كان للخطاب الملكي الذي ألقاه جلالة الملك بالأمس وقع كبير في نفوس المواطنين.فالخطاب كان تاريخيا بامتياز و مؤسس لعهد جديد من الإنجازات المؤسساتية و التنموية.فلا حديث للمواطنين سوى عن الرغبة الملكية في تطوير أداء الإدارة المغربية و جعلها أكثر نجاعة ومسؤولية في التعاطي مع حاجيات المواطنين. و قد حتى جلالته الجميع بالتحلي بروح المسؤولية لخدمة الوطن و المواطنين و تغيير الصورة النمطية التي تراكمت من جراء بعض السلوكات المشينة و انعدام المراقبة و المتابعة الإدارية و تفشي المحسوبية و الزبونية التي تساهم على إلى ما في انعدام الفاعلية و قد دعا جلالته إلى تغليب المصلحة الوطنية على الحزبية و الشخصية في التعاطي مع الشأن الإداري. والظاهر أن المستقبل المغربي سيكون حافلا بالانجازات تحث القيادة الرشيدة لجلالة الملك و مع على باقي الفاعلين الإداريين بالمغرب سوى التجند وراء جلالته و جعل المصلحة الوطنية فوق كل اعتبار. و من هنا تبرز الحاجة إلى إصدار قانون جديد بالمغرب لمنع ازدواجية المناصب الإدارية حتى يعاد الاعتبار للعمل الإداري و قد يلاحظ القارئ الكريم أن العديد من المسؤولين الإداريين المغاربة يزاولون أكثر من عمل إداري و يتلقون عنها رواتب و الخاسر الأكبر، كما هو معلوم، هو الأداء الإداري و المواطن المغربي و ميزانية البلد. و لا يعقل أن يتم الجمع بين المناصب في الوقت الذي يعاني فيه أصحاب الشواهد العليا و الأطر المغربية من البطالة. فمن حيث الكفاءة، فالمغرب ملئ بالأطر الممتازة و تستحق أن تكون في أعلى المناصب و لا داعي لإسناد المناصب الإدارية لأناس غير متفرغين يعتمدون في غالب الأحيان على نوابهم دون تقديمهم لقيمة مضافة. فالمسؤول الناجح هو الذي يكرس طاقته و جهده لعمله عوض أن يرمي برجل هنا و رجل هناك. و ينبغي في هذا الباب منع كذلك الجمع بين العمل الإداري و إدارة المشاريع بالقطاع الخاص حتى نضمن الحصول على مسؤول متفرغ و متمكن من أدوات عمله. و في هذا الإطار تندرج كذلك الحاجة إلى منع المستشارين الجماعيين من الترشح للبرلمان حتى نضمن الحصول على كثلة برلمانية متفرغة لدراسة القوانين الحكومية وتقديم مقترحات قانونية من شأنها أن تعزز وترفع الأداء التشريعي ببلادنا. ومن المؤسف له انشغال أعضاء البرلمان المغربي بمشاريع خاصة أو التسجيل في الكليات والاستوزار وكذلك التسيير الجماعي أو تسيير المدن كعمداء و لا حاجة لنا لذكر الأسماء.فالمتابع يعرف من يجمع بين العمودية و العضوية في البرلمان. و هذا عبث سياسي لأنه لا يعقل أن يفي هذا المسؤول بجميع الحاجيات. و أتساءل كيف يستطيع هذا البرلماني أن يكون فاعلا في البرلمان و مساهما في تشريع القوانين و الدبلوماسية البرلمانية. وما يأسف له أن هذا الفراغ القانوني يساهم في تأزيم الأوضاع بالبلد. فعندما يفشل المسير الجماعي في الحصول على العضوية في البرلمان يصبح أكثر عدوانية ضد المواطنين الذين لم ينتخبوه و ينتقم منهم بطريقة الخاصة إما بهدم منازلهم أو حرمانهم من الرخص أحيانا.كما أن البعض يوظف منصبة الجماعي في الترويج لترشيحه للبرلمان.و هذا يتناقض مع روح الانتخابات البرلمانية. كما أن المتأمل لانتخابات البرلمانية الأخيرة يلاحظ أن العديد من الأحزاب المغربية زجت بمستشاريها الجماعيين لاستغلال تواجدهم المحلي لكسب مقعد برلماني في الوقت الذي ينبغي فيه التعريف بالبرنامج السياسي المقترح، بغض النظر عن ماهيته وجديته، لأنه أساس العمل البرلماني عوض توجيه النقاش إلى ما هو عاطفي أكثر ما هو سياسي. أتساءل و يتساءل معي القارئ الكريم هل المال المحصل عليه من التمثيلية النيابية المزدوجة يعكس المجهود الذي ينبغي أن يقوم بها الفرد و كيف لمسؤول أن يتقاضى راتبا عن مسؤولية ما دون الحضور كباقي الموظفين ثمان ساعات في اليوم و إذا كان يعتمد على نائبة فهل يستحق الأجرة الشهرية التي يتوصل بها؟إننا هنا في حاجة لوضع حد لهذه العبثية الديمقراطية و جعل العضوية في البرلمان حصرا على المتفرغين من السياسيين الذين يرغبون في تطوير البلاد. أما من يتخذ العضوية وسيلة لخمة مصالحه الخاصة فلا حاجة للبلد به. وغير بعيد عن الحياة البرلمانية فإن هناك قطاعات أخرى تعاني من ازدواجية المهام الإدارية و لنا في قطاع الرياضة خير مثال على ذلك و هو ما يساهم في تضائل الانجازات الرياضية في غياب التركيز الإداري.و بناء عليه فلا مفر للحكومة الحالية من حد لهذا التسيب الإداري لوضع الرجل المناسب في المكان المناسب إن كنا نريد الخير لهذا الوطن في ظل التوجيهات الملكية السامية و مادام جلالته أعطاكم الضوء الأخضر في العمل بجد و تسهيل الاستثمار بالمغرب و تبسيط المساطر فلم يبقى لكم عذر أو ذريعة لمنع ازدواجية المناصب الإدارية.