تراجع المجلس العلمي الأعلى، في وثيقة جديدة تحت عنوان "سبيل العلماء"، عن فتوى قتل المرتد، التي سبق أن أصدرها، وأثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الدينية والحقوقية. وأعطت الوثيقة مفهوماً جديداً للردة، بعدما ربطتها بالخيانة العظمى، أي الانضمام إلى معسكر الأعداء، متراجعة بذلك عن قتل المرتدين فكرياً. منتصر حمادة، رئيس مركز المغرب الأقصى للدراسات والأبحاث، اعتبر، في تصريح لموقع "اليوم 24″، أن مضامين وثيقة "سبيل العلماء"، تؤكد الانخراط النظري الأولي لبعض علماء المؤسسات الدينية في ما يُصطلح عليه بتجديد الخطاب الديني، وهذا ما كان قائماً، ولو بشكل نسبي، من خلال اجتهادات بعض الأسماء العلمية، وبشكل فردي، لعل أبرزها العلامة أحمد الخمليشي، مدير دار الحديث الحسنية، بينما الجديد هنا أن الوثيقة صادرة عن أهم مؤسسة دينية في الساحة المغربية. وأوضح الباحث، أن موضوع التفاعل مع المرتد في التراث الإسلامي، متشعب، ويحتمل عدة قراءات واجتهادات، إذا كان موقف علماء المجلس العلمي الأعلى في السابق، والصادر منذ حوالي خمس سنوات، لا يخرج عن القراءة التقليدية السائدة منذ قرون في العالم الإسلامي، فإن الجديد اليوم مع وثيقة "سبيل العلماء"، يضيف المتحدث ذاته، يتضمن اجتهاداً نوعياً، ومغايراً لاجتهاد أمس، ولو أنه ليس نهائياً، ولكنه خطورة محمودة تُحسب للمؤسسة، يقول حمادة. وأشار حمادة إلى أن "الأمر لا يتعلق بوثيقة رسمية صادرة عن المؤسسة، وليست وثيقة مذهبية رسمية للمجلس العلمي الأعلى، وإنما صياغة من الصياغات، الممكنة لجملة من التصورات المتداولة في أعمال علماء المجلس، بخصوص أنظارهم في مختلف المحاور التي تناولتها هذه الوثيقة"، كما عبر عن ذلك محمد يسف في تحرير مقدمتها، بما يُفيد أن باب النقاش العلمي، والمعرفي لا يزال مفتوحاً، وسيظل مفتوحاً أساساً، سواء تعلق الأمر بالتفاعل مع مثل هذه القضايا أو غيرها، ومن شأن فتح باب الاجتهاد، المساهمة النظرية، وبالتالي العملية في سحب البساط الديني المتشدد السائد لدى عدة جماعات إسلامية حركية في المجال التداولي الإسلامي بشكل عام"، يؤكد الباحث.