حين قبلت "اسرائيل" عرض محمود عباس المشاركة في إطفاء حرائقها، فإنها لم تفتها الإشارة الماكرة الى انها في حاجة الى طائرات عملاقة، في إشارة الى ان رئيس السلطة الفلسطينية لا يملك في نهاية المطاف سوى خراطيم مياه، وقد قبلت عرضه لأن تلك الخراطيم هي بمتابة "غصن زيتون" أسود يرمز الى الاستسلام ستوظفه بخبث لا محالة عالميا كرمز لما يسمى ظلما واحتلالا ب"السلام الاسرائيلي". والرئيس عباس يعرف ان اسرائيل كعادتها ستبحث عن مشجب فلسطيني تعلق عليه حكومتها فشلها في تدبير تبعات الحرائق التي يمكن إدراجها ضمن الكوارث الطبيعية التي تحدث في كل مكان وزمان ولا تستنتي كل دولة كبر شأنها أم صغر. لكن لعبة "كبش الفداء" حيلة لجأت إليها الصهيونية منذ نشأة حركتها لأنها تملك ترسانة كاملة من التهم الجاهزة التي تقصف بها خصومها من قبيل معاداة السامية وذلك للتغطية آنذاك عن نواياها الاستيطانية والتي تم إنجازها بقوة الحديد والنار والنهب والابادة0 ولا شك انه لا يمكن أن ننتظر من اسرائيل وحلفائها ان يقوموا بجرد إحصائي لعدد الحرائق التي أشعلتها اسرائيل في منطقة الشرق الاوسط وفي أماكن متعددة من العالم0 وهناك أنظمة عربية تشن حربا بالوكالة ضد شعوب المنطقة من أجل شل حركتها وإفناء أجيال كاملة حتى تنطفئ جذوة المقاومة الشعبية التي بإمكانها لوحدها انتزاع الحرية والكرامة من أيدي المستبدين العرب، كما يمكنها زعزعة الكيان الصهيوني، وسيكون من باب الحمق ان نفترض ان الأنظمة العربية المتورطة حتى النخاع مع الحليف الاسرائيلي ستكون مصدر ازعاج ولو ضئيل ضد غطرسة الصهيونية0 وفي الوقت الذي تتهم فيه اسرائيل الفلسطينيين بتدبير الحرائق رغم أن النيران اكتسحت قرى فلسطينية علما أن نيران اسرائيل مستمرة في إحراق فلسطين وإبادة شعبها منذ إكثر من ستين سنة، وأمريكا ومعها الغرب وأنظمة عربية يتفرجون على الحرائق التي تشعلها إسرائيل ضد شعوب المنطقة0 ولعل محمود عباس أيضاً لم يتعب جراء الجهود التي يبذلها منذ سنوات من أجل "بناء الثقة" المزعومة مع المحتل الاسرائيلي، وهو في ذلك كمن يحاول الاطمئنان إلى جحر من الثعابين السامة، ففي الوقت الذي كانت خراطيم مياه عباس تساهم حسب إمكانياتها في إخماد الحرائق كان أعضاء في حكومة نتنياهو الفاشية يحرضون ضد الشعب الفلسطيني وينفثون سموم العنصرية مرة أخرى متحينين الفرصة من أجل إبادة المزيد من أبناء الشعب الفلسطيني الأبرياء والعزل بتهمة جاهزة انتزعوها من رماد الأزمة الحارقة الطارئة0 واتمنى من كل قلبي ان يعمل رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس كل مافي وسعه من جهود لإطفاء نيران الفرقة والخصومات و الانقسامات بين ابناء الشعب الفلسطيني الواحد لان الاتحاد قوة ضد المحتل الصهيوني لارض فلسطين.