تشاينا ايسترن تطلق خط شنغهاي – الدار البيضاء    توقعات أحوال الطقس اليوم السبت    كيوسك السبت | المغرب يسعى ليصبح أبرز الفاعلين العالميين في صناعة البطاريات    حادثة سير مميتة تُصرع طفلا بجرسيف    شاب يلقى حتفه اختناقا بغاز البوتان أثناء استحمامه بزايو    افتتاحية الدار: الجزائر بلد الطوابير.. حين تصبح العزلة اختيارًا والنظام مافياويًا    شركة "مايكروسوفت" تخطط لإنفاق 80 مليار دولار خلال عام على الذكاء الاصطناعي    محمد السكتاوي الكاتب العام لمنظمة العفو الدولية بالمغرب في ذمة الله    بطولة انجلترا: الفرنسي فوفانا مهدد بالغياب عن تشلسي حتى نهاية الموسم    إعادة انتخاب مايك جونسون رئيسا لمجلس النواب الأمريكي لولاية ثانية بدعم من ترامب    اجتماع يُقيم وضعية الدواجن والبيض    الرباط.. فتح بحث قضائي في موت شخص أثناء نقله من طرف الشرطة لتنفيذ إجراءات التفتيش عن عائدات متحصلة من السرقة    وقفة أمام البرلمان تسنُد صمود أطباء غزة وتُجدد مطلب "إسقاط التطبيع"    الفتح يحقق فوزا ثمينا على "الشباب"    بورصة الدار البيضاء .. مؤشر مازي يغلق على وقع ارتفاع تاريخي    الغلبزوري يقدم باسم البام تعازيه للطالبي العلمي في وفاة والده    مكتب الصرف يصدر دورية تنص على إجراءات تسهيل وتبسيط نظام السفر للدراسة في الخارج    "التمويل الإسلامي" للإسكان يواصل نموه ليبلغ 24,5 مليار درهم    بيان فرنسي ألماني مشترك يطالب بانتقال سلمي شامل في سوريا    الكونغو الديمقراطية.. 1267 حالة وفاة ناجمة عن جدري القردة في سنة 2024    دراسة تحدد النوع الأساسي لمرض الربو لدى الأطفال    "التجديد الطلابي" تستنكر المواجهات المواجهات الطلابية العنيفة في كلية تطوان    نقابيو "سامير" يستعجلون موقف الحكومة النهائي بشأن المصفاة    ظهور حالات إصابة بمرض الحصبة داخل السجن المحلي طنجة 2    ساركوزي ووزراء سابقين أمام المحكمة    رئيس الجهة الشرقية السابق متهم بفبركة شجار للضغط على زوجته    وفاة الكاتب البريطاني ديفيد لودج عن 89 عاما    عبد الصادق: مواجهة ماميلودي مصيرية    "فيلود": مواجهة مانيما تتطلب الحذر    بعد تداول وثيقة تاريخية تثبت مغربية تندوف ..أصوات تطالب فرنسا بالإفراج على جميع الوثائق التاريخية للمغرب    تارودانت تحتضن النسخة الثالثة للمهرجان الدولي لفنون الشارع    مؤسسة وسيط المملكة تتلقى 7226 ملفا خلال سنة 2023    الصويرة تستضيف المخرج والفنان المغربي ادريس الروخ في الملتقى السينمائي السادس    الفنانة المغربية سامية دالي تطلق أغنيتها الجديدة «حرام عليك»    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    مقتل عشرات الفلسطينيين بينهم قائد الشرطة التابعة لحماس في غارات إسرائيلية على قطاع غزة    شذى حسون تستقبل السنة الجديدة ب"قلبي اختار"    تعيينات جديدة في مناصب المسؤولية بمصالح الأمن الوطني    أداة "ذكية" للكشف عن أمراض القلب قبل ظهور الأعراض    تتقدمهم كربوبي.. خمسة حكام مغاربة لإدارة مباريات "الشان"    "آبل" تدفع 95 مليون دولار لتسوية دعوى قضائية حول التنصت على محادثات خاصة للمستخدمين    الموسم الثاني من "لعبة الحبار" يحقق 487 مليون ساعة مشاهدة ويتصدر قوائم نتفليكس    عبد الرحمان بن زيدان.. قامة مسرحية شامخة في الوطن العربي بعطائه المتعدد وبَذْله المُتجدّد    أيت منا يجدد الثقة في موكوينا ويمنحه 3 مباريات للاستمرار في تدريب الوداد البيضاوي    الوزير مزور ينفي وجود خلاف أو توتر بينه وبين نواب حزب الاستقلال    بعثة نهضة بركان تشد الرحال صوب باماكو تأهبا لمواجهة الملعب المالي    الذهب يرتفع بدعم من الطلب على الملاذ الآمن    الHCP: واردات المغرب تنخفض ب1.6% والصادرات تسجل ارتفاعاً ب0.5%    نهضة بركان يجدد عقدي لبحري وخيري لموسمين    غابة الأمازون البرازيلية سجلت في 2024 أكبر عدد من الحرائق منذ 17 عاما    الشاعرة الأديبة والباحثة المغربية إمهاء مكاوي تتألق بشعرها الوطني الفصيح في مهرجان ملتقى درعة بزاكورة    خبير يكشف عن 4 فوائد أساسية "لفيتامين د" خلال فصل الشتاء    مدوّنة الأسرة… استنبات الإصلاح في حقل ألغام    بنكيران: الملك لم يورط نفسه بأي حكم في مدونة الأسرة ووهبي مستفز وينبغي أن يوكل هذا الموضوع لغيره    الثورة السورية والحكم العطائية..    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أطباء أم تجار؟
نشر في العمق المغربي يوم 22 - 01 - 2017


نقد مقالة جهاد لبريكي
من العيب حقا ، تحوير مغزى مقولات الفلاسفة ، و تجريدها من كافة دلالات سمو رسالة أصحابها ، بإعطائها تحليلا محرفا عن المقصد الحقيقي ، ليتماشى و فقط مع أهوائنا و قناعاتنا الشخصية ، كما الجرم الذي ارتكبته جهاد البريكي بحق الفيلسوف " ادغار موران " ، اثر كتابتها لمقالها المصغر في جريدة الأخبار ، و تحديدا عند الصفحة الأخيرة بالجريدة .
قد تكون مهنة المدونة جهاد البريكي طبيبة ، لكن هذا لا يخول لها سلطة استغلال المقولة بنحو خاطئ ، حتى تدعم بذلك صحة وجهة نظرها المشبعة بالنرجسية ، الغير ماثة لغتها بصلة للحياد ، فكما و أنه لا يجوز الاستشهاد بنص قرآني في غير محله ، هو الأمر ذاته حتما يتعلق بالأطروحات الفلسفية ، و التي أود تذكير جهاد لبريكي بأنه لم يتفوه بها عبثا أو تكتب اعتباطا ، حتى نشغلها كما يطيب لنا.
يقول ادغار موران " إذا كان هناك مكان يجسد الإنسانية في كمالها فهو المستشفى و إذا كان هناك مكان يجسد اللاإنسانية في بشاعتها فهو أيضا المستشفى " . هي المقولة نفسها ، التي اختتمت بها جهاد لبريكي نصها الصحافي ، و كلها عين ثقة بأنها قد ذهبت إلى تدعمي وجهة نظرها بالحجة الدامغة ، التي ترد لممارس مهنة الطب بريق كرامته ، بينما و من نسق مغاير لما جعلتها ظنونها تحسبه ، فصديقتنا المدونة غفلت عن تأديتها لطقس في غاية الأهمية ، و الذي يستوجبها بإلزامية تأمل المقولة الفلسفية ، قبل أن تستأثر بها كدليل تبرهن من خلاله عن سداد رأيها . و لأن هذه الفكرة غابت عن ذهن صديقتنا جهاد ، أو لربما تغاضت عن اللجوء إليها ، بحكم طبيعة الإنسان الميالة لتعظيم الأنا و الاستكبار ، فقد وقعت المسكينة بتصرفها ذاك في شرك تمرير المغالطات ، و الإساءة بتأويلها المكذوب إلى مصداقية مقولة ادغار موران .
حقا، هي مقولة في غاية الروعة، و تعد بمثابة تمثل لما نحن في خضمه، و ما ينبغي للإنسان عليه أن يكون، فمن المرجح للمستشفى أن يغدو جنة أو جحيما، لكن السؤال المطروح هاهنا هو بحق من في رأيكم ، الطبيب أم المريض . طبعا هو المواطن و ما من احد سواه ، فهو المقابل بالاهانة و عبارات التجريح ، من لدن الأطباء و المشرفين على قطاع الصحة ، كلما أكرهته ظروف سقمه على زيارة المستشفى بغرض التطبيب و مداواة نفسه ، أما حضرة الطبيب و الذي وصفت جهاد في كلمات مثيرة للاستغراب ، أجرته بالزهيدة و موقعته في موضع الطبقة الفقيرة ، كذبة لفقتها و جعلت نفسها تصدقها ، بالرغم من معرفة الناس التامة بأن أدنى مراتب الطبيب ، تعينه على العيش في ترف و بذخ ، فانه الشخص الوحيد الذي يمكننا إدانته في هذا الصدد ، و اعتبار مقولة ادغار موران تنطبق عليه .
جميعنا نعلم و بلا استثناء ، مقدار معاناة المواطن كلما قصد المستشفى ، اذ تتم معاملته بأساليب تحقيرية مستفزة ، و كأنما هو من طينة مختلفة عن بني البشر ، تائها بين الأروقة لا يلقى الرعاية اللازمة ، أمام معشر أطباء منعدمي الضمير لا يرقون لشرف هذه المهنة ، و لا يتأخرون ولو لوهلة واحدة عن تلطيخ هيبة تلك الوزرة البيضاء . أنى للمدونة جهاد البريكي حق المشتكى ، في دفاعها المستميت عن كرامة الطبيب و علو قدره ، و هو المستهتر في تأدية المهام الموكلة إليه ، حيث لا تجد له أثرا في المستشفى إلا بمشق الأنفس ، دائم الغياب و التهرب من تقديم واجباته كطبيب ، هذا و دونما الحديث عن الممارسات المخلة للأدب التي تعج بها المستشفيات ، و كأنما هي قد أعدت لتصبح ماخورات لا أماكن للتطبيب و خدمة المواطنين .
إذن ، فالواقع يثبت لنا كيف أن هذه المقولة تصب في اتجاه آخر ، معاكس و بدرجة كبيرة لتلك الرؤيا التي صاغتها لأجلها جهاد البريكي ، فالطبيب لا سواه من تعود إليه مسئولية تنظيم الأجواء بالمستشفى ، إما بإضفائه عليها طابع الرحمة فتصير موطنا للإنسانية ، أو إصباغها بطابع العذاب جاعلا منها مقرا للشر المستطير ، أما المريض فمستبعد و بحد كبير عن توجيه اللوم إليه بمثل هذه المقولات ، و إن كانت تصدر عنه سلوكيات عنيفة و غير سوية ، و التي ما هي إلا تحصيل التهميش و الاستخفاف المتعاطى به معه من قبل الموظفين بالمستشفى ، و بوجه التحديد الأطباء الذين يفضلون إغلاق أبواب مكاتبهم ، و تبادل أطراف حديث كلها ثرثرة فارغة مع ممرضيهم ، عوضا عن كشفهم على مرضاهم الذين يكتفون بالنظر إليهم بطرف كله ازدراء و استخفاف .
ما أشفقني حقا على مثل هذه العقليات ، التي يحجب عنها الطمع إبصار نور الحقيقة ، و الدفاع عن قيم الإنسانية الحقة بالتزام نقطة الحياد و الموضوعية ، فالصديقة جهاد البريكي أفضت بما لديها من غضب ، و هي توجه كلمات العتاب لكل من يستقوى في نظرها على الطبيب ، الذي تحسبه ضحية سياسة المطرقة و السندان ، في تبريرها الشديد لجميع سلوكياته المشينة بأنها تحصيل حاصل ، لمجرد أنها ليست قنوعة بالأجرة التي يتقاضاها الطبيب .
و لعل رائحة الجشع ، بدت فواحة من السطور الأولى للمقال ، في محاولة يائسة منها بوضع مقارنة بين راتب البرلماني و الطبيب ، هذا و إن لم تصرح عنه بشكل ملحوظ ، لكنه جد ظاهر بحكم سيادة منطق الأنا في سطور مقالها . و من هذا المنطلق ، أرغب في طرحي سؤالا على الطبيبة جهاد لبريكي ، ما إن كانت تعتقد فعلا بأن الأجرة التي يتلقاها زملاءها عند نهاية كل شهر ، هي في واقع أمرها زهيدة كما تدعي و تجعل الطبيب في طبقة الفقراء المحتاجين ، أم هو الطمع و شهوة الكلام فقط ما أجبرها على الكتابة بهذا النحو .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.