بينما تجري في مدينة الدارالبيضاء محاكمة نشطاء الحراك الشعبي في الريف، يتحرك نشطاء مغاربة في أوروبا من أجل التعريف بملفهم والدفاع عن الإفراج عنهم، وهو البرنامج الذي سطره هؤلاء النشطاء في اجتماع فرانكفورت الألمانية. وفي هذا الصدد، اجتمع في المدينة المذكورة نهاية الأسبوع الماضي ممثلو الكثير من لجان الدفاع عن معتقلي نشطاء الريف لتدارس أوضاع هذا الحراك. وشارك فيه ممثلون عن معظم الدول الأوروبية مثل إسبانيا وفرنسا وبلجيكا وهولندا وإيطاليا. وجاء في بيان اللقاء الذي وزعه النشطاء أمس الأربعاء توصيات شديدة اللهجة ضد الدولة المغربية من ضمنها الإدانة الشديدة لاعتقال نشطاء حراك الريف، وهو الاعتقال الذي يعتبرونه مخالفا لكل القوانين الدولية، ويحمّل النشطاء السلطات العليا في البلاد مسؤولية السلامة للنشطاء في السجن. كما طالب البيان بالإفراج الفوري عن المعتقلين وإسقاط التهم في حق هؤلاء النشطاء سواء داخل المغرب أو في الخارج. وكانت الدولة المغربية قد وجهت مذكرة اعتقال وتسليم الى سلطات هولندا لتسليمها بعض النشطاء. وسيعمل المشاركون في لقاء فرانكفورت على تشكيل لجنة دولية من أسماء وازنة في عالم السياسة والثقافة للتعريف بالنشطاء المعتقلين وبقضية الحراك الشعبي في الريف، علاوة على تنظيم مؤتمر في باريس من أجل تطوير آليات العمل للدفاع عن الحراك. وخصص البيان فقرة خاصة بالنشطاء الذين لجأوا الى مليلية المحتلة من الحسيمة وضواحيها هربا من الاعتقال في المغرب وكذلك الى دول أوروبا، حيث طالبوا من السلطات الإسبانية والأوروبية حمايتهم وعدم تسليمهم الى الدولة المغربية. وتقول فقرة البيان حول هذه النقطة «إثارة انتباه الى معاناة اللاجئين الحراكيين في مليلية أو غيرها، وتحميل السلطات الإسبانية والأوروبية مسؤولية حمايتهم». وعلاقة بهذه النقطة، فقد لجأ عدد من النشطاء الى أوروبا كما بقي البعض منهم في مليلية بعدما فشلوا في العبور الى إسبانيا. وتوجد مليلية على بعد مائة كلم من الحسيمة. وساهمت المتابعات ضد نشطاء الحراك الشعبي في الريف في ارتفاع طلبات اللجوء السياسي في إسبانيا وباقي الدول الأوروبية. ويشكل المهاجرون المغاربة المتحدرون من منطقة الريف نسبة هامة من الهجرة المغربية في أوروبا، ويتميزون بتلاحم في بعض القضايا بسبب الصعوبات السياسية التي شهدتها منطقة الريف منذ حرب محمد بن عبد الكريم الخطابي ضد الإسبان في العشرينيات من القرن الماضي ثم المواجهات التي وقعت بين الدولة المغربية والريف نهاية الخمسينيات وانتفاضة الخبز سنة 1984 ثم الحراك الشعبي الحالي. ونقل نشطاء الريف في أوروبا ملف الحراك الشعبي الى المؤسسات الأوروبية مثل البرلمان الأوروبي ونظموا عشرات التظاهرات في مختلف المدن الأوروبية الكبرى مثل مدريد وبرشلونة وبروكسيل وأمستردام وبرلين وجنيف ضمن أخرى. وتحول ملف التحرك الريفي في أوروبا الى قضية رئيسية في ملف الدبلوماسية والاستخبارات المغربية خلال السنة الأخيرة تحسبا لبعض الانعكاسات التي قد يحملها بعدما أبان النشطاء عن تحرك قوي في منطقة حساسة لمصالح المغرب.