وصف رئيس مجلس النواب، لحبيب المالكي، قرار الرئيس الأمريكي الاعتراف بالقدس "عاصمة لإسرائيل"، بأنه قرار ظالم ضِدَّ القانون وضد العقل وضد المنطق وضد التاريخ وضد المستقبل، ويقَوِّضُ أُفُقَ السلام، ويهدفُ إِلى وَأْدِ الحَلِّ القائمِ على إِمكانيَّةِ وُجُودِ دَولَتَيْن، مشيرا إلى أن القرار "يُنْذِرُ بحالةِ حَرْبٍ سياسيةٍ ودبلوماسيةٍ لا أحد يعرفُ أو يُدْرِكُ مَداهَا". وقال المالكي في افتتاح أشغال قمة رؤساء البرلمانات العربية المنعقدة بالرباط لبحث قرار ترامب، اليوم الخميس، "إن التاريخُ علمنا للأَسف أَن الحُرُوبَ تبدأ بالاستفزاز، وبالقرارات التي تَنْقُصُها الحِكمةُ، وبالجُمُوحِ الشَّخصي، وبالخطوةِ التي تُوصَفُ عادةً بكونِها " خطوةً رمزيةً أومحدودةً " بينما تكون في حقيقتها وجوهرِها وأبعادِها خطواتٍ مُبَرْمَجَةً في استراتيجيةٍ مُتَكَتِّمَةٍ لها خرائِطُها وطُرُقُها وأهدافُها ورهاناتُها". وأضاف في كلمته التي ألقاها بقاعة المجلس أمام رؤساء البرلمانات العربية، أنَّ أَخْطَرَ ما في هذا القرارِ غَيْرِ محْسُوبِ العَواقِبِ، ليس فقط أَنه سَيُطْلِقُ أيدي الإِسرائيليين في نَهْبِ ومصادرةِ الأراضي الفلسطينية وإِقامة المزيد من المستوطناتِ عليها، وإنما هو قرارٌ يَحْلُمُ بأَن يُصَادِرَ حُلْمَ الفلسطينيين وحَقَّهُم في استقلالهم وبناءِ دولتهِم الوطنية وعاصمتُها القدس. وأشار إلى أن القرارٌ يُمْليهِ الإِحساسُ بالقُوةِ وليس الإِحساسُ بقُوةِ الحُجَّةِ وقوةِ الحَقّ، وهو ما يُنْذِرُ بحالةِ حَرْبٍ سياسيةٍ ودبلوماسيةٍ لا أحد يعرفُ أو يُدْرِكُ مَداهَا. ولا يبشِّرُ مطلقاً بأيِّ أفقٍ للسلامِ كما يزعمون، حسب قوله. وتابع قوله: "ذلك مَعْنَاهُ بكُلِّ بساطةٍ أن الولاياتالمتحدة الأَمريكية لنْ تَبقى – منذ اليوم، ومنذ هذا القرار بالذات – مؤهلةً لرعايةِ المفاوضاتِ بين أَطرافِ الصراع وحمايةِ وتوفيرِ متَطَلَّباتِ السلام وَشُرُوطِهِ". وأردف قائلا: "إن واجِبنا الأَخلاقي والسياسي كبرلمانيين، وكبرلمانيينَ عَرَب أَساساً، يُمْلي علينا أَن نكونَ في قَلْبِ هَذِهِ المعركةِ التي يَنْخَرِطُ فيها الآنَ عُقَلاءُ العَالَمِ وحكماؤُه وأحرارُه من أَجل حمايةِ الشرعيةِ والقانونِ الدَّوْليَيْن، ومنْ أجل اسْتِتْبَابِ السِّلْمِ العادِلِ المُنْصِفِ الشامل في الشرق الأَوسط، ومن أجل إِعَادةِ الحياةِ إلى مسلسل السلام الذي أعاقَتْهُ الغطرسةُ الإِسرائيلية وعطَّلَتْهُ إرادةُ إِسرائيل المُغْرِضَة التي تَرْفُضُ السلام وتَجِدُّ في الحدّ من أسبابِه وإِضعافِ آمالِه". وأوضح المالكي أن القرارَ الأمريكي الذي وَقَّعَهُ ترامب، "بَاتَ معزولاً سياسيّاً ودبلوماسيّاً وأَخلاقيّاً، ولن يكونَ له أَيُّ أَثَر قانوني، ولن يُغَيِّرَ من صِدْقيةِ وقوةِ وصلاحيةِ القانونِ الدولي في تَطَابُقِه مع الواقع التاريخي والواقع الملموس على الأَرض الذي تسعى إِسرائيل والولاياتُالمتحدةُ الأَمريكية إِلى تغييره قَسْراً وعُنْوَةً". واعتبر المتحدث أن "هناك عملٌ ينتظرُنا تَفْرضُه طبيعةُ مسؤولياتِنا البرلمانية في كل المواقع والمنتديات والمحافل التي نتحمل فيها المسؤوليةَ أو نتوفَّر فيها على تمثيلٍ أو حضور"، لافتا إلى أنه "لا يَنْبَغي أَنْ نَيْأَسَ من إِمكانياتِ عزلِ هذا القرار، والحَثِّ على تفادي تداعياتِه ومَخَاطِرِه، وحَمْلِ الإِدارةِ الأَمريكيةِ على التَّراجُع عَنْه". وختم المالكي كلمته بالقول: "لاَ يَنْبغي أن نتركَ إِخْوانَنا الفلسطينيين وحدَهم في هذه اللحظة المصيرية، ذلك لأنها ليست معركَتَهُم هُمْ وَحْدَهُم فقط. ونحن ندركُ جميعاً بأنه مثلما لا يمكن للفلسطينيين أن يكونوا فلسطينيِّينَ بدونِ أن يكونُوا عرباً، لا يمكن كذلك للعَرَبِ جميعاً أن يكونوا عَرَباً بدون أَنْ يكونُوا فلسطينيِّين. فَسَفينَتُنَا واحدة، ومَصيرُنا مشترك، ولا حاجةَ إلى أوهامٍ خادِعةٍ في علاقاتِ العرب بواقعهم الملموس وبوجودِهِم كأمةٍ عربيةٍ مؤمنةٍ بتاريخِها وينبغي أن تكون واثقةً من مستقبلِها، مُلْتحمةً كالبُنْيَانِ يَشُدُّ بعضُهُ بَعْضاً: كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مرْصُوص".