دعت منظمة التجديد الطلابي، وزارة الداخلية إلى رفع يدها عن عملية انتقاء الطلبة للحصول على المنحة، واعتماد معايير أكثر شفافية ووضوحا، مطالبة أساتذة الجامعات إلى مراجعة الطرق التقليدية في التدريس، والانفتاح على الطرق الحديثة، مشددة على ضرورة "التراجع عن الأحادية والفوقية والارتجالية في تدبير ملف التعليم، والمسارعة إلى إشراك كل المكونات ذات العلاقة، وعلى رأسها المكون الطلابي في إصلاح المنظومة التعليمية". مزاجية أعوان السلطة وقالت المنظمة في تقرير لها حول الدخول الجامعي الحالي، قدمته في ندوة صحفية بالرباط، إن عملية انتقاء الطلبة الممنوحين تكتنفها عدد من الإشكالات، أبرزها الارتجالية وغياب معايير واضحة ودقيقة، معتبرة أن خضوع العملية للجان جهوية يثير عددا من الملاحظات، أهمها مزاجية أعوان السلطة في عملية الانتقاء، لافتة إلى أن وثيقة الدخل السنوي التي تدخل ضمن وثائق ملف طلب المنحة، تعتبر وثيقة غير معبرة عن الدخل الحقيقي خصوصا في القطاع غير المهيكل. وذكرت الهيئة الطلابية، أن الرأي العام صدم هذا الموسم حينما علم أن التلميذة صاحبة أعلى معدل في الباكالوريا للموسم المنصرم، إيمان الطويل، لم تحصل على المنحة، إلا بعد تدارك الوزارة الوصية للأمر في آخر المطاف، "يضاف إلى ذلك التأخر غير المعقول في استصدار منح الطلبة، فإلى حدود إعداد هذا التقرير لم يستفد من المنحة إلا الطلبة القدامى في سلك الإجازة، فيما لا يزال الطلبة الجدد بذات السلك وسلكي الماستر والدكتوراه لم يتوصلوا بالطور الأول من المنحة". وأضافت أن عدد الممنوحين حسب معطيات كشفت عنها كتابة الدولة المكلفة بالتعليم العالي والبحث العلمي مطلع شهر نونبر الجاري، بلغ 366 ألف و509 طالب ممنوح، بزيادة 36 ألف و509 طالب عن الموسم الماضي، وهو ما يشكل نسبة 40,7% من إجمالي عدد الطلبة البالغ 900 ألف طالب، وهي زيادة مهمة إلا أنها تبقى دون المأمول، مسجلة "المبادرة الإيجابية التي أقدم عليها مجلس جهة درعة تافيلالت بتعميم المنحة الجامعية على جميع طلبة المنطقة، ما يعطي فرصة لكافة الطلبة في المغرب للحصول على المنحة في حال ما اقتدت باقي الجهات بهذه المبادرة". التجديد الطلابي، أشارت في تقريرها إلى أن طرق التدريس ما زالت تقليدية تعتمد التلقين والاستظهار، نظرا للاكتظاظ الكبير الذي تشهده العديد من المؤسسات الجامعية، موضحة أن الموسم الجامعي الحالي لم يعرف أي جديد بخصوص مستوى التأطير البيداغوجي، "فرغم حديث الوزارة عن الرفع من عدد الأساتذة والمدرجات، إلا أن الاكتظاظ لا يزال هو العنوان الأبرز للدخول الجامعي، حيث لم تستطع بعض المدرجات ذات سعة 400 مقعد أن تستوعب طلبة فوج واحد وصل عدد في كثير من الأحيان إلى أزيد من 700 طالب (أكادير مثلا)، في عدد من الشعب". البحث العلمي وبخصوص وضعية البحث العلمي، أوضحت المنظمة الطلابية، أنه "يعيش هو الآخر واقعا غير متوازن ولا متكافئ بالجامعات المغربية، مذكرة بما سجلته في "تقرير المعرفة الجامعية بالمغرب 2014-2016" الذي أصدرته المنظمة السنة الماضية، استأثار كل من جامعة محمد الخامس وجامعة القاضي عياض ب80% من الأطاريح المناقشة على مستوى سلك الدكتوراة (60% بجامعة محمد الخامس، و20% بجامعة القاضي عياض، من أصل 2161 أطروحة مناقشة)، وهو ما يفسر حضور هاتين الجامعيتين في التقارير الدولية دون غيرهما رغم تراجع مراتبهما بشكل كبير ضمن هاته التقارير. وأضافت أن "وضعية اللاتكافؤ عرفها توزيع الأطاريح بين التخصصات في الثلاث سنوات الأخيرة، فحسب ذات التقرير احتلت أطاريح كليات الطب المرتبة الأولى ب1422 أطروحة (66%)، فيما احتلت العلوم الاقتصادية والقانونية المرتبة الثانية 713 أطروحة، ثم العلوم الحقة ب345 أطروحة، يليها الآداب واللسانيات 163 أطروحة، وأخيرا الدراسات الإسلامية والعلوم الشرعية ب95 أطروحة". ولفت تقرير الدخول الجامعي، إلى أن "هذا الواقع يسائل السياسات والميزانيات الهزيلة الموجهة للنهوض بالبحث العلمي، كما أن تقارير المجلس الأعلى للحسايات الأخيرة كلها تجمع على غياب استراتيجية خاصة بالبحث العلمي عند المؤسسات الجامعية". وسجل التقرير أن الدخول الجامعي انطلق هذه السنة وأعداد غفيرة من الطلبة من الحاصلين على الإجازة والماستر، لا يتوفرون على شواهد وكشوفات نقط تثبت ذلك، ما يحرمهم من الحق في الترشح لمباريات الماستر والدكتوراه، ومباريات الوظيفة العمومية، مشيرة إلى أن الأخطاء التي ترتكب في إدخال النقط إلى النظام المعلوماتي أو أخطاء الأساتذة في التصحيح في ظل غياب مسطرة واضحة للمطالبة بالاطلاع على أوراق الامتحان وإعادة تصحيحها، يجعل الطلبة رهيني مزاجية الإدارة ومدى استعدادها وقدرتها على حل المشكل. والأخطر من ذلكن تضيف التجديد الطلابي، "استمرار فضائح شراء النقط والشواهد، وهو ما تم رصده في تسجيل صوتي بجامعة المولى سليمان ببني ملال، يقدم أحد الأعوان وهو يتوسط لإحدى الطالبات رفقة والدها للزيادة في المعدل دون اجتياز الامتحان، وهي مؤشرات تسيء إلى سمعة الشهادة المغربية وإلى سمعة الإدارة الجامعية". توصيات التقرير الذي تضمن عدة محاور تتعلق بالواقع البيداغوجي والاجتماعي والعلمي والإداري والحقوقي بالجامعات، خلص إلى توصيات، دعت من خلالها المنظمة المذكورة إلى "فتح نقاش مجتمعي بخصوص القانون الإطار لإصلاح التعليم وإشراك المكونات الطلابية الجادة والمسؤولة في ذلك، والمسارعة إلى إنجاز التزامات الحكومة بخصوص تحسين وضعية التعليم في المغرب، خصوصا تلك المعلنة في حضرة المكونات الطلابية وعلى رأسها التزامات محضر الاتفاق مع تنسيقية طلبة الطب". ودعا التقرير الجامعات إلى "بلورة خطة واضحة ومستمرة لتوجيه الطلبة على المستوى البيداغوجي، وتفعيل مقتضيات التجسير بين المسالك بطريقة ميسرة"، مطالبة الحكومة والجامعات إلى الصرامة في متابعة نسبة التأطير البيداغوجي، وتحسين الظروف الكفيلة بتأطير كاف وجيد، وتوسيع العرض البيداغوجي على مستوى أسلاك الماستر والدكتوراه وبعض الشعب من خلال فتح المجال لتعميمها على الأقل في المؤسسات التي لا تتواجد بها. وشددت الهيئة على ضرورة بذل الحكومة لمزيد من الجهد في توسيع عدد المستفيدين من المنحة الجامعية، وكذا الرفع من قيمتها، داعية باقي مجالس جهات المملكة إلى الاقتداء بجهة درعة تافيلالت في الاهتمام بالمؤسسة الجامعية، وتعميم المنحة على الطلبة، مطالبة الجهات الوصية إلى التعجيل بتوسيع بنية الأحياء الجامعية القائمة، وفتح الأحياء الجامعية المغلقة والسعي الحثيث لتشييد مركبات سكنية بالمدن الجامعية غير المتوفرة فيها، مع وضع سياسات كفيلة بوضع حد للمضاربات العقارية التي تثقل كاهل المواطنين عموما والطلبة على وجه الخصوص. وبخصوص الطلبة ذوي الاحتياجات الخاصة، طالب التقرير الوزارة الوصية لتوجيه المؤسسات الجامعية إلى احترام خصوصيات وتوفير كافة الشروط الكفيلة بتيسير ولوجهم للمعرفة والتحصيل العلمي، مناشدا الجهات المسؤولة إلى تخفيض تذاكر النقل الداخلي والخارجي للطلبة، ومراقبة مدى احترام شركات النقل لدفاتر التحملات المؤطرة لها. كما دعت المنظمة الوزارة الوصية إلى إحالة تقارير المجلس الأعلى للحسابات المتعلقة بالمؤسسات الجامعية على القضاء بشكل عاجل لوقف نزيف الفساد المالي والإداري بالجامعة المغربية، مطالبة الجامعات العمومية والخاصة إلى احترام النصوص القانونية المنظمة، واتباع كل الإجراءات الإدارية المكرسة للشفافية ووضوح المسؤوليات، داعية جامعة محمد الخامس بالرباط إلى التراجع عن فرض رسوم مقابل ولوج بعض الأسلاك، والحفاظ على مجانية التعليم بالجامعة العمومية.