أثارت التصريحات والتصريحات المضادة التي صدرت عن رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش، ورئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، تساؤلات حول مستقبل تشكيل الحكومة، في ظل انعدام الثقة بين الطرفين، خصوصا بعد اتهام بنكيران لأخنوش بممارسة الابتزاز ووضع شروط لا يمكن أن يستجيب لها نظير مشاركته في الحكومة. ولم يتأخر رد أخنوش عن تصريحات بنكيران، حيث قال إنه تفاجأ، شأنه شأن جميع المعنيين بتصريحات رئيس الحكومة، بطريقة الخطاب الذي ينصب نحو الإلقاء بمسؤولية تأخر تشكيل التحالف الحكومي على أطراف أخرى، مضيفا أن التهجم بشكل "غير مسبوق على حزب حصل على 37 مقعدا حسب رئيس الحكومة، هو أمر غريب حقا" مضيفا "إذا كنا حزبا معطوبا بهذا الشكل وكان كلامنا مزعجا ولا يعجب، فلماذا ينتظرنا رئيس الحكومة لتشكيل تحالفه". ملاسنات لا تأثير لها وفي تعليقه على "ملاسنات" بنكيران وأخنوش، نفى المحلل السياسي عمر الشرقاوي أن يكون لهذه التصريحات تأثير على الترتيبات السياسية، مضيفا أن هناك حقيقة مؤكدة عمل الفاعلون السياسيون على ترسيخها، وهي أن مثل تلك التصريحات لا ترتب أي مسؤولية، وهناك تصريحات سابقة لشباط ولشكر في حق بنكيران وتصريحات من بنكيران ضد شباط ولشكر، غير أن كل ذلك أضحى من الماضي مع بداية تشكيل الحكومة الجديدة. وقلل الشرقاوي في تصريح لجريدة "العمق" من قيمة "السجال" بين أخنوش وبنكيران، معتبرا أنه لن يكون له تأثير سلبي على تشكيل الحكومة، مبرزا في السياق ذاته أنه في الأوضاع السياسية العادية فإن مثل ملاسنات أخنوش وبنكيران ينتظر أن يكون لها تأثير، ولكن في المغرب فإن الخطاب السياسي لا علاقة له بما سيرتبه السلوك السياسي، مشددا على أنه من الخطأ الجسيم أن يعتقد البعض أن تشكيل الحكومة مرتبط ببنكيران أو أخنوش لوحدهما. وأوضح الشرقاوي أن من يحدد مسارات التحالف غير مرتبط بشخصين، بل هناك مؤسسات تساهم أثناء تدخلها في تذويب كل تلك الخلافات، مبرزا أن السياق اليوم يتجه بسرعة نحو دفع المؤسسة الملكية للتدخل في موضوع تشكيل الحكومة، فالمؤسسة الملكية تتوفر على كل المبررات السياسية والدستورية للتدخل من أجل ضمان السير العادي للمؤسسات الدستورية. وأبرز أن عددا من المؤسسات متوقفة عن العمل أو تعمل خارج ولايتها بسبب تأخر تشكيل الحكومة وتعطل دور البرلمان، مشددا على أن الحكومة إذا لم تتشكل في غضون الأسبوعين المقبلين فإن تدخل الملك أضحى ضرورة ملحة لتجاوز حالة الانسداد السياسي لأن السير العادي لجزء كبير من مؤسسات الدولة مرتبط بتشكيل الحكومة. الحكومة ستتشكل وفي السياق ذاته، شدد المحلل السياسي عبد الرحيم العلام على أن تشكيل الحكومة سيتم بدون شك، لأن الذين في يدهم قرار تشكيلها يريدون دائما حكومة تلعب دورا لحماية السلطة وتُنسب لها الأخطاء، وأن حزب العدالة والتنمية هو من سيقود الحكومة المقبلة، لأن الدولة لا زالت في حاجة للحزب من أجل تمرير بعض المشاريع والقضايا. وأكد العلام في تصريح لجريدة "العمق" أن رد فعل أخنوش من تصريح بنكيران هو شيء عاد، لأنه لا يمكن أن يسكت عن تصريح قاس من طرف رئيس الحكومة في حق حزبه، مضيفا أن هذه الملاسنات بين الطرفين هي تشبه "دقة فيا دقة فيك عاد نتصالحو"، مشددا على أن تصريح أخنوش ضد بنكيران هو تصريح للدولة لأن أخنوش لا شيء، فهو فقط في هذه المرحلة ناطق باسم الدولة. وتابع قائلا إن المؤسسة الملكية توجد اليوم في قلب الأزمة لأنها تحولت لطرف وليس حكما، وأن تصريح بنكيران الذي قال فيه، موجها خطابه لأخنوش، أنه "رغم كونك تتوفر على المال ومسنود"، فإنه يقصد بالإسناد السلطة التي هي القصر، مضيفا أن الحكومة ستتشكل وسيكون ضمنها حزب من أحزاب الدولة، سواء تعلق الأمر بالأحرار أو الحركة الشعبية أو غيرهما من الأحزاب التي تمثل الدولة.