يعاني عدد من الموظفين والمستخدمين القاطنين بحي سعيد حجي بمدينة سلا بشكل يومي منذ سنوات مع أزمة شبه غياب وسائل النقل العمومي نحو مدينة الرباط. وتبدأ أزمة سكان الحي صباح كل يوم، حين يخرجون من منازلهم قاصدين نقطة توقف سيارات الأجرة من الحجم الكبير (الطاكسيات)، متوجهين نحو عملهم بمدينة الرباط أو لقضاء حاجاتهم الإدارية. ويجد هؤلاء المواطنون أنفسهم في صف طويل بجانب مدارة سعيد حجي، ينتظرون أحد سائقي سيارات الأجرة لعله يغير رأيه ويقلّهم إلى مقصدهم، فأغلب سيارات الأجرة تفضل التوجه إلى "قواس القنيطرة" بدل الرباط، رغم قلة الركاب إلى هناك، غير أنهم يفضلون الطريق القصيرة. يأتي من حين لآخر بعض ممتهني النقل السري "الخطافة"، فيتسابق أغلبية المنتظرين نحوهم لعلهم يظفرون بمقعد داخل السيارة، يخرجهم من ضغط الانتظار، ويحميهم من عواقب التأخير عن العمل، وأيضا من التساقطات المطرية والبرد القارص خلال هذه الأيام. يركب 9 أشخاص رفقة السائق بسيارة النقل من نوع رونو "kangoo أو berlingo" التي يستعملها ممتهني النقل السري الذين أصبحوا معروفين وسط السكان وأصبح لهم زبناء خاصين، وبدورهم يدفعون إتاوة للوسيط المكلف بتنظيم سيارات الأجرة "الكورتي"، شخص واحد بجانب السائق، أربعة في المقاعد الخلفية أما الأربعة الآخرين فيركبون في صندوق السيارة الخلفي الذي جهزه صاحب السيارة بصناديق بلاستيكية يجلسون عليها غير أبهين بخطورة الأمر، مفكرين فقط في وصولهم إلى وجهتهم. وفي هذا السياق، قال أحد الركاب في حديث مع جريدة "العمق": "أنا قادم من جرسيف، جئت لاجتياز تدريب مهني بأحد الشركات بالرباط، كل يوم أعيش نفس المعاناة وأصل متأخرا إلى العمل، لاحظت أن لا أحد من السكان يحتج، الكل راض بالواقع". وفي نفس السياق عبرت سيدة عن أسفها لظروف التنقل اليومية التي يعيشونها، متسائلة: "أين الجهات الوصية على القطاع؟"، وأضافت قائلة: "يركب معنا من هنا مسئولين ورجال أمن ولا أحد يتكلم"، مؤكدة أن "أغلب من اختاروا السكن بالمنطقة قادمين من مدن أخرى يرضون بالواقع ولا أحد يتكلم". هذا ويفضل القليل من السكان انتظار حافلات النقل "الطوبيس" في جانب آخر من المدارة، والتي تستغرق أزيد من ساعة و 15 دقيقة لقطع المسافة بين سعيد حجي والرباط، يكون فيها أغلب الركاب واقفين وفي ازدحام مما قد يعرضهم للمضايقة والسرقة أحيانا. وفي سياق متصل، أوضح أحد سائقي الأجرة في تصريح لجريدة "العمق"، أن أصحاب سيارات الأجرة بدورهم يعانون من نقل الركاب إلى مدينة الرباط، نظرا لطول المسافة وازدحام حركة المرور في الفترة الصباحية والمسائية خاصة على مستوى قنطرة الحسن الثاني، التي تكلفهم أزيد من 15 دقيقة لقطعها. وفي السياق ذاته تساءل سائق آخر مستنكرا: "كيف يعقل أن يقبل السكان أن يركبوا كالسردين مع "الخطافة" مقابل 7 دراهم في الصباح حين الذهاب للرباط و10 دراهم مساء في وقت العودة من الرباط في حين أنفسهم يعطون سائقي سيارات الأجرة 5 دراهم فقط، وإن طلب الزيادة ولو بدرهم واحد يبلغون به"، وأضاف ساخطا: "أفضل عدم الاشتغال على أن أذهب بهم إلى الرباط". من جانبه، اعتبر الكاتب الجهوي لسيارات الأجرة بصنفيْها بالرباط أحمد المسوكر، أن "اختيار بعض سائقي "الطاكسيات" نقل المواطنين لجهات دون أخرى تصرف خارج عن القانون"، مؤكدا أن "سيارات الأجرة بصنفيْها ملزمة بنقل الناس إلى أي وجهة يريدونها ما دامت تدخل في مجال عملها". وأضاف المسوكر في تصريح لجريدة "العمق"، أنه في حالة وجود سيارات أجرة في عين المكان ترفض نقل المواطنين إلى وجهة معينة، مثل ما يقع بنقطة سعيد حجي ومناطق أخرى وجب على المواطنين التقدم بشكاية إلى مركز المراقبة والذي يوجد بجانب المحطة الطرقية بمدينة سلا. وأوضح المصدر ذاته أن الوسطاء (الكورتية) أصبحوا يسيطرون على الميدان ويقومون بتجاوزات غير قانونية من قبيل حصولهم على إتاوات من ممتهني النقل السري والتي تصل إلى 6 دراهم مقابل كل رحلة، مما يجعلهم لا يتدخلون في عملية تنظيم سيارات الأجرة وتحديد وجهتها بطريقة تخدم المواطنين الراغبين بالذهاب لجميع الجهات القريبة والبعيدة بشكل عادل.