يدل استقراء التاريخ أنه، عندما نمارس أي سلطة كيف ما كانت طبيعتها، بمنطق الترصد والتربص والكيد والانتقام، بعيدا عن روح العدل والإنصاف، ونقرن ذلك بنوع من الغرور والاستعلاء. وعندما نصم آذاننا عن الإنصات لمنطق الواقع وروح النصيحة والمحافظة على المكتسبات، و نتوهم القدرة على تحصين أنفسنا من خلال التعسف في تأويل القانون، والالتفاف على المساطر؛وعندما نعطي الانطباع ،من خلال ذلك، بأننا نتصرف تصرف المراهق المتحلل من الرقابة المحرجة والتوجيه المتزن، والمنتشي بحريته واستقلاليته. عندما نتمادى في كل ما سبق، وبطريقة تؤكد على هذا الانتشاء الذي يحجب قدرتنا على الإنصات إلا لما استكنا إليه صوابا؛ فإن ذلك يؤول بنا حتما إلى اللامعقول؛ ويضحي مؤذنا بما لا تحمد عقباه ولو بعد حين؛ ولن ينفع، في هذه ا لحالة، سوى أوبة صادقة للصواب والعدل، واستحضار ما نطقت به الحكمة يوما: "لا يستطيع رجل صادق أن يشعر بأي نوع من أنواع المتعة في ممارسة السلطة على المواطنين".