مبادرة التخلي عن تعويضات البرلمان التي أعلن عنها حزب البام متهورة و تفتقر إلى الحكمة و النضج السياسي عندما أعلن حزب البام عن تخلي برلمانييه عن تعويضاتهم خلال 3 أشهر التي لم يشتغل فيها البرلمان اعتبر العديد من المتتبعين أن المبادرة جيدة و تستحق التنويه .. لكن اتضح بعد ذلك أن المبادرة كانت خطوة متسرعة و متهورة و غير مدروسة و لا محسوبة العواقب و تفتقر إلى النضج السياسي المفروض أن يتوفر لدى حزب حاصل على المرتبة الثانية في البرلمان .. و يطمح لقيادة الحكومة .. و اتضح ذلك من خلال التصريحات المتناقضة لقيادة الحزب .. فزعيم الحزب يتحدث عن قانونية إرجاع المبالغ و يعطي المثال بأخنوش و حفيظ العلمي .. و رئيس الفريق يتحدث عن فتح حساب خاص و جمع الأموال ثم التبرع بها .. لكن الحقيقة أن الحزب مازال يخبط خبط عشواء في هذا الملف .. و لم يستطع لحد الان تحديد الصيغة القانونية المناسبة لتفعيل قراره المتسرع .. لن نناقش الصيغة الأولى لأن الحزب اقتنع بعدم إمكانية تطبيقها ؟ أما الصيغة الثانية التي تحدث عنها رئيس الفريق (أي فتح حساب خاص) فبدورها غير ممكنة و غير قانونية ... بحيث لا يمكن لأي شخص أو هيئة فتح حساب خاص لجمع التبرعات المالية إلا في إطار القانون المنظم لهذه العملية .. فإذا كان البام سيخصص المبلغ للإحسان العمومي فالقانون يؤكد على ضرورة نيل الهيئة (والتي لا يمكن أن تكون حزبا و لا يمكن أن تكون فرادا) ترخيصا للإحسان العمومي من الأمانة العامة للحكومة أي أن البام مطالب قبل فتح الحساب البنكي الخاص لجمع التبرعات من برلمانييه بتقديم طلب الحصول على ترخيص بذلك .. و لا يمكن للحزب أن يقوم بذلك .. لأن الأمر متعلق بجمعيات الإحسان العمومي .. والاستثناء يكون في ثلاث حالات .. الأولى ما يخص بناء المساجد وإصلاحها بحيث يمكن للوالي أو العامل أن يمنحا الترخيص .. والثانية هي مؤسسات التعاون الوطني .. والثالثة هي الجمعيات الحاصلة على صفة المنفعة العامة و التي لا يمكنها القيام بهذه المبادرة إلا مرة واحدة في السنة.. فإذا قرر حزب البام فتح حساب خاص بهدف تخصيصه للإحسان العمومي فهو خارج إطار القانون .. وهناك هيئة واحدة لها الحق في الترخيص بذلك هي الأمانة العامة للحكومة ... و سيفتح حزب البام بهذا الإجراء الباب أمام الأحزاب السياسية الأخرى للقيام بنفس الشيء .. و سنكون أمام دور جديد للأحزاب السياسية غير تلك الأدوار المؤطرة بالقانون و المدرجة في دستور المملكة.. أما إذا فتح البام حسابا خاصا باسم الحزب فستصبح تلك الأموال ملكا للحزب و خاضعة للمراقبة و القانون و لا يمكن بأي حال التبرع بتلك الأموال للإحسان العمومي... و في رأيي المتواضع ليس أمام البام سوى الاقتداء بالبرلماني الشاب من حزب العدالة و التنمية الذي قرر التبرع بهذه التعويضات لشراء سيارة إسعاف لقبيلته .. أي على الحزب أن يطلب من برلمانييه الاقتداء بهذا الشاب و التبرع بتعويضاتهم في مجال من مجالات الإحسان العمومي بشكل منفرد.. و يمكنه أن يراقب العملية بطرقه الخاصة ..