بحلول شهر ماي من كل سنة تطل علينا نكبة من نكبات هذا الوطن الجريح، ففي هذه السنة نخلد النكبة الثانية عشرة لتشميع بيوت اعضاء جماعة العدل والإحسان التي دشنها المخزن منتصف سنة 2006 و لعل من ابرزها تشميع بيت الأمين العام لجماعة العدل والإحسان الأستاذ محمد عبادي، و بيت الاستاذ لحسن عطواني بمدينة بوعرفة دون أي سند قانوني او قضائي او حتى إداري، في خرق فاضح لكل الشرائع و الاعراف و المواثيق الدولية و القوانين الوطنية خاصة الفصل 24 من الدستور الذي ينص على أنه "لكل شخص الحق في حماية حياته الخاصة، لا تنتهك حرمة المنزل، ولا يمكن القيام بأي تفتيش إلا وفق الشروط والإجراءات التي ينص عليها القانون". نتسائل أين نحن من سمو القانون ومساواة الجميع أمامه حسب ما جاء في الدستور؟ خاصة الفصل 6 منه الذي أكد على أن "القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة والجميع متساوون أمامه"، فالواقع عكس ذلك تماما، إذ شتان ما بين النص والتطبيق؛ فعندما نطلع على الفصل 62 من القانون الجنائي الذي ينص على أن "التدابير الوقائية العينية هي: 1 مصادرة الأشياء التي لها علاقة بالجريمة أو الأشياء الضارة أو الخطيرة أو المحظور امتلاكها. 2 إغلاق المحل أو المؤسسة التي استغلت في ارتكاب الجريمة" نجد أن إغلاق المحلات لا يكون إلا نتيجة استغلالها في ارتكاب جريمة ما، والحال أنه عندما تم تشميع البيتين لم ترتكب فيهما أية جريمة، وما وقع هو أنه عندما تم اقتحام البيتين وإخراج من كان فيهما والاستماع لهم وإخلاء سبيلهم دون أية متابعة أو توجيه تهمة تذكر، وهكذا بقي البيتين مغلقين من طرف الشرطة وتحت حراستها في غياب اس نص قانوني او سند قضائي. ايضا بالرجوع للفقرة الثانية من الفصل 90 من القانون الجنائي فتنص على أن "مدة الإغلاق المؤقت لا يجوز أن تقل عن عشرة أيام ولا أن تتجاوز ستة أشهر، ما لم ينص القانون على خلاف ذلك"، وبغض النظر عن الجهة المخولة قانونا بإغلاق مثل هذه المحلات- يتعلق الأمر هنا بالمحكمة كجهة وحيدة مختصة قانونا بذلك دون غيرها ولا تملك هذه الصلاحية حتى النيابة العامة ناهيك عن أي جهة إدارية أخرى مهما كانت – فإن مدة الإغلاق حسب الفصل 90 أعلاه محددة بين 10 أيام كحد أدنى و6 أشهر كحد أقصى، والحال أن المنزل مغلق منذ 25 ماي 2006 أي مدة 12 سنة، فأين هي دولة الحق و القانون؟؟ لكن الادهى و الامر هو انه سبق للقضاء – بمختلف درجاته ابتدائيا واستئنافيا ونقضا- أن أصدر أحكاما وقرارات نهائية تعتبر قرارات التشميع غير مشروعة والجهة التي أصدرته غير مختصة بل إن القضاء برأ أصحاب البيوت المشمعة من المتابعات التي سطرتها النيابة العامة في حقهم والمتعلقة بالجنحة المنصوص عليها في الفصل 273 من القانون الجنائي "كسر الأختام الموضوعة بأمر من السلطات العامة"، نذكر منها على سبيل المثال : 1/ الحكم الابتدائي عدد 1378 الصادر بتاريخ 19/4/2011 في الملف الجنحي عدد 819/11 عن المحكمة الابتدائية بالناظور المؤيد بالقرار الاستئنافي الصادر بتاريخ 19/4/2012 في الملف الجنحي عدد 1334/11 عن محكمة الاستئناف بالناظور. 2/ الحكم الابتدائي عدد 1896 الصادر بتاريخ 21/6/2011 في الملف الجنحي عدد 890/11 عن المحكمة الابتدائية بالناظور و المؤيد بالقرار الاستئنافي الصادر بتاريخ 26/4/2012 في الملف الجنحي عدد 1388/11 عن محكمة الاستئناف بالناظور. 3/ الحكم الابتدائي عدد 1377 الصادر بتاريخ 19/4/2011 في الملف الجنحي عدد 654/11 عن المحكمة الابتدائية بالناظور. 4/ قرار محكة النقض عدد 2165/5 المؤرخ في 03/12/2008 ملف جنحي عدد 10801/6/5/2007 الصادر عن محكمة النقض بين الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالناظور والسيد جمال البوطيبي، الذي جاء في حيثياته : "حيث إن الشرطة القضائية قامت بإغلاق منزل المتهم وتشميع بابه بناء على تعليمات الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالناظور وإن المتهم قام بفتح باب المنزل بعد أن قام بكسر الختم. وحيث إن إغلاق المحل أو المؤسسة التي استغلت في ارتكاب الجريمة يعتبر من التدابير الوقائية العينية طبقا للفصل 62 من القانون الجنائي ويجب أن تقضي به المحكمة التي تصدر العقوبة الأصلية والحال أن إغلاق منزل المتهم كان بأمر من الوكيل العام للملك وقبل صدور الحكم من أجل الأفعال المتابع بها المتهم. وحيث إنه بمراجعة ظهير 1958 المتعلق بالتجمعات العمومية يتضح أنه لا يتضمن كتدبير وقائي إغلاق المقرات أو المحلات التي يعقد فيها التجمعات العمومية بدون تصريح وعليه يبقى أمر إغلاق منزل المتهم عملا غير مشروع وبغض النظر عن قيام المتهم بكسر الختم الموضوع على منزله أو عدم قيامه بذلك فإن الدخول إلى المنزل بعد كسر الختم من طرف المتهم يبقى مبررا ما دام أن وضع الختم بداية كان من جهة غير مخولة قانونا للقيام بهذا التدبير وقبل صدور العقوبة الأصلية. وحيث إنه واستنادا إلى ما ذكر تكون جنحة كسر أختام موضوعة بأمر السلطة العامة غير ثابتة في حق المتهم وإن الحكم المستأنف عندما قضى بإدانته من أجلها كان مجانبا للصواب ويتعين إلغاؤه في هذا الجانب". ختاما ألا تستحق قضية التشميع ان تكنى "نكبة الوطن" ؟؟ لأنه ببساطة و منذ تشميع البيوت شرع اصحابها في طرق جميع الابواب و مراسلة جميع الجهات و قاموا بتقديم جميع الطلبات و المساطر والدعاوى و الشكايات في الموضوع لكن دون جدوى، و تعاقبت ثلاث حكومات و طرحت القضية عدة مرات داخل البرلمان و بقيت دار لقمان على حالها، و كتبت الصحافة عشرات المقالات و التحليلات و نشرت الوثائق و الحجج الدامغة و الدامعة و قامت المنظمات الحقوقية الوطنية و الدولية بمراسلة الحكومة و وزارة الداخلية و نظم الناشطون و الفضلاء و ابناء هذا الوطن عشرات القوافل الحقوقية و الوقفات والندوات الصحفية و حملات التعريف بالقضية فلم يبقى بيت حجر ولا وبر إلا و عرف القضية و خبرها و استنكر، افلا تستحق ان تخلد في تاريخ وطننا المنكوب "كذكرى للنكبة" و تحتاج ل "حق العودة" ؟؟! *الأستاذ بنقادى عبد الحق عضو هيئة دفاع أصحاب البيوت المشمعة