إن العديد من المجتمعات ناضلت ولازالت تناضل من أجل أن ترتقي بنفسها إلى منصة الديمقراطية حيث العدل والكرامة وتوزيع الثروة… الخ ، كل ذلك لا يتأتى بالسهولة التي تتخيلونها ، لأن هناك جيل ضحى بمستقبله وبكل شئ ، في سبيل تثبيت دعائم الديمقراطية . لعل العديد من الشعوب في أمكنة وأزمنة مختلفة ناضلت وقاومت وصارعت كل الظروف والعراقيل والإكراهات لتصل إلى مؤسسات قوية مبنية على القانون وإحترام الحقوق ، مقابل العمل وأداء الواجب . كل هذا وذاك لا يأتي من فراغ ، بقدر ما يأتي من المصداقية في العمل والبناء والتأطير والتوجيه .. ، وهو المسار الحقيقي لتنمية الفكر والمجتمع .. ، الذي سيؤثر إيجابا على بقية المرافق والمؤسسات .. حينما نتحدث عن المصداقية في العمل السياسي على سبيل المثال ، ماذا سيكون إنطباعكم وردة فعلكم ؟ من الممكن أو الأكيد أن العديد منكم ستكون له إجابات غير راضية وغير مطمئنة عن الواقع السياسي بالمغرب ، لأن المجتمع والمواطن واعيان أشد الوعي قبل أي وقت مضى بأن زمن الخطابات السياسية الرنانة لم تعد تقنع أحدا ، بقدر ما تقنع المصداقية في العمل وعلى أرض الواقع . إن مواطن اليوم أعزائي القراء ، همه الوحيد والأخير هو تحسين ظروفه المعيشية من شغل وصحة وتعليم .. الخ ، فأي شئ خارج عن هذا الإطار فلا مجال فيه للمبررات الواهية التي مل منها الصغير والكبير . فالحديث عن تخليق الحياة السياسية وتشجيع الشباب على الإنخراط في العمل السياسي وإرجاع الثقة للمواطن في السياسة .. يحتاج من الفاعلين السياسيين والأحزاب السياسية ، الشجاعة للقطع مع الممارسات اللاقانونية واللاأخلاقية التي تغتصب وتعيق مسار الإنتقال الديمقراطي الحقيقي . ويبدو أن جل هذه النخب والأحزاب لازالت محتاجة أكثر لأخد الدروس من الديمقراطيات العالمية ، قصد تحسين صورتها بالداخل والخارج ، فمنها من يحاول بشكل محتشم ، ومنها من تتراجع مصداقيته ووزنه السياسي ليعود لحجمه الطبيعي ولنقطة الصفر . إنه الوعي المجتمعي الذي يخافه تجار وسماسرة السياسة من أن يتكون لدى المواطن ، ويعي دوره وحقوقه الأساسية ، التي تخول له معاقبة من يستهزئ ويستحمر عقول المواطنين داخل صناديق الإقتراع . فلا حديث عن المصداقية في غياب الثقة والموضوعية لان تحول المغرب الى مغرب جديد مرهون بمحاربة كل أوجه الفساد ، وتقليص الفوارق الإجتماعية ، وإزالة مظاهر الشطط في السلطة .. ليغدو وطننا أكثر تضامنا تسود فيه الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية .