كثيرا ما توجه لي مثل هذه الأسئلة، من أنت؟ ما توجهك الايديولوجي؟ أنت علماني أم إسلامي؟ فأنا بالنسبة للبعض غير مصنف باعتباري متعاطف مع حزب له مرجعية إسلامية و في الوقت نفسه أسلوبي في الحياة يميل إلى التحرر و بعض مقالاتي تنحو في هذا الإتجاه. نعم انا هكذا أؤمن بالحريات الفردية، و بالقدر نفسه بالالتزام الديني، ليس لذي فرق بين من يواظب على الصلاة و بين من لا يصلي أصلا، أؤمن بالحجاب، و النقاب، و التقصير، و أؤمن بالقدر نفسه بمن اختارت ترك شعرها عاريا، و ترتدي تنورة قصيرة أو لباس البحر، أحترم من اختارت العناق و القبل وسيلة للتوصل مع زميل في الدراسة أو العمل، و بالقدر نفسه من الاحترام لمن اختارت و قررت عدم مصافحة و محادثة الرجال، و أحترم من في الوسط بين هاتين يعني لابأس في الكلام و السلام "ويلا فتي معها هدشي تخلي دار بوك"، لا فرق عندي بين من اختار الزواج للاشباع العاطفي و الجنسي و بين من اختار التمرد و فضل العزوبية كنمط حياة. كل هذه الأمور من الشيء، و نقيضه جعلت الصورة عني ضبابية، عصية على الفهم، حتى أن صديق عزيز على قلبي و هو بالمناسبة متدين جدا قال لي ذات يوم أعذرني على و قاحتي أنت " إما دماغ إما شي منافق "!!!. أنا لا هذا و لا ذاك، أنا الحرية عندي شيء مقدس في التدين، و التحرر، وفي غيرهما، أنا في بحث مستمر عن الحقيقة بين العقل و النقل أو بالأحرى ما أعتبرها أنا حقيقة. تجدني في الصباح يقشعر بدني من سماع صوت عبد الباسط عبد الصمد، اتنقل بين أبواب البخاري و مسلم، اتدبر أسباب التنزيل، و شرح القرآن، و في المساء تجدني اتقلب بين أطروحات سبينوزا، و هيخل، كانط، و ديكارت و كل الفلاسفة بدون استثناء، تجدني أرقص على موسيقى " الشعبي " و " التكنو و الهاوس " واستمتع بحفلات tomorrow land . تجدني في غفلة من عقلي أمد يدي لمصافحة فتاة مظهرها الخارجي يوحي بأنها ملتزمة أنتظر لثوان، بدون رد أسحب يدي دون أن أحس بحرج، احيها بابتسامة أحترم اختيارها و انصرف. تجدني في مكان آخر أقبل الجنس اللطيف الذي ليس لذيه إشكال مع هذا الخيار و يعتبره شيء إنساني محض بعيدا عن " الأحاسيس " المرضية. كل شيء مسموح به في مائدتي الفكرية تجد كتب بن تيمية، و الغزالي، و ألبير كامو، وجون بول سارتر، أنظر للأمور من زاويتين من زاوية العقل أي التفكير العقلاني البحث، و من زاوية النقل أي من مفهوم الدين، أبحث عن صيغة للتوازن، أنجح في بعض الأحيان، و أفشل في الكثير منها. كل شيء في الحياة اخضعه لهذا المنطق إذا نجحت اتبناه كقناعة و إذا فشلت أتركه للمستقبل و يبقى البحث فيه و التساؤل حوله مفتوح. لكن بعيدا عن التنظير، أو لممارسة القليل من النقد الذاتى و لفضح لمن يشد انتباههم مصطلح فضيحة و لكشف الحقيقة لمن ارتقوا بمستوى تفكيرهم لفهم الواقع بدون مواد تجميل. (لكم الخيار بين الفضح و الفهم) أن في حياتي الشخصية لا أستطيع أن اكبح نفسي عن بعض الأمور التي في فعلها متعة، و لم أجد لها إجماع بين العقل و النقل، نعم هذه هي الحقيقة بدون خجل. و لكي اعفي الكثير منكم من جهد " النصيحة " صديقي هذا الذي حددثكم عنه يقول لي دائمآ لو كان الدين بالعقل لكان مسح تحت الخفين أولى من فوقهما، أشعر بالهدوء، أحس براحة التسليم الجميلة بعيدا عن عناء التساؤل، لكن ما هي إلا دقائق حتى اقصف صديقي هذا بوابل من رصاص الأسئلة، ألمح في نظراته مزيج بين العجز عن الإجابة و شعور بالشفقة على حالي من منظوره هو على الأقل، ينهض من الطاولة يهم بالرحيل قبل أن ينصرف أصر على تذكيره دائما بعد كل نقاش من هذا النوع، أن أذكره بالشهادتين لكي لا يذهب ظنه بي بعيدا أقولها له من أعماق قلبي و بدون تصنع لكن لدي الكثير، الكثير، الكثير، من الأسئلة. دمتم أوفياء للتساؤل