لقد مر الخطاب الإسلامي منذ بداية القرن العشرين من فترة تاريخية غير مستقرة سياسيا، واقتصاديا، واجتماعيا، وفكريا، الشيء الذي جعل من أهله التفكير في هندسته و تسخيره ليلائم الظروف الجديدة، وقد كانت المسألة الجامعة هي اعتماده الإيديولوجية في قراءته ليواكب المتغيرات الدولية، لكن المحير أنه لم يبلغ النضج الكافي في رسم معالم حضارية تشهد له، وحتى الآن تحاول بعض التيارات الإسلامية تجديده لخوض مواجهةِ إشكالية الحداثة والعولمة، ويحسن قبل أن أناقش هذا الموضوع أن أتوقف عند مفهوم الحداثة بين المنظورين الغربي والإسلامي، لأنها تحمل دلالات مختلفة عند كل واحد منهما. الحداثة في الحقل المعرفي العربي الإسلامي: من المثير للجدل أن نتصور الحداثة العربية الإسلامية، لأنها ارتبطت منذ نشأتها بظهور ملامح المجتمع الحديث المتميز بدرجة معينة من التقنية والعقلانية والتفتح، وبظهور المجتمع البرجوازي الغربي الحديث في إطار ما يسمى بالنهضة الأوروبية، هذه النهضة التي جعلت المجتمعات تحقق مستوى متقدم من التطور لتسهل عليها بسط قوتها على دول العالم الثالث. ففي الفكر العربي والإسلامي يمكن التمييز بين اتجاهين فكريين بخصوص النظر في موضوع الحداثة : الاتجاه الأول: يدعوا إلى استعمال اللفظ بقوة وتوظيفه في الدراسة والتحليل والنقد باعتباره اختيارا لغويا وفلسفيا وفنيا، مع الدعوة إلى إتباع النمط الغربي في مختلف المجالات، ويعد المفكر الجزائري محمد أركون من أهم أعلام هذا الاتجاه ويقول في هذا الصدد: (من الناحية المنهجية ليس لنا خيار، نحن مضطرون للبدء من الحداثة، للانطلاق من نقطة الحداثة، وليس من نقطة الماضي أو التراث، ينبغي تهذيب أنفوسنا وتدريبها على أن تتصرف بطريقة متسامحة، بطريقة منفتحة، بطريقة مرنة، أن نقبل شيئا أساسيا يعتبر من منجزات الحداثة العقلية، ألا وهو نسبية الحقيقة، ونسبة الحقيقة تتعارض جذريا مع مطلق الحقيقة أو الاعتقاد بوجود الحقيقة المطلقة ساد سابقا في كل الأوساط الدينية) ولا يخرج المفكر المصري ناصر حامد أبو زيد عن هذا السياق، فبحثه في التراث الإسلامي مستفزا للعقول ومحفزا للرد كقوله: (الخطاب الديني لا يستهدف الوعي بقدر ما يهدف إلى التشويش الأيدولوجي) ، ويؤكد أنه بذلك يمكن أن نجرّد التراث من أغلال الإديولوجيا التي كبلته بسبب الصراعات السياسية التي كانت بين المسلمين تاريخيا ويقول: (فلا شيء مكتمل لأنه لا شيء مغلق إلا عقول البعض منا) ، وكان يقول بعد أن ينتقد الاستخدامات النفعية لقراءة التراث بأن (ليس معنى ذلك أننا ندعو إلى الانقطاع الكامل عن منجزات التراث في اتجاهاته ذات الطابع التقدمي في سياقها التاريخي) فتعاطي أبو زيد مع التراث له سمة مميزة، يسعى لتخليصه عما يرى أنه التصق به من جراء الصراعات الإيديولوجية وذلك بقراءة التراث بمنهج تأويلي، لذا يشن أبو زيد نقداً لاذعاً للقراءات السائدة للتراث ، لأنها لا تراعي التجديد، وعلى ضوء ذلك يصنف أبو زيد قراءات التراث إلى عدة اتجاهات تمثل تيارات فكرية وإيديولوجية، يبسطها في كتابه (الخطاب والتأويل) تحت عنوان (إشكالية التراث في الوعي المعاصر). فعندما يتجاوز المفكرون العرب الموروث الحضاري، الذي يعبر عن الهوية الثقافية والفكرية والانفصال عن الموروث الثقافي الإسلامي حيث يطرحون الوجه الزائف لنظرية الأصالة والمعاصرة، وعن هذا الموضوع يقول الدكتور سعيد شبار: (والواقع أن حقيقة الحداثة ليست حديثة أو جديدة في تاريخ الإنسان كما يتوهم بعض الناس، إن معظم .. التصورات والأفكار والمبادئ التي تحملها الحداثة قديمة في التاريخ البشري قدم الإنسان... وفي جملة إن الحداثة اليوم كما يمثلها دعاة التغريب في الفكر العربي المعاصر تمثل الصورة المنحرفة لسعي الإنسان إلى الجديد، أضيف إلى هذا أن النقد المتوجه إلى الحداثة في صيغتها الحالية هو متوجه أساسا إلى مضمونها الغربي الحامل لقيم التبعية والاستلاب والاغتراب وتحرير للمصطلح في حد ذاته من الارتهان لآخر...) الاتجاه الثاني: يقف موقف النقد والمراجعة لكل ما هو مرتبط بالغرب أو الأطروحات العربية المتخفية في زي غربي، والمبدأ الذي يقوم عليه هذا الاتجاه هو الوقوف على الحضارة الذاتية أولا لفهم الهوية ثم الانفتاح على الآخر شريطة عدم الذوبان فيه. يقول الدكتور سعيد شبار: (قد لا يكون هناك فرق كبير بين هذا الاتجاه في الفكر العربي والإسلامي المعاصر وبين نظيره في الفكر الغربي من حيث نقد توجهات الحداثة السلبية في الغرب أو خارجه، لكن الفرق الأساس والمهم بين الطرفين هو كون نقاد الحداثة في الفكر الغربي ينتقدون من داخل المركزية الغربية ويحيلون على مرجعيتها النهضوية القديمة أو الحديثة، أي يربطونها بأصول وجذور تنتمي لنفس المسار التاريخي للثقافة الغربية، بينما يدعو الاتجاه النقدي في الفكر العربي المعاصر إلى إعادة ربط الحداثة بمرجعية وأصول أخرى والدعوة إلى مركزيته، وهذا هو الفارق الجوهري أيضا بين هذا الاتجاه وبين سابقه داخل نفس الحقل الثقافي العربي الإسلامي) ويذهب أصحاب هذا الاتجاه إلى أن فلسفة الحداثة تقوم على ثلاث أسس: الأساس الأول: التحديث modernisation)): وهي رؤية وبرنامجا لتغيير العالم ويطلق عليها عبد الوهاب المسيري بالعقلانية المادية، وتنطوي على تناقضات أساسية، فهي تؤمن بوجود الكل المادي الثابت المتجاوز ذي الهدف والغاية، بكل ما تحتويه العبارة من تناقض وتأرجح بين الإيمان بمركزية الإنسان في الطبيعة والإيمان بأسبقية الطبيعة على الإنسان. الأساس الثاني: مرحلة الحداثة: فهي المرحلة العبثية، فقد اكتشف الإنسان استحالة تحقيق المشروع التحديثي، فما قد تحقق منه قد أدى إلى ضمور الإنسان وهنا ظهر تيار ما يسمى باللاعقلانية المادية ومن أهم خصائصها الإيديولوجيا: 1- الاعتماد على قدرات العلم والعقل الإنساني بهدف معالجة الأمراض الاجتماعية. 2- التأكيد على مفاهيم من قبيل التقدم، والطبيعة، والتجارب المباشرة. 3- المعارضة الواضحة للخطاب الدعوي وكل ما يرتبط بالدين. 4- تعظيم المادة وعدم الإيمان بالنص الشرعي. 5- في المجال السياسي، كان هناك الدفاع عن الحقوق الطبيعية الإنسانية بواسطة حكومة القانون، ونظام الحيلولة دون سوء الاستفادة من السلطة. 6- الاتكاء بشكل أساسي على المنهج التجريبي والحسي قبالَ المنهج القياسي والفلسفي. الأساس الثالث: مرحلة مابعد الحداثة: وهو ترجمة لمصطلح post-modernisme وهي المرحلة البرغماتية أي مرحلة التفكيك مع فشل المشروع التحديثي، وتمتد من سنة 1970 إلى سنة 1990، وتقوم بتفكيك الإنسان، كما أنها منهج لقراءة النصوص يستند إلى هذه الفلسفة، ويصف عبد الوهاب المسيري هذه المرحلة بنعوت شتى من قبيل: المرحلة الاستهلاكية، الفردوسية، البرغماتية، اللاعقلانية، المادية، المادية الجديدة... ففي مرحلة ما بعد الحداثة يظهر اللعب بديلا عن التحكم، والانزلاق والرقص بديلا عن التخطيط. وأما الفيلسوف المغربي طه عبد الرحمان فله وجهة نظر أخرى في هذا الموضوع ولقد صاغه في كتابه الشهير: (سؤال الأخلاق مساهمة في النقد الأخلاقي للحداثة الغربية) ملاحظات في الموضوع: 1 إن المتأمل في الخطاب الدعوي المعاصر وفي علاقته بالخطاب الحداثي سيجد أن هناك نوع من العداء والإقصاء لممثلي الفكر الحداثي وإلى كل ما يمثل الإسلام، فأغلبهم ينظر إلى الدين على أساس أنه رمز للتخلف. 2 كلما توغلت في قراءة بعض النماذج، من الخطاب الدعوي في تناولها لبعض القضايا الفكرية المعاصرة أكون أمام بنية فكرية متعصبة لكل ما هو حديث، في حين نجد الخطاب الديني يعلمنا أن نأسس لفكر نقدي، وأن يكون لدينا العقل التحليلي لكل ما جديد، والمساهمة في إيجاد الحلول للإنسانية. 3 الحداثة ليست شرا في مجملها فبتوجيه الخطاب الدعوي نحو المقاصدية، تستطيع الأمة أن تسترد موقعها الحضاري، والنهوض بواجبها الشرعي في الشهادة على سائر الأمم، وتقدر الأولويات ومراعاة الحال. 4 الهجوم القاسي من طرف مفكري العالم العربي والإسلامي على التراث الديني، يشوبه اللا عدل، وغياب الحياد، يتهمون الخطاب الدعوي بالأدلجة والتعصب والتخلف، في حين خطابهم ونقدهم يعتبر ظلما للنصوص الشرعية كما يفعل أركون ومحمد شحرور وناصر أبوزيد وغيرهم. الخطاب الدعوي المعاصر واقع وآفاق: يعتبر الخطاب الدعوي مجرد اجتهادات بشرية لمجتهدي الأمة، من الفقهاء، والمفكرين ،والمثقفين، وهذا يعني أن الخطاب الدعوي يعرف تنوعا مهما لتنوع صانعيه، فكلمة الفقيه ليست كمحاضرة المفكر، وحجج المناظر، ليست كرقائق الواعظ والمرشد، فهذا التنوع يعتبر من صميم الثقافة الإسلامية، فعندما نتوقف ونتأمل في مضمون الخطاب المعاصر لا يفوتنا أن نسجل مجموعة من الملاحظات وسوف أسوقها كالتالي: أولا: غياب الشمولية : إن ما يميز الإسلام أنه دين يمتاز بالشمولية لكل مناحي الحياة، فما من صغيرة ولا كبيرة إلا وتناولها الإسلام، وعبر عن ذلك اليهودي الذي قال لسلمان الفارسي رضي الله عنه: (قد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراء، قال: فقال: أجل) ولا مانع من التخصص في الخطاب الإسلامي، وقد جاء هذا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم : (اعملوا فكل ميسر لما خلق له) ، لكن الخطأ كل الخطأ أن يفتح الطريق أمام من يُسر له شيء من وسائل الخطاب ويُغلق أمام آخر، بمعنى أن يُعرض الإسلام مبتوراً مضخماً بعض جوانبه دون بعض، وهذا يضر كثيراً، فالإسلام دين الله الكامل الشامل لكل جوانب الحياة، يقول الله عز وجل (اليوم أكملت لكم دينكم)، فبعض الدعاة مع كامل الأسف تغيب عن فكرهم النظرة الشمولية التكاملية للدين، فنجد من يغلب الجانب الروحي عن المادة أو العكس صحيح. ثانيا: الجمود في الوسائل: إن هناك كثيراً من القائمين على الخطاب الدعوي لا يحسنون التعامل مع الآليات الجديدة للتواصل مع الناس، وقد أثبتت هذه الوسائل العصرية الجديدة فائدتها الكبرى في هذا الباب، لكن القصور في فهم عملية التسخير ( وسخرنا لكم ما في الأرض ) يجعل من بعض الدعاة سامحهم الله يتخذون من التكنولوجيا موقفا عدائيا، ومن كل ما آت من الحضارة الغربية وإن تستفيد منه الأمة. ثالثا: عدم التوازن بين أنواع الخطاب: فهناك من يكثر من الخطاب العاطفي ويغفل الخطاب العقلي، والفكري، والثقافي، فتجده يحصر الإسلام والدعوة إليه في قضايا العاطفة التي تسمى بالترغيب والترهيب، وبعضهم يقتصر على الترغيب فقط، فيؤدي هذا إلى بتر الشخصية الإسلامية، وتضررها من عدم التوازن المطلوب في الخطاب، ومنهم من يأخذ بالخطاب السياسي فقط ويمارس العلمانية بدون وعي، أو يركز على الخطاب الثقافي والفكري دون الغداء الروحي، ففي غياب خطاب متوازن ومعتدل يظهر الفكر المتطرف الذي ينسب للفكر الإسلامي وما هو منه، لهذا لابد من تأسيس الخطاب الدعوي المعتدل الذي يجمع بين الروح والمادة. رابعا: ضعف المنهج العلمي في البحث: إن المتأمل في الخطاب الدعوي المعاصر سيجد أنه يفتقر للمنهج العلمي، فنأخذ على سبيل المثال: بعض الدعاة يتكلمون في واد وقضايا الأمة في واد، كمن يفتي الناس هل الجن ذكر أو أنثى؟ والأمة غارقة في الأمية والجهل ولا تستطيع أن تحقق الاكتفاء الذاتي في قوت يومها، ويتمثل الضعف المنهجي للأمة في الجوانب الآتية: - الخلط بين ما هو صحيح وموضوع في التراث الإسلامي. - إشاعة الثقافة الانتقائية في التعامل مع النصوص الشرعية في صفوف بعض الدعاة. - غياب الفكر المقاصدي عند بعض الفقهاء وعدم التمييز بين الفتاوى العامة والخاصة. - جهل بعض الدعاة بأهمية العلوم الإنسانية في خدمة التراث الإسلامي. - حصر التراث الإسلامي في دائرة الحلال والحرام، وغياب البعد الجوهري للنصوص الشرعية. هيمنة الخطاب التقليدي على البرامج الدعوية، مما يشعر المتلقي بالروتين والملل، وهذا يعطي صورة سلبية عن الرسالة. خامسا: التعصب الشديد للرأي والمذهب: فما ذهب إليه أهل المذهب فهو الصحيح، وما عليه الآخرون من مخالفي رأي المذهب فهو الباطل الداعي للفتنة، ومن أخذ به فهو ضال مبتدع، وهذا هو سبب العداوات ومفسد المجتمعات. فالأمة في حاجة ماسة لتشكيل الوعي الجمعي الذي يقود الأمة لتحقيق مقصد الشهادة على كافة الناس. دواعي التجديد في الخطاب الإسلامي : فمن الضروري أن يعاد النظر في الخطاب الدعوي المعاصر يقول الله عز وجل: (فأماته الله مئة عام ثم بعثه) وقال الله عز وجل: (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت، بلى وعدا عليه حقا ولكن أكثر الناس لا يعلمون) فالبعث هنا كما يقول الشيخ فريد الأنصاري رحمه الله (فعل قدري تكويني يرجع إلى إرادة الله جل وعلا بإحياء الميت، وتجديد الحياة فيه، ليخرج من عالم الفناء إلى عالم البقاء، أو من دائرة العدم إلى دائرة الوجود) ، فحتى يحقق الخطاب الدعوي المعاصر المقصد الدعوي فلابد من تجديد آليات الإقناع، ولا يكون الخطاب مملا وروتينيا، ويأتي مفهوم البعث في القرآن أيضا بمعنى الإرسال وهو تكليف الرسل بوظيفة البلاغ، كما قال الله تعالى:( وما ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا) وقوله تعالى: ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) ، يقول الشيخ فريد الأنصاري رحمه الله: (فالبعث هنا يرجع إلى معنى تكليفي) وفي قضية التجديد هذه أذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها) والتجديد يكون جذريا وشاملا سواء قام به فرد معين أو جماعة ما، لأن الخلاف في تأويل معنى لفظ (من) هل هو دال على المفرد أم الجمع؟ ولقد رجح الشيخ فريد الأنصاري رحمه الله أنه آئل إلى الجمع، حتى ولو حمل على المفرد، وما يزيد من تأكيد هذا القول الحركة التجديدية التي شهدتها الأمة الإسلامية، من ظهور مجموعة الدعاة الذين كان لهم وقع كبير على الناس، حيث كان أهل الدعوة في القرون الأولى يملكون من آليات الإقناع، ما لا نملكه في واقعنا المعاصر، فقد حدد العلماء هذه الفترات بالتركيز على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خير القرون قرني ثم الذين يلونهم تم الذين يلونهم ثم يجيء قوم تسبق شهادة أحد يمينه، ويمينه شهادته)، قال الإمام النووي رحمه الله: الصحيح أن قرنه صلى الله عليه وسلم والصحابة والثاني التابعون. وهنا أود أن أطرح تساؤلي التالي لماذا استطاع المتقدمون أن يخلقوا خطابا مقنعا ساهم في بناء الأمة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا وحضاريا، رغم قلة الإمكانيات ؟ خلاصات واستنتاجات حتى يحقق الخطاب الدعوي المعاصر مقاصده ويواكب الخطاب الحداثي لابد من إعادة النظر في مكوناته وإعادة دراسة التراث الإسلامي من أجل الارتقاء به نحو الأفضل لهذا لابد من: 1 مراعاة الفهم المقاصدي للنصوص الشرعية، وفقه الأولويات لتحديد خارطة الطريق لمعالجة مشاكل الأمة، من ثم نتمكن من فقه وفهم الواقع، وعدم الجمود على ظاهر النصوص. 2 الشمولية والعالمية في الخطاب الدعوي فكرة أساسية في تبليغ الدعوى، وهذا يدل على أن الخطاب الإسلامي يتجاوز كل الخطابات الحداثية، بمعني أن الإسلام دين عالمي ، يقول الله تعالى: ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته )، قال القرطبي رحمه الله ( قال ابن عباس : المعنى بلغ جميع ما أنزل إليك من ربك، فإن كتمت شيئا منه فما بلغت رسالته، وهذا تأديب للنبي صلى الله عليه وسلم، وتأديب لحملة العلم من أمته ألا يكتموا شيئا من أمر شريعته). 3 الحوار الهادف والمبدئية الناجحة، فمتى تحلت الأمة بروح الحوار انعدمت الفرقة والعصبية التي تقتل روح التعاون والتآخي بين الشعوب، فأزمة الأمة اليوم تكمن في غياب ثقافة (وتعاونوا على البر والتقوى) ، فالحوار هو السبيل الأمثل لحل المشكلات الحضارية، باعتباره الطريق الشرعي والمنهج الذي تتقبله العقول للوصول إلي ما يرضي الأطراف المتحاورة، ولنا في السلف الصالح خير مثال في ضرب النموذج الأمثل للحوار، فعندما يختلفوا في نازلة أو فكرة معينة يعرضونها للنقاش وفي الأخير تنتصر المصلحة العامة للأمة. 4 وضع حركة النهضة للأمة في سياقها التاريخي من أجل استيعاب الحاضر وتجاوز مشكلاته، وبناء المستقبل الذي لا ينفك عن تاريخ الأمة. 5 تحديد دور الحداثة في تجاوز ثقافة الصراع القائمة بين فكرتين الأصالة والمعاصرة، لأن الواقع يفرض على الأمة تكيف النص الشرعي مع الواقع وجعل الخطاب الدعوي يجيب عن إشكالات الواقع. 6 تجاوز ثقافة الإحباط وغرس القيم الايجابية في شباب الأمة فلن يصلح حالها بمرض قواعدها، فمع كامل الأسف شباب الأمة يعيش حالة من الاستلاب الحضاري والنفور من القيم الايجابية. وفي الختام أسأل الله التوفيق والسداد والإخلاص في القول والعمل. 1: كتاب الحداثة في التداول الثقافي العربي الإسلامي نحو إعادة بناء المفهوم للدكتور سعيد شبار (بتصرف). 2: محمد أركون: الإسلام والحداثة، (ندوة مواقف ) دار الساقي ط1 1990 ص362 3: راجع نقد الخطاب الديني 4: الخطاب والتأويل ص 186. 5: نفد الخطاب الديني ص204 6: الحداثة في التداول الثقافي العربي الإسلامي، للدكتور سعيد شبار منشورات الزمن العدد 36، ص 63.64 7: الحداثة في التداول الثقافي العربي الإسلامي، د سعيد شبار ص 64 65. 8: انظر المرجع السابق للدكتور سعيد شبار. 9:عبد الوهاب المسيري، مابعد الحداثة ج2 ص627 10: أخرجه الإمام مسلم 11: أخرجه الإمام البخاري. 12: البقرة 259 13: النحل 38 14:الفطرية للدكتور فريد الأنصاري رحمه الله ص 64. 15: القصص 59 16: الإسراء 15 17: الفطرية 65 18: رواه أبود داود والحاكم والبيهقي، عن أبي هريرة مرفوعا. وصححه الألباني، رقم: 1874 في الجامع 19: سورة المائدة الآية 67. 20: سورة المائدة الآية 2.