يتجه محمد إدعمار، مرشح حزب العدالة والتنمية في الانتخابات الجزئية بمدينة تطوان، لاستعادة مقعده البرلماني بعدما أسقطت المحكمة الدستورية مقعده إثر طعن تقدم به نور الدين الهروشي بصفته مرشحا فائزا عن حزب الأصالة والمعاصرة ضد انتخاب ادعمار في الاقتراع الذي أجري في 7 أكتوبر 2016. ويخوض رئيس بلدية تطوان الانتخابات الجزئية بأريحية أكبر في ظل عدم تقدم الأحزاب الرئيسية بأي مرشح، في خطوة طرحت أكثر من علامة استفهام، في حين تظل مرشحة فيدرالية اليسار الديمقراطي، فاطمة المغاري، المنافسة الوحيدة لإدعمار في الانتخابات المقررة يوم 14 شتنبر الجاري، وتعول بالأساس على أصوات الغاضبين على حزب المصباح. المرشح "الأبرز" مصادر مطلعة كشفت لجريدة "العمق"، أن سبب عدم تقديم الأحزاب الأخرى لمرشحيها في هذه الانتخابات، يرجع لكونها "متأكدة أنها لن تستطيع منافسة إدعمار، على رأسها أحزاب التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والتقدم والاشتراكية والاستقلال والاتحاد الاشتراكي"، خاصة وأن البيجيدي حصل على الرتبة الأولى في استحقاقات 7 أكتوبر بأزيد من 22 ألف صوت على مستوى دائرة تطوان. وأوضحت المصادر إلى أن الحل الوحيد الذي كان مطروحا أمام تلك الأحزاب هو التفاهم على مرشح مشترك لمنع إدعمار من العودة إلى البرلمان، مشيرة إلى أنه كانت هناك محاولات لتقديم مرشح مشترك، إلا أن الأحزاب المذكورة فشلت في التوصل إلى اتفاق يرضيها، وهو ما عبد الطريق أمام ادعمار لخوض الانتخابات أمام مرشحة وحيدة، وهي مرشحة فيدرالية اليسار التي تظل حظوظها ضعيفة نسبيا بالنظر إلى كون حزبها لم يسبق أن حصل على أي مقعد بدائرة تطوان. المصادر ذاتها، أشارت إلى أن الأحزاب الرئيسية بتطوان، باستثناء البيجيدي، تدرك أنها لا تتوفر على مرشحين قادرين على استمالة أصوات الناخبين، خاصة وأن الشخصيات النافذة في تلك الأحزاب كانت قد حصلت على مقاعدها بالبرلمان في 7 أكتوبر 2016، ويتعلق الأمر بالطالبي العلمي عن "الحمامة" والعربي أحنين عن "الكتاب" ونور الدين المطالسي عن "التراكتور"، ومحمد الملاحي عن "الوردة"، وبالتالي لا تستطيع المغامرة بخوض انتخابات بدون مرشحين "نافذين". حقيقية "الصفقة" وبخصوص ما راج عن وجود "صفقة" بين حزبي العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار حول دعم مرشح البيجيدي بتطوان مقابل دعم مرشح الأحرار بتارودانت الشمالية، قالت مصادر الجريدة إن هذا السيناريو كان متداولا خاصة بعدما تم عقد لقاء ثنائي بين القادة المحليين للحزبين على مستوى مدينة تطوان، إلا أن دخول الأمين العام للحزب عبد الإله ابن كيران على الخط، ونفيه وجود أي اتفاق مع حزب أخنوش، أنهى هذا الموضوع. ونفى ابن كيران أن يكون قد أبرم أي اتفاق مع حزب التجمع الوطنى للأحرار من أجل التخلي عن المشاركة في الانتخابات الجزئية بدائرة تارودانت الشمالية، التي ستجرى يوم 5 أكتوبر المقبل، مقابل دعم حزب أخنوش لمرشح المصباح محمد أدعمار في الانتخابات الجزئية بدائرة تطوان. بدوره نفى سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، وجود أي تنسيق مسبق مع أحزاب الأغلبية بشأن الانتخابات الجزئية التي ستشهدها بعض الدوائر الانتخابية التي قضى المجلس الدستوري بإعادة الانتخابات بها، وعلى رأسها دائرة تطوان. فرصة "الرسالة" بالمقابل، تعسى فيدرالية اليسار الديمقراطي إلى استغلال فرصة الانتخابات الجزئية ل"اقتناص" أول مقعد برلماني لها بالدائرة، وتراهن في ذلك على استمالة أصوات "الغاضبين" على حزب العدالة والتنمية، خاصة في ظل الانشقالات والمشاكل الداخلية التي عرفها حزب المصباح على مستوى مدينة تطوان. مرشحة فيدرالية اليسار تركز في خطابها خلال الحملة الانتخابية الجارية بتطوان هذه الأيام، على انتقاد ادعمار وحزبه، والهجوم على طريقة تسييره للشأن العام المحلي، وتعتبر أن أدعمار "لا يستحق العودة إلى البرلمان بعدما أسقطت المحكمة الدستورية مقعده البرلماني بسبب تسخيره وسائل مملوكة للجماعة المحلية من ناقلات وحواجز، في استغلال لصفته كرئيس جماعة ترابية، لتنظيم مهرجان انتخابي بساحة المسرح بتطوان بتاريخ 30 سبتمبر 2016". وحسب ما عاينته جريدة "العمق" خلال الحملة الانتخابية لفاطمة المغاري، فإن ملف حراك الريف يطغى على خطابها، حيث توجه انتقادات لاذعة إلى الحكومة والسلطات بسبب المقاربة الأمنية في التعامل مع احتجاجات الحسيمة وحملة الاعتقالات والمحاكمات التي تعرفها المنطقة. مصادر "العمق"، أشارت إلى أن العديد من المتتبعين المحليين يرون في مرشحة لائحة "الرسالة" شخصية قوية لتمثيل مدينة الحمامة البيضاء خلفا لمحمد إدعمار، إلا أن شعبية الفيدرالية بالمدينة تظل محدودة، خاصة وأنها لم تستطع تجاوز العتبة في انتخابات 7 أكتوبر، وهو ما يعزز حظوظ البيجيدي الذي يملك قاعدة مصوتين شبه ثابتة. الغاضبين من "البيجيدي" مرشحة "الرسالة" ستحاول استمالة أصوات بعض أعضاء البيجيدي الغاضبين على أدعمار وعلى حكومة العثماني، خاصة من الذين قدموا استقالتهم على إثر المشاكل الداخلية التي عرفها الحزب بتطوان، وهو ما جعل الأمانة العامة للحزب تقدم على حل الكتابتين المحلية والإقليمية بتطوان. وفي هذا الصدد، خرج القيادي المحلي السابق في البيجيدي، ناصر الفقيه اللنجري، ليثني على مشاركة فيدرالية اليسار في الاستحقاقات الانتخابية، مشيرا إلى أن هذا الأمر يذكره بالمشاركات الأولى للعدالة والتنمية في الانتخابات في 1997 و2002، "حيث كان أعضاء البيجيدي يمولون الحملة الانتخابية بأنفسهم وسط إقبال الناس عليهم". وأضاف في تدوينة له: "رغم الاختلافات الإديولوجية والسياسية بين الحزبين، إلا أن المواطن اليوم يطلب أكثر الصدق والوضوح والأخلاق والتواصل والمعاملة الحسنة والاحترام المتبادل بعيدا عن الحقد والكراهية ومعاقبة الناس والكذب وعدم احترام العهود والزبونية والمحسوبية واستغلال المال العام وتسخير دعم الجمعيات ونهج سياسة فرق تسود والحرص على الكراسي باي ثمن وغيرها". وصفة ادعمار للعودة إدعمار يحاول في حملته الانتخابية الجارية منذ الخميس الماضي، كسب مزيد من الأصوات التي حصل عليها خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة، مستثمرا "الإنجازات التي حققها بمدينة تطوان خلال ترأسه للجماعة الحضرية للولاية الثانية على التوالي"، ومركزا على "خطاب الصدق والوضوح لحزب العدالة والتنمية". ويعتبر المتحدث خلال تجمعاته الخطابية أن ترشحه في هذه الانتخابات رغم إسقاط مقعده البرلماني من طرف المحكمة الدستورية، يأتي للتعبير عن كونه "يؤمن بقرار المؤسسات ويعترف به، وأن عودته إلى المواطنين جاءت لسماع حديثهم وأفكارهم وملاحظاتهم"، مشددا على أن "حزب العدالة والتنمية يثق في مؤسسات الدولة ويعمل بالمشروعيات ويحترم القانون بكل قناعة"، حسب قوله. ويقوم المرشح رفقة أعضاء حزبه بزيارة الأحياء والمنازل وعقد تجمعات خطابية مكثفة خلال أيام الحملة الانتخابية، حيث يعتبر رئيس بلدية تطوان أن هناك "تجاوبا إيجابيا من طرف المواطنين مع الحملة الانتخابية للحزب سواء في البادية أو في المدينة، بغض النظر عن الشخص المرشح"، مشيرا إلى أن المواطنين "انخرطوا بشكل تلقائي تطوعي في هذه الحملة من أجل أن يسترجع الحزب مقعده"، على حد قوله. ويعول إدعمار على المهرجان الخطابي للأمين العام للحزب عبد الإله ابن كيران، المرتقب يوم الثلاثاء المقبل بمسرح الهواء الطلق بتطوان، حيث من المرتقب أن يوجه رئيس الحكومة السابق رسائل متعددة، كما أن مرشح المصباح يركز في خطابه أيضا على ما يعتبرها حملة تستهدف حزبه وطنيا ومحليا، مشيرا إلى أن "هناك أطرافا تحارب البيجيدي بشكل مستمر، والمواطن بالنسبة لنا عايق وفاهم وغادي يرد على هذا الشي"، وفق تعبيره. البام بين المقاطعة و"الرسالة" وبخصوص موقف الأحزاب الأخرى من الانتخابات الجزئية لتطوان، التزم أغلبها الصمت، باستثناء حزب الأصالة والمعاصرة الذي خيرت أمانته الجهوية بجهة طنجة-تطوان-الحسيمة، أعضاء الحزب بمدينة تطوان، بين مقاطعة الانتخابات الجزئية وعدم التصويت على أي مرشح، أو التصويت على فاطمة الومغاري مرشحة المعارضة المنتمية لفيدرالية اليسار الديمقراطي، ضد مرشح البيجيدي محمد ادعمار. وبرر البام عدم تقديمه لأي مرشح في هذه الانتخابات الجزئية بدائرة تطوان، بكونه "أعطى أهمية قصوى لتجديد انتخاب المكتب المسير لجماعة مارتيل ولمكتب مجلس عمالة المضيقالفنيدق"، حسب بلاغ له. هكذا "سقط" إدعمار وكانت المحكمة الدستورية، قد أسقطت مقعد البرلماني محمد ادعمار مرشح حزب العدالة والتنمية بمدينة تطوان، وذلك بعد الطعن الذي تقدم به نور الدين الهروشي بصفته مرشحا فائزا عن حزب الأصالة والمعاصرة ضد انتخاب ادعمار في الاقتراع الذي أجري في 7 أكتوبر 2016. واستندت المحكمة الدستورية في إصدار قرارها بإلغاء مقعد محمد ادعمار، بأن هذا الأخير سخر وسائل مملوكة للجماعة من ناقلات وحواجز، في استغلال لصفته كرئيس جماعة ترابية، لتنظيم مهرجان انتخابي بساحة المسرح بتطوان بتاريخ 30 سبتمبر 2016. وأضاف قرار المحكمة رقم: 17/10 م.إ، بناء على الطعن الذي تقدم به مرشح البام، بأن ادعمار قام بتزويد المهرجان الانتخابي بالإنارة من الكهرباء العمومية وتوظيف عمال يحملون أقمصة مكتوب عليها "الجماعة الحضرية لتطوان" في أعمال تحضير وتهيئ المهرجان المذكور، وتسييج الساحة بمجموعة من الحواجز تحمل شارة الجماعة المعنية وتسخير شاحنات تابعة لها. وأوضحت المحكمة الدستورية، أن استعانة المطعون في انتخابه، بوسائل مملوكة للجماعة الترابية لتطوان – والتي يرأس مجلسها الجماعي- لتنظيم مهرجان خطابي خلال الحملة الانتخابية، يعد استعمالا لوسائل مملوكة للجماعة الترابية، وتجاوزا لمجال الاستثناء المحدد من قبل المادة 37 المذكورة، مما يتعين معه إلغاء انتخاب محمد ادعمار عضوا بمجلس النواب. كما رفضت المحكمة ذاتها، طلب محمد ادعمار الرامي إلى إلغاء انتخاب كل من راشيد الطالبي العلمي ومحمد العربي أحنين ونور الدين الهروشي ومحمد الملاحي أعضاء بمجلس النواب.