طبيب، محامي، عسكري، صيدلاني، قاضي،برلماني، صحافي وغيرها من المهن التي يلجأ أصحابها إلى وضع ملصقات على الواجهات الأمامية لسياراتهم بغية تحديدها، فهل يتخذها البعض مطية ل"التهرب" من أداء الواجب على الطرقات، أم طريقة لإبراز المكانة الاجتماعية، أم أنها تجسيد لتخلف لطالما كشفته العبارة الشهيرة "واش اعرفتي مع من كتهضر"؟. "العمق" حاولت التطرق للموضوع، من مختلف جوانبه، لمعرفة أسبابه وتحليل أبعاده النفسية والإجتماعية، في ظل غياب قانون مؤطر لهذه الظاهرة. الإدريسي: لا قانون منظم في هذا الإطار، أكد المحامي بهيئة الرباط خالد الإدريسي، أنه ليس هناك أي قانون منظم للشارات التي توضع على الواجهات الأمامية السيارات، موضحا أنه "على سبيل المثال، في مهنة المحاماة ليس هناك أي قانون في المهنة ولا النظام الداخلي لهيئة المحامين بالرباط يؤطر هذه المسألة". وأضاف الإدريسي في تصريح للجريدة، أن تلك الملصقات "تبقى مجرد شارة تمنح لأي شخص يلتحق مثلا بمهنة المحاماة"، لافتا إلى أنه كانت "هناك قضايا لأشخاص ينتحلون صفة عبر وضع شارة بأنه محامي وهو غير ذلك، وتم إلقاء القبض عليهم بتهمة انتحال صفة". وأبرز المتحدث ذاته، أن "رجال الأمن تم منعهم مؤخرا من وضع شارات على السيارات، لتكون هناك سرية في حياتهم المهنية ولتتحقق المساواة بين المواطنين". واعتبر الإدريسي، أن وضع الشارات على الواجهات الأمامية للسيارات، "هي ظاهرة غير صحية، لكونها تستخدم بطريقة غير مشروعة، لافتا إلى أن المحامين مثلا، يضعونها في سياراتهم قصد التمكن من الدخول للأماكن الخاصة بالمحامين، والتي هي محرمة على باقي العموم، ولا تمنح لهم أي امتياز يذكر". النشناش: الأمر غير مقبول أخلاقيا إلى ذلك، أوضح الناشط الحقوقي محمد النشناش، أنه "منذ زمن نرى على الواجهات الأمامية للسيارات بعض الأشخاص من محامين وأطباء وبرلمانيين وغيرهم، أو من الشرفاء يضعون ملصقات رسمية على سياراتهم، وكذا شبه رسمية للراية المغربية باللونين الأخضر والأحمر، وهي أمور غير مقبولة". وأضاف النشناش في تصريح لجريدة "العمق"، أن "الناس يبحثون للتمييز بين المواطنين الذين هم متساوون في الحقوق والواجبات، والبعض يتخذه من أجل ابتزاز مثلا رجال الأمن"، لافتا إلى أن تلك الأمور "لا قانون ولا سند لها وأخلاقيا غير مقبولة، فالمواطنون متساوون في الحقوق، وهي مرفوضة ويجب أن تكون ممنوعة". بنزاكور: رغبة في الظهور والتعالي المختص في علم النفس الإجتماعي محسن بنزاكور، قال إنه في السابق، خاصة في الغرب، كان للملصقات التي توضع على واجهة السيارات، رسالة نبيلة، فالأطباء كان يفرض عليهم القانون الغربي تعليق ذلك الملصق في حال ما إذا تعرض شخص للخطر، ليتمكن من اللجوء إليهم بسرعة. وأضاف بنزاكور في تصريح لجريدة "العمق"، أن المسألة في المجتمع المغربي، لها معاني كثيرة، منها "حب الظهور، أو التهرب من أداء واجب معين، فبعض الأشخاص يتخذون مهنتهم أو انتسابهم لعائلة ما كوسيلة يتوسل بها لكي لا يؤدون الواجب، فتكون هناك علاقة غير متوازنة، فتؤخذ مطية للهروب من أداء واجبهم المستحق". ولفت المتحدث ذاته إلى أن "هناك مهن أخرى يضع أصحابها الملصق على سياراتهم كوسيلة للإشهار، وهنا تختلف الغايات، فإذا كان الغاية منها تقديم خدمة أو مسألة قانونية فهذا حق مضمون، أما إذا كانت مطية للتحايل على القانون فهو مرفوض لا يقبله العقل ولا القانون". وعن المواصفات النفسية للأشخاص الذين يضعون ملصقات على واجهة سياراتهم تظهر مهنتهم، قال بنزاكور، إن "شخصيتهم تكون مهتزة، ولهم إشكال على مستوى الثقة في النفس، بمعنى آخر لا يعرفون مواجهة مثلا أخطائهم التي ارتكبوها وتحمل مسؤولياتها". وتابع المختص في علم النفس الاجتماعي، أن نظرتهم للآخر تكون نظرة استعلاء و"هي مشكل كبير في المغرب، ففي الثقافة المغربية لا نرى أنها مسؤولية بل تشريف وبالتالي تعطينا في مخيلتنا الحق على حساب الآخر، الحق في أشياء لا يسمح بها لا العرف ولا القانون، كأنه يعتبر مهنته امتياز فوق العادة ووسيلة للتعالي ومكانة تفتح له المحرم قانونا وشرعا"، وفق تعبيره. الحموشي يمنع رجاله من وضع الشارات أكد مصدر أمني أن رجال الشرطة تم منعهم من وضع ملصقات تحدد مهنتهم على واجهات سياراتهم، لافتا إلى أن سيارات الأمن الرسمية تكون معروفة لكونها مصبوغة باللونين الأحمر والأخضر. وذكّر المصدر ذاته في اتصال مع جريدة "العمق"، بالدورية التي كانت المديرية العامة للأمن الوطني قد أصدرتها، بخصوص المنع من وضع تلك الشارات على الواجهات الأمامية للسيارات. وكانت المديرية العامة للأمن الوطني، قد أصدرت سابقا، مذكرة إدارية تلزم المنتسبين إلى أسلاك الشرطة، من نساء ورجال، بقيود صارمة تتعلق بمنع وضع شارات الأمن الوطني على زجاج الواقي الأمامي للسيارات الخاصة. توجيهات المديرية انصبت حول إبقاء رجال الأمن بعيدا عن الشبهات والمخاطر، حرصا على عملهم في إطار من السرية، لعدم استغلال معطياتهم الشخصية أو المهنية من قبل متطفلين أو مشبوهين.