يزخر جنوب المغربالاقصى بعلماء وباحثين وأساتذة أجلاء من أبناء إقليم زاكورة الذين لهم دراية وخبربمجلات متنوعة :أدبيةوعلمية ودينية ،قدموا خدمات للوطن في تراب هذا الإقليم وغيره من باقي الأقاليم نحطالرحال في هذه السلسلة " 1″ رجال العلم والمعرفة "إقليم زاكورة". مع الرحالة الدرعي :محمدبن عبد السلام الناصري من أبناء القرن 18 م/12ه المسقط … والولادة محمد بن عبد السلام الناصري ولد سنة 1145ه،الموافق1732مبقرية تامگروت إقليم زاكورة،من أقاليمالجنوب بجهة درعة تافيلالتجنوب المغرب الأقصى شرقا . النسب… والحسب هو أبو عبد الله محمد بن عبد السلام بن محمد الكبير ابن الشيخ مَحمد بن ناصر الدرعي التامگروتي، من أسرة مشهورةبالعلموالمعرفة والعلوم الدينية. القيادة… والسيادة هو خاتمة الحفاظ ببلاد المغرب ومحدثوفقيه ،صاحب الرحلات والسفريات داخل المغرب وخارجه،لم يأتي من أل ناصر بزاوية تامكروت*إقليم زاكورة*من هو أعلم منه، كما يعتبر أخر كبار الزاوية الناصرية والطريقة الشاذلية، وصفه صاحب كتاب الأخضرالحياة ،"اجتمع للمترجم شتات العلم بمختلف شعبه وحمل علوم كثيرة". الاستفادة… والريادة في العلم تلقى التعليم الأولي بمسقط رأسه تامگروت، بالزاوية الناصرية فهي مجمع طلبة العلم، وملتقى العلماء1. خرج محمد في رحلته الأولى من مدينة زاكورة متجها الى مدينة فاس وكان ذلك سنة 1170ه/1757م عن عمر يناهز25 سنةلأخذ العلم عن مشايخها وعلمائها الأجلاء،وكان تعلمه كثيرا على يد أساتذة وعلماء مغاربة ،رغم رحلاته العلمية خارج تراب المغرب الأقصى لأخذ العلم عن علماء اخرين من المشرق وشمال افريقيا. ومن أهم أساتذته وشيوخه بالمغرب : **والده عبد السلام بن محمد الكبير ابن ناصر. **أبو يعقوب يوسف بن محمد الكبير. **أحمد بن محمد الورزازيالتطواني. **عبد الله محمد بن قاسم جسوس. ** ابن سودة. **محمد التودي. أماأهم أساتذته وشيوخه بالمشرق ** محمد مرتضى بن محمد الحسيني **لعلوي الزبيدي. **أبو العباس أحمد بن محمد الدردير المالكي **محمد بن علي الصبان الشافعي. **محمد بن محمد الأمير الكبير، صاحب المجموع ** محمد بن عبد الله المغربي **أبو بكر بن الحاج أحمد بن تامر المعروف بأگنون اخذ عن جل هؤلاء العلماء اجازات طويلة في مختلف العلوم هذه الرحلة العلمية ولدت لدى الطالب المتعلم الشغف الكبير بالكتب والتأليف، فقد جمع عدد كبير من الكتب والمؤلفات في مجالات علمية متنوعة هذا ماجعله مولعا بجمع النوادر والجواهر النادرة،من الكتب بعد البحث عنها أينما حلَّ وارتحل، في رحلته العلمية فإنه يبذل الغالي و النفيس في شرائها، أو طبعها وذلك بالنسخ اليدوي. وهذا التنوع والتوسع في الأخذ عن الأساتذة جعل الطالب المجد المجتهدوالباحث عن المعرفةيجمع شتات العلم بمختلف شُعبه، وفروعه . الرحلة… والإفادة تندرج رحلة محمد بن عبد السلام الناصري في باب الرحلات العلمية والدينية ،فرحلته رحلتان الى بلاد الحجاز الرحلةالصغرى و الرحلة الكبرى والتي وصفها عبد الرحمان الفاسي أنها تصنف ضمن كتب الرحلات الحجازية. لمحمد بن عبد السلام رحلتان الى بلاد المشرق أساسها الأول ديني تعبدي{أداء الفرض الخامس من فروض الإسلام إنه الحج } والثاني علمي تعلمي ،فدون فيهما الكتابان الرحلة الصغرى والرحلة الكبرى وهذا الأخير محط حديثنا في هذا المقال. إن صاحب الرحلة الناصرية جمع الفوائد والنوادر عبر هذا السفر الشاق في كتاب محقق ومطبوع اوسمه الرحالة الدرعي بالرحلة الناصرية الكبرى(1) هي أول رحلة شق بها طريقه للمشرق استمرت أربع سنوات ذهابا وإيابا ، بدأالتأليف فيها من جنوب المغرب الأقصى "جماعة تمكروت اقليم زاكورة"وصولا الى الحرمين الشريفين بالمملكة العربية السعودية. ان رحلة هذا العالم والمتعلم لم تكن رحلة انسان عادي بل هي رحلة باحث عن العلم ومنقب عن المعرفة ، فهي مليئة بالمفاجئات والمعلومات تصف وتتحدث عن الأماكن التي نزل بها والتقى بساكنيها أفرادا وجماعات،يأخذ من علمائها وشيوخها ويجيب عن اشكالات ومسائل تخص " النوازل الفقهية .." طرحت عليه وهو في طريقه لأداء فريضة الحج وبهذا وذاك وصف رحلته ب "ديوان علم وسمر " لم يجمع فيها غير اللؤلؤوالجواهرالحسان من معلومات مهمة تخص التصنيف في باب الرحلات المرافقة للرحالة في رحلته من المغرب الى المشرق "فاستوجبتأن تدعى نادرة الزمان وأعجوبة العصر والأوان ". إن رحلة محمد بنعبد السلام الكبرى مليئة بالمعلومات عن البلدان التي مرعليها وهو يصف مشاهدها من مياه ومراحل والفضلاء من أهل الفضل والجود علماء ونبلاء مستفيدا من علمهم ومفيدا عامة الناس من طلبة العلم والسائلين عن أمور دينهم ودنياهم من المقيمين والمسافرين معه . إن الرحالة لم يكتفي بالجانب العلمي أخذا وعطاء بل تعداهفي التعرف على مختلف المناطق بلدان وثقافة ومجتمعات التي نزل بها وهو في طريقه نحوالحجاز ، كما ان هذه الرحلة صلة وصل بين مغرب والمشرق جمع فيها عدد كبير من الكتب في مختلف الدول كتونس وليبيا ومصر وغيرها والتينزل في اسواقها وزار خزاناتها. فكان شغوفا بالبحث والتنقيب عنها فهو لايبالي بالتعب والإرهاق، في البحث عن الكنز المفقود من مخطوطات نادرة وكتب قيمة للرجوع بها الى مدينة زاكورة لتستقبلها احضان الزاوية الناصرية في مكتبتها الخاصة. لم يكتفي الناصري الدرعي بجمع الكتب والمخطوطات بل انتقل الى وصف الأماكن التي نزل بها وتلقى بأهلها على سبيل المثال لاالحصر وصف الكعبة من الداخل كأن القارئ يشاهدها من خلال قراءة كتابه الرحلة الكبرى فجميع المزارات التي نزل بها قدم لها وصفا دقيقا . إن رحلة محمد بن عبد السلام الناصري رحمه الله تتميز بسمتين: السمة الذاتية والسمة الموضوعية ، الذاتية استعرض حالته النفسية وعواطفه وانفعالاته تجاه المكان المقدس،أما السمة الموضوعية تجده يستعرض المعلومات والمعارف المتعلقة بالمكان1 كان لهذه الرحلات"دورا هام في الاتصال بين المغرب واخوانهم في البلاد الإسلامية بالمشرق ،الأمر الذي رسخت معه روابط اللغة والدين حتى بعد ان تبددت الوحدة السياسية " تعتبر رحلة محمد بن عبد السلام الناصري الى بلاد الحجاز من أهم الكتب التي تقدم لنا فوائد علمية من جوانب مختلفة ومتنوعة:اقتصادي ، واجتماعي ،وثقافي ،وبيبلوغرافي. – 1 -نقلا عن الندوة العلمية المنعقدة بزاكورة بتاريخ1437 ه الموافق2015 م تحت عنوان الرحلات الدرعية اللى الديار الحجازية ص 130 بتصريف – 2 – مقال "ادابالرحلات" حسين محمد فهيم -عالم المعرفة عدد 138 ص 199