي الذي أسلم ثم طلب إقالته من شهادته فلم يفعل الرسول صلى الله عليه وسلم معَهُ شيئاً، فخرج من المدينة ولم يلحقه أذى، وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم «المدينة كالكير تنفي خبثها وينصعُ طيبها»،بالإضافة إلى حالات أخرى ارتدت على العهد النبوي ولم تُحَدَّ بهذا الحد". وتؤكد الوثيقة الجديدة للمجلس العلمي الاعلى أن "قتال أبي بكر رضي الله عنه للمرتدين لم يكن إلا بالمعنى السياسي العام، ضد طائفة شقت عصا الطاعة على الإمام، وأرادت أن تفرق وحدة الجماعة، وتفسد فهم الدين بتعطيل أحد أركانه، ومعلوم أن الدين كان ولا يزال عمود الاستقرار الأساس في المجتمع. وما كثير من الفتن والحروب الدائرة اليوم إلا بسبب فساد تأويله وسوء استغلاله وتوظيفه".