تزايدت الضغوطات على رئيس الحكومة المعين عبد الإله ابن كيران من أجل التخلي عن حزب الاستقلال من المشاركة في الحكومة المكلف بتشكيلها، آخر الضغوط جاءت من جمهورية موريتانيا التي عبر مسؤولوها عن رفضهم وجود حزب الاستقلال في الحكومة بسبب أزمة التصريحات. صحيفة "عربي21" اللندنية كشفت عن مصدر رفيع، أن الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز عبر عن انزعاجه من احتمال تقلد حزب الاستقلال مناصب في الحكومة المقبلة. وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عنه هويته، أن المسؤولين الموريتانيين أعربوا لرئيس الحكومة المغربية أن وجود حزب الاستقلال في الحكومة سيكون بمثابة "استفزاز للشعب الموريتاني". وتابع المصدر، أن هذا الانزعاج راجع إلى التصريحات الأخيرة التي قال فيها الأمين العام لحزب الاستقلال، حميد شباط، إن موريتانيا كانت سابقا "أرضا مغربية". ويأتي هذا المعطى الجديد لينضاف، بحسب مراقبين، إلى العديد من العراقيل التي باتت توضع أمام حزب الاستقلال لإفشال تحالفه مع حزب العدالة والتنمية الفائز في انتخابات 7 أكتوبر الماضي، والذي كلف بإنشاء الحكومة الجديدة. وأضاف المراقبون أن من بين هذه العراقيل "تعنت الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار، عزيز أخنوش، القبول بالدخول إلى الحكومة المقبلة مادام حزب العدالة والتنمية متشبث بالتحالف مع حزب الاستقلال، الأمر الذي يجعل من حزب رئيس الحكومة المعين، عبد الإله بن كيران في حرج كبير، خصوصا بعد صدور البلاغ الملكي الذي أعرب خلاله العاهل المغربي، محمد السادس، عن رغبته في تشكيل الحكومة في أقرب الآجال". وأعلن عدد من مسؤولي وقياديي حزب الاستقلال، الخميس، أن الأمين العام للحزب، حميد شباط، "أثبت أنه غير مؤهل ولا قادر على مواصلة تحمل مسؤولية الأمانة العامة لحزب الاستقلال"، وذلك في عريضة للإطاحة بشباط من على رأس الحزب، بسبب تصريحاته حول موريتانيا. ووقع العريضة 38 قياديا بالحزب، على رأسهم الأمينين العامين السابقين لحزب الاستقلال امحمد بوستة وعباس الفاسي، وكذا عبد الكريم غلاب، وامحمد الخليفة، وأعضاء قياديين آخرين من اللجنة التنفيذية السابقين والحاليين ومسؤولين حزبيين آخرين. وفي رده على العريضة، قال الناطق الرسمي باسم حزب الاستقلال، عادل بنحمزة، إن قوانين الحزب لا تعترف بالعرائض، مشيرا إلى أن العريضة التي وقعها عدد من القياديين في الحزب لا تمثل سوى 38 شخصا، في حين أن عدد أعضاء المجلس الوطني يتجاوز 1000 عضو، حسب قوله. ووصف العريضة التي قادها بوستة والفاسي وقياديون آخرون في الحزب، للإطاحة بشباط من على رأس حزب الاستقلال، بأنها حملة ضد الحزب، معتبرا أنه من المؤسف أن تشارك فيها شخصيات محترمة ولها موقعها في الحزب، وفق تعبيره. وسيعقد حزب الاستقلال دورة استثنائية لمجلسه الوطني يوم غد السبت، ستخصص لمناقشة التطورات السياسية الراهنة، ومن المتوقع أن يتم الحديث عن الهجمة الشرسة التي يتعرض لها الحزب بعد التصريحات الأخيرة لأمينها العام حول موريتانيا، وكذا مناقشة تعثر تشكيل الحكومة، والعريضة المطالبة بالإطاحة بزعيم الحزب، حميد شباط من منصبه. وكان زعيم الحزب، حميد شباط، قال خلال لقاء داخلي نظمه الاتحاد العام للشغالين بالمغرب (الذراع النقابي للحزب)، السبت الماضي، إن "الانفصال الذي وقع عام 1959 خلق مشاكل للمغرب ومن ذلك تأسيس دولة موريتانيا رغم أن هذه الأراضي تبقى مغربية وأن كل المؤرخين يؤكدون على ذلك"، الأمر الذي أثار زوبعة من الانتقادات سواء من الأحزاب السياسية المغربية أو نظيرتها الموريتانية، كادت تؤدي إلى أزمة سياسية بين البلدين لولا تدخل العاهل المغربي، الملك محمد السادس، في آخر لحظة لدرء الصدع، بعد اتصال هاتفي جمع بينه وبين الرئيس الموريتاني، الثلاثاء، وسفر رئيس الحكومة المعين، عبد الإله بن كيران، لموريتانيا لتوضيح موقف المملكة. ولردء الصدع، اعتذر الأمين العام لحزب الاستقلال، حميد شباط، لموريتانيا رئيسا وحكومة وشعبا، عن تصريحاته، حيث نشرت صحيفة "العلم" (لسان الحزب) في افتتاحيتها لعددها الصادر، الخميس، نص الاعتذار، وجاء فيه: "إذا كان من اللازم الاعتذار للشعب الموريتاني لما قد يكون ترتب من سوء فهم تصريحات الأمين العام لحزب الاستقلال فإن الأمين العام وقيادات حزب الاستقلال لا تتردد في الاعتذار لموريتانيا الشقيقة رئيسا وحكومة وشعبا".