تقديم: هل الشرف يولد مع الإنسان؟ أم أن هذا الشرف يكتسب من الواقع، بحكم التفاعل مع مختلف المكونات الثقافية، التي تزود المجتمع بنبل القيم، التي ترفع مستوى الأفراد إلى درجة الشرفاء، الذين يعتز بهم الشعب، ويعتز بهم الوطن، وتعتز بهم الجماهير الشعبية الكادحة، ويعتز بهم العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ وهل يمكن لكل الأحزاب السياسية، أن تنتج، من خلال ممارستها اليومية، نبل القيم، التي تقف وراء وجود الشريفات، والشرفاء؟ أم أن هذا الأمر، يبقى مقتصرا على بعض الأحزاب، دون البعض الآخر؟ وما طبيعة الأحزاب التي لا يمكن أن تنتج نبل القيم في الواقع الاجتماعي المغربي؟ وما هي الطبقات الاجتماعية التي تمثلها؟ وما هي طبيعة الأحزاب التي تنتج نبل القيم في الواقع المغربي؟ وما هي الطبقات التي تمثلها؟ وهل يمكن اعتبار إشاعة نبل القيم في الواقع المغربي كافيان من االوصول إلى اعتماد الشرف في الحياة العامة، وإلى إنتاج الشرفاء؟ أليست الشروط الموضوعية، والذاتية، التي يعيشها الإنسان، أي إنسان، ومهما كان هذا الإنسان، هي التي تتحكم في تحديد ما يكونه الإنسان: شريفا، أو غير شريف، حريصا على إشاعة الشرف في المجتمع، أو غير حريص عليه؟ ولماذا نجد أن الشرفاء منعدمون بين العاملين في الإدارات العمومية، ولا يتواجدون فيها إلا نادرا؟ ولماذا نجد أن الشرف يكاد يختفي من العلاقة بين المرشحين، والناخبين، وبين المنتخبين، وعموم المواطنين؟ وهل يمكن الحرص على أن لا ينتمي إلى اليسار إلا الشرفاء؟ أم أن اليسار نفسه ملغوم بالأشخاص الذين لا علاقة لهم بالشرف، ولا يعرفون عن قيمه أي شيء؟ وهل يمكن أن يناضل اليسار المغربي بكافة تلويناته المختلفة، من أجل مدرسة مغربية منتجة للقيم؟ أم أن المدرسة العمومية المغربية، ستبقى محافظة على إنتاج خبث القيم، التي تطبع شخصية الإنسان المغربي؟ وهل ما تنتجه الأحزاب المؤدلجة للدين الإسلامي، لها علاقة بالشرف؟ وهل نمتلك الشرف، أو نتملكه، بتحريف الدين الإسلامي عن مساره الصحيح؟ وما عليه البلدان المحسوبة على شعوب المسلمين، هل يعبر عن شرف المسلمين، وخاصة في شمال إفريقيا، وفي آسيا، وحيثما تواجد المسلمون؟ وهل من الشرف بين المسلمين، حيثما كانوا، بروز الإرهابيين، والحركات الإرهابية من بين صفوفهم؟ وهل نعتبر الولاياتالمتحدةالأمريكية، والكيان الصهيوني، شريفين؟ وهل من الشرف أن تصير الدول المسماة إسلامية، وما تفرزه من إرهاب، ومن حركات إرهابية عميلة لأمريكا، ولإسرائيل؟ وما العمل من أجل إعداد المجال، لإنتاج الشرف المفضي إلى انفراز الشرفاء؟ وكيف يصير المجتمع الذي يصير أفراده شرفاء، ومجالا للشرف؟ الكلام عن الشرف: إننا عندما نتكلم عن الشرف، نتكلم عن نبل القيم في نفس الوقت؛ لأن الشرف ليس إلا القيم النبيلة، التي يتحلى بها الأفراد، وتسود بين الجماعات، والتي تفرض، وبشكل تلقائي، الاحترام بين الأفراد، والجماعات، والحرص على تحقيق التحرير، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، القائمة على أساس توزيع الثروات، وتقديم الخدمات، باعتبارها مداخل لتكريس الشرف، وإفراز الشرفاء في المجتمع؛ لأنه بدون التحرير، لا يمكن الحديث عن الشرف، والشرفاء، في مجال يعتبر أفراه مستعبدين، وبدون ديمقراطية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، لا يمكن الحديث عن الشرف، وانفراز الشرفاء، في مجتمع محكوم بالفساد، والاستبداد، وبدون العدالة الاجتماعية، بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، لا يمكن الحديث عن الشرف، وانفراز الشرفاء، في مجتمع يعاني من الاستغلال الهمجي، الذي ياتي على الأخضر، واليابس، وبدون احترام الكرامة الإنسانية، التي تضمن لكل فرد، التمتع بكافة الحقوق الإنسانية، لا يمكن الحديث عن الشرف، وانفراز الشرفاء، في مجال تنعدم فيه الكرامة الإنسانية. وهو ما يعني: أن شيوع الشرف، وانفراز الشرفاء، رهين بنضوج شروط موضوعية، فارزة لسيادة الشرف، وانفراز الشرفاء، في كل مجالات الحياة. والمجتمع الذي نعيش فيه، لا زال محكوما بالاستعباد، وسيادة الفساد، وتحكم الاستبداد، وتعميق كافة أشكال الاستغلال الهمجي، التي يعاني منها المجتمع المغربي، بالخصوص، مما يقودنا إلى القول بانعدام الشرف، أو ضحالته على الأقل، وقلة الشرفاء، الذين لا تأثير لهم في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي. وحتى إن كان هناك تأثير، فإنه لا يتجاوز ان يكون محدودا في الإطارات المناضلة، التي صار معظمها يعج بالانتهازيين، وأصحاب المصالح، إلى درجة محاصرة الشرف، وإنتاج الشرفاء، في تلك الإطارات التي صارت مشهورة بالتناقض، بين ما تنتجه من أدبيات اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، وسياسية، وما تدبجه من شعارات، وبين ما يمارسه الأفراد في مختلف الإطارات المناضلة، التي ينتمون إليها، وفي الواقع الذي يعيشون فيه. وهو ما يطرح علينا سؤالا عريضا، في المجتمع الذي نعيش فيه: هل يمكن أن تعرف بلادنا شيوع الشرف، وانفراز الشرفاء، عن طريق الإطارات المناضلة، كما تعودنا ذلك؟ وهل يمكن للمسؤولين عن الإطارات المناضلة، أن يتحلوا بالشرف في صفوف المستهدفين بها، وأن يعملوا على إفراز الشرفاء من بينهم؟ إن الشرف، وكيفما كان الأمر، لا يمكن أن يأتي هكذا، بل لا بد له من شروط ذاتية، وموضوعية، تقف وراء تسييد الشرف في المجتمع.