دائما ما يتحفنا سكان الفضاء الأزرق بتقليعاتهم الجديدة مضحكة كانت أوحتى الحزينة، ما يصنف تحت طائلة ما يسمى ب "BUZZ"، التقليعة التي سأناقشها اليوم، والتي لا أعرف حقيقة كيف أصنفها؟ هي قانون ال "25 درهم" المتعلق بمخالفة عدم إستعمال ممر الراجلين أثناء عبور الشارع، حقيقة لا أعلم إن كان هذا الأمر مطبقا أصلا عند جيرننا المتقدمين عنا ب 50 سنة، على حد تقرير بعض المنظمات المختصة في هذا المجال، أم هوإجتهاد حكومي الغرض منه فقط هو إلهاء عامة الناس عن النقاش العمومي داخل المغرب. عندما نتابع كل تعليقات الفيسبوكيين المتهكمة منها وحتى الساخطة على هذا القانون، أجد أن بعضها يروم الصواب في بعض جوانبه؛ كتلك التي تطالب مثلا الحكومة بوضع ممر للراجلين بالشوارع لعدم وجوده أصلا وأخرى تطالب بإصلاح الطرق أولا بدل البحث عن تحسين حركة السير والجولان عند الراجلين، فيما طرف آخر يناشدون المسؤولين بتحرير الملك العمومي من المقاهي التي تسلط كراسيها على الأرصفة تاركتا الراجلين أنفسهم يسيرون في جنبات الطرقات متزاحمين مع السيارات ومختلف العربات ومعرضينهم لخطر الحوادث. لقد أخذ هذا القانون الذي يهم غالبية المغاربة الكثير من النقاش والتعليقات الساخرة فبعضها قال بأنه يجب وضع لوحات الترقيم للمواطنين حتى لا يهربوا من شرطة المرور، بينما البعض الأخر عقب بأنه يربح في اليوم أربعين درهم إذا أعطى للمخالفة 25 درهم ماذا يأكل هو وابناءه؟ بل وصل بالبعض التهكم إلى حد أن يطالب بأخد طاكسي للمرور بين ضفتي الشارع الشيء الذي سيكون أرخص بالنسبة له والعديد من التعليقات المغربية المعروفة بحسها الفكاهي "الشدان". لقد أخذ هذا القانون الذي لا أعرف متى تم المصادقة عليه؟ ولا ماهي أثره ولا مسببته؟ حيزا كبيرا من النقاش أينما حللت أو ارتحلت حتى أن بعض المنابر الإعلامية وفي غمرة ما يسمى ب "micro- trottoir" أخذ يسأل المواطنين عن ما إذا كان بإمكانهم دفع هذه الغرامة ليرد الجميع تقريبا بأنه لن يدفعها لأن أكثرهم وبكل بساطة لا يمتلك حتى قوت يومه "ما قدو فيل زادوه فيلة". إن مشاكل المغرب من بطالة وصحة لا يمكن أن تحل بمثل هذه القرارات البعيدة كل البعد عن المقاربة الاجتماعية التي يطالب بها المغاربة والتي من شأنها أن تحسن أحوالهم وتوفر لهم العيش الكريم، أم مثل هذه القوانين التي ربما تتبناها دول بلغت مبلغا من الترف في العيش وقادرة بلا شك على ضبطها من خلال توفير الشوارع أولا وكذلك ممرات للراجلين ثانيا، دون أن ننسى كاميرات المراقبة وكذلك محاربة الرشوة التي بلغت نسبا قياسية في ظل تردي الوضع الإجتماعي لدى فئة كبيرة من ساكنة هذا الوطن الحبيب . فبلد زهرة شبابه تروم الهروب نحو أوروبا "الحريك " وتموت فيه 15 إمرأة في تدافع من أجل قفة ب 150 درهم وهلم جرة من الأخبار التي تنفجر هنا وهناك دون أن يهتز جفن هذه الحكومة، التي أتت على أظهر من صوتوا عليها ويدفعون ضرائبها، ليس بحاجة إلى مثل هذا القانون الذي يجعل من وزرائنا أضحوكة في رأي عامة الشعب المغربي، لكن العيب كل العيب ليس في من صوتوا ولكن في من وضع فيهم المغاربة ثقتهم ليخرجوا في الأخير بحكومة ضد الإرادة الشعبية. إن الواقع الحالي للمغاربة والذي يعبرون عنه في كل مرة من خلال الخروج لشارع والمطالبة بحقوقهم المشروعة، التي كانت قد انطفأت شعلتها بوعود من هم في قمة هرم الحكومة اليوم بشعار "الإصلاح في ظل الاستقرار" وهلم جرة من الشعارات لم يكن من ضمنها أن نصل إلى تغريم المشات بهذا المبلغ، ومشروع البيجيدي الإجتماعي آنذاك لم يكن ليحمل مثل هذه الخزعبلات التي أصبحت تطل علينا بها حكومتنا العزيزة، وكأني بوطننا يسير بسرعتين "الفاهم يفهم" سرعة بطيئة في تشريح الواقع الاجتماعي وإيجاد حلول له وسرعة المشاريع العملاقة "TGV ومحطة نور" وأخير أقول لمن حملناهم مسؤولية تسيير الشأن العام إتقوا الله فينا يا حكومة "25 درهم" وإذا فرغت صناديقكم لا تملؤوها من جيوب المواطنين الضعفاء.