عندما أساء مسؤول ترابي إلى وزير في الحكومة بلمزه من خلال لحيته، قامت الدنيا ولم يقعدها إلا إعفاء له من قبل الملك الذي رفض وقتئذ شفاعة رئيس الحكومة ولا مسامحة الوزير نفسه (الذي لم يكن سوى المرحوم عبد الله بها)، من أجل العفو عنه. فكانت الواقعة رفضا قاطعا لتطاول مسؤول ترابي ينتمي إلى إدارة توجد دستوريا رهن إشارة الحكومة وتحت سلطاتها. اليوم تتكرر الإساءة من مسؤول آخر في إدارة مرفق عمومي هو الإعلام حتى وإن ساهمت في رأسماله مبادرة خاصة داخلية أو خارجية. والضحية هي وزيرة في الحكومة نفسها والإساءة جاءت من خلال لمزها في حجابها. والمعتدي هو مدير في قناة مغربية في مل الأحوال. يا للمفارقة عندما تصبح اللحية والحجاب مصدر لمز وغمز وإساءة لأعضاء في حكومة تشكل بشكل من الأشكال من مخرجات الإرادة الشعبية. الطريف في هذا الأمر هو أن الحكومة اكتفت بالتضامن مع عضو فيها، وكأن العدوان جاء من دولة معادية ناسية أن التضامن الحقيقي هو إعفاء المسؤول الإداري من مهامه وترتيب الآثار القانونية طبعا من خلال سلوك المساطر القانونية الجاري بها العمل في تعيين وإعفاء هؤلاء المسؤولين. أما إذا كان هذا المسؤول كما يزعم يشتغل تحت مسؤولية رب عمل أجنبي فأقل شيء هو تحريك وسائل الاحتجاج الديبلوماسية المعمول بها عند المس بسمعة أو كرامة عضو في الحكومة، والذي يتحول عندها إلى مس بكرامة البلد برمته. وهنا أقل شيء هو مذكرة احتجاج تسلم إلى سفير الدولة المعنية بعد استدعائه للاستفسار وفقا للقنوات الدببلوماسية. أعتقد أن لمز وزيرة في الحكومة من خلال حجابها لا يقل وقاحة من لمز وزير من خلال لحيته ولا أعتقد أن مديرا في قناة إعلامية هو أكثر شأنا من عامل عمالة. والسابقة التي اعتمدها الملك في الواقعة الأولى لن يكون لها معنى إذا لم تكن موجهة وحاكمة للوقائع المماثلة. كما أن رد الاعتبار لعضو في الحكومة إنما هو جزء من احترام إرادة الناخبين وهو أحد تمثلات الاختيار الديموقراطي الذي بات من الثوابت الجامعة للوطن.