في الإنتخابات التشريعية السابقة 2011 رفع حزب العدالة والتنمية شعار "ضد الفساد و الإستبداد" المأخوذ من حراك 20 فبراير، إستعمل الحزب هذا الشعار في دعايته الإنتخابية كوعد منه للشعب المغربي على محاربة الفساد ومواجهة الإستبداد حال تقلده تسيير الحكومة، لكن عوض مواجهة الفساد و محاربة الإستبداد تراجع هذا الحزب وأصبح في موقع الدفاع، و غير كثيرا من لهجته السابقة وعبر عن صمته كثيرا في بعض المحطات التي شهدت فساد الدولة أو إهانة كرامة المواطن، بل أصبح يرمي مسؤوليته على جهات عليا أو يبرر تعثره بالتحكم، وعبر كذلك عن ضعفه لضيق صلاحيته و توجيهه من أوامر فوقية، و تخبط في سياسته الإصلاحية لإنعدام رؤية مستقبلية على الأقل نتخيل فيها حال المغرب في قطاعاته المتعددة أهمها التعليم والصحة والشغل. الإصلاحات التي يدعيها أنصار الحكومة لا تعدو كونها سياسة تقشفية على حساب جيب المواطن، لا يعني أننا لا نقبل أن نساهم في عجلة الوطن بل يشرفنا و واجب علينا، لكن ليس على حساب المواطن وحده، وترك البرلماني و ما جاوره في ريع بمعاش أبدي، و في صورة إحتقارية لمطلب الشعب بتنازل البرلمانيين عن معاشاتهم؛ يرفض البرلمانيين التنازل عن معاشاتهم فكيف سيواجهون المواطن في حملاتهم الإنتخابية.. وحين نتحدث عن منجزات الحكومة لا تصبح لهذه المنجزات قيمة أمام التعليم و الصحة و الشغل الذي يؤرق الشعب المغربي، و سبب رئيسي في خروج الشعب المغربي في حراك 20 فبراير، فالمشكل أن الحكومة لا تمتلك رؤية مستقبلية تحدد فيها شكل المغرب في مجال التعليم و الصحة و الشغل بل نكتفي بسياسات ترقيعية بدون بوصلة. من كل هدا و داك لم نأتي لنحمل هده الحكومة المسؤولية لضيق صلاحيتها و الضغط الموجه لها من بيادق الفساد، بل الأمر وكل ما فيه أن نهج الحكومة عبر في تجربته هذه عن تعثره لعدة أسباب، ستجدها عند المواطن البسيط الغير المنتمي، الذي يعاني و يكد من أجل قوت يومه، يعرف أن ليس له إلا رحمة الله في هدا الوطن. من رحم مي فاطمة حين إستغاثة بعد إهانة كرامتها فلم يزدها ذلك إلا مهانة من السلطات المخزنية فأضرمت النار في جسدها حرقتا، وذلك البيدق المخزني يراقبها بكل برودة تحترق كأن أوامر فوقية وجهت له دعها تحترق لتكون عبرة. ما يجعل المواطن البسيط الغير منتمي يتساءل : لماذا سأصوت لحكومة لا تملك قرارها لتحمي مي فتيحة المثمتلة في أم كل مغربي، لماذا سأصوت وأنا أعرف أنني سأهان يوما و تنتهك كرامتي و الحكومة ليس لها يد من حديد لتضرب على كل منتهك ليكون عبرة لكل فاسد و منتهك لكرامة المواطن. من رحم خديجة السويدي حين إغتصبها وحوش نفدوا من العدالة لأن لهم أموالهم تقف معهم و نجد الحكومة ليس لها سيادة لضرب بيد من حديد، بل حتى تقوم خديجة السويدي بحرق نفسها و توافيها المنية، و تعطي قضية خديجة السويدي حجمها بجمعيات المجتمع المدني حينها يتحرك القضاء. لماذا سأصوت إن كانت الحكومة لا تملك صلاحيات وسلطة لتحميني و تواجه الفساد، من حمى إخوتنا حين تم الإعفاء عن الإسباني مغتصب أطفال المغرب بأمر ملكي، حينها وقفت الحكومة سامطة ترمي مسؤوليتها لجهات عليا و تنسب رئاسة الحكومة للملك على لسان بن كيران، بل و عبرت عن نفس الموقف في فضائح خدام الدولة و فضائح تسريبات بنما، حين تورط فيها الماجدي السكرتير الخاص للملك بتهريب أموال الشعب، في حين شهدنا محاسبة قضائية في دول أوروبية على نفس الفضائح و شهدنا صمتا في المغرب، فما بالك أن تنتظر إصلاحات حقيقية تلامس تطلعات الطبقة الشعبية الكادحة من حكومة لا تملك قرارها. من يحمي المواطن البسيط من نقص خدمات المستشفيات و معاناته و إهانته داخل المرافق الصحية ، من يحمي المواطن البسيط من غلاء مصاريف الدخول المدرسي و إنعدام مستلزمات الدراسة في المؤسسات التعليمية و الاكتضاض في الأقسام و نقص جودة التعليم ، من يحميه من البطالة و إمتهان حاملي الشهادة ( للفراشة ) في الشارع، أم أننا نطبق تعليمات تقشفية فوقية على حساب المواطن وحده و أصحاب الإمتيازات في ريع أبدي. ومن جهة أتساءل أيضا : لماذا سأقاطع إن كانت مقاطعتي لا تقدم حل بديل، بل أكتفي بالتفرج و ترك الساحة فارغة و مستقبل بلد بين ناهبي المال العام، لماذا سأقاطع إن كانت مقاطعتي لن تترتب عنها حراك شعبي لتغيير الوضع إلى أحسن، إن كان التفرج و الجلوس في البيت هو الحل فالمشاركة و التصويت على الأحزاب الإصلاحية وعلى رأسها البيجيدي خنجر داخل الفساد و أفضل من التفرج و الجلوس، و إن كانت الحكومة مغلوبة على أمرها، فالقليل أحسن من لا شئ. سيجيبني بعضهم نحن نشتغل داخل المؤسسات و أنقذنا الوطن من مشهد مشابه لسوريا. أقول قضية سوريا ليس سببها الشعب بل ظالم لم يرضى بشعارات سلمية تطالب في بادئها بإصلاحات حولها النظام إلى ثورة مسلحة بفتنة القتل و القمع، فالمشكل في الحاكم الظالم، فالشعب لا يعلنها فوضى و ثورة مسلحة بل النظام الظالم من يحولها الى دلك. ألا تفقه من المشهد السياسي المغربي أن الصف الثوري له فضل كبير على الأحزاب الإصلاحية، بعد أن فتح لها متنفس الحرية و أعطاها أمل ، فالصف الثوري و الصف الإصلاحي يتكاملان ولا يتقاطعان لأن عدوهم مشترك. سياسة حزب العدالة والتنمية العدائية لصف الثوري ظنا منه أنه سيكسب صف القصر، لم يكن إلا طابقا من ذهب للمؤسسة المخزنية لضرب اللحمة الشعبية بشقها الثوري والإصلاحي و إشغالهم ببعضهم و إستدراج البيجيدي كمهدئ للشارع المغربي، ثم ضربه ببطء بعرقلته و أخيرا الإستغناء عنه لأن القصر لا يحتمل حزب يشاركه الشرعية الدينية و يتقوى بها كل يوم. فمن كان يزور الإنتخابات بتوجيهات من القصر حسب تسريبات ويكليكس لإنتخابات 2008، فالأمس كان الدور على 20 فبراير و اليوم على البيجيدي. الصف الثوري حين خروجه رفع شعار الملكية البرلمانية ليكون للأحزاب الإصلاحية سلطة كافية لتنفيذ تصوراتها الإصلاحية و مواجهة الفساد لكن إرضائها للنظام المخزني على حساب الصف الثوري الذي هو شريك أساسي لم يكن إلا فخ نصبته لنفسها تحصده الحكومة اليوم. مقاطعتنا اليوم للإنتخابات هي إستكمال لحملة إلغاء معاشات البرلمانيين أو ريع البرلمانيين في أخذ معاش أبدي بعد خدمته خمس سنوات فقط في البرلمان، في توزيع غير عادل للمعاشات رغم أن عمل البرلماني هو تفويض من الناخب وليس توظيف .. وبعد رفض البرلمانيين التنازل عن معاشاتهم نحن أيضا نقاطع و نعاقبهم، رغم أن المقاطعة لا تقدم ولا تأخر ما دام لا تفضي لحراك أو تغيير ملموس لكن لا بد لكل برلماني أن يعاقب على قبوله بالريع و إستفزازه للشعب المغربي و عقابه هو المقاطعة من الشعب.