عودة الكهرباء بنسبة 99 % في إسبانيا    التيار الكهربائي يعود إلى معظم مناطق إسبانيا    إمدادات الكهرباء تعود في البرتغال    جسر جوي جديد بين تشنغدو ودبي.. دفعة قوية لحركة التجارة العالمية    حصاد وفير في مشروع تطوير الأرز الهجين بجيهانغا في بوروندي بدعم صيني    سانشيز يشيد بتعاون المغرب لإعادة الكهرباء    البوليساريو تنهار… وتصنيفها حركة ارهابية هو لها رصاصة رحمة    لماذا يستحق أخنوش ولاية ثانية على رأس الحكومة المغربية؟    مالي والنيجر وبوركينافاسو.. جلالة الملك يستقبل وزراء خارجية دول الساحل    أسعار الذهب تبصم على ارتفاع كبير    رئيس الحكومة الإسبانية: استعدنا 50% من إمدادات الكهرباء.. ونعمل على استرجاع الوضع بالكامل    الأمن يفكك شبكة إجرامية متخصصة في تأسيس شركات وهمية والتزوير    "حريق تغجيجت" يوقف 4 قاصرين    عضو في الكونغرس الأمريكي يؤكد دعم "انتفاضة الشعب التونسي" ضد قيس سعيّد    اضطرابات في مطارات المملكة بسبب انقطاع التيار الكهربائي في إسبانيا    الملك يستقبل وزراء خارجية بلدان تحالف دول الساحل    الملك محمد السادس يهنئ بنكيران    ببلوغ نهائي كأس إفريقيا للأمم .. "لبؤات الفوتسال" يتأهلن إلى المونديال    فاتح ذي القعدة غدا الثلاثاء بالمغرب    حصيلة الدورة 30 للمعرض الدولي للنشر والكتاب    انقطاع الكهرباء في إسبانيا والبرتغال وفرنسا يوقف خدمة الإنترنت لشركة أورونج في المغرب    وزير العدل.. مراجعة الإطار القانوني للأسلحة البيضاء أخذ حيزا مهما ضمن مشروع مراجعة القانون الجنائي    برلمانات الجنوب العالمي تعوّل على منتدى الرباط لمناقشة "قضايا مصيرية"    "الأخضر" ينهي تداولات البورصة    تداعيات الكارثة الأوروبية تصل إلى المغرب .. أورنج خارج التغطية    الكهرباء تعود إلى مناطق بإسبانيا    ‪بنسعيد يشارك في قمة أبوظبي ‬    الرياح القوية تلغي الملاحة البحرية بميناء طنجة المدينة    دوري أبطال أوروبا.. إنتر يواجه برشلونة من دون بافار    شبهات هجوم سيبراني بخصوص الشلل الكهربائي الشامل في إسبانيا    نزهة بدوان رئيسة لمنطقة شمال إفريقيا بالاتحاد الإفريقي للرياضة للجميع    يضرب موعد قويا مع سيمبا التنزاني .. نهضة بركان في نهائي كأس الكونفيدرالية الإفريقية للمرة الخامسة في العقد الأخير    أزيد من 3000 مشاركة في محطة تزنيت من «خطوات النصر النسائية»    منتدى الحوار البرلماني جنوب- جنوب محفل هام لتوطيد التعاون بشأن القضايا المطروحة إقليميا وقاريا ودوليا (ولد الرشيد)    الدار البيضاء.. توقيف عشريني بشبهة الاعتداء على ممتلكات خاصة    منظمة الصحة العالمية: التلقيح ينقذ 1.8 مليون شخص بإفريقيا في عام واحد    مزور يؤكد على التزام المغرب بتعزيز علاقاته الاقتصادية مع الصين في إطار المنتدى الصيني العربي    أزيد من 403 آلاف زائر… معرض الكتاب بالرباط يختتم دورته الثلاثين بنجاح لافت    هشام مبشور يفوز بلقب النسخة الثامنة لكأس الغولف للصحافيين الرياضيين بأكادير    مصر تفتتح "الكان" بفوز مهم على جنوب إفريقيا    الحرب في أوكرانيا.. بوتين يعلن هدنة لمدة ثلاثة أيام    ترايل أمزميز.. العداؤون المغاربة يتألقون في النسخة السابعة    ندوة توعوية بوجدة تفتح النقاش حول التحرش الجنسي بالمدارس    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    خط جوي مباشر يربط الدار البيضاء بكاتانيا الإيطالية    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    بريطانيا .. آلاف الوفيات سنويا مرتبطة بتناول الأغذية فائقة المعالجة    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    شهادات تبسط مسار الناقدة رشيدة بنمسعود بين الكتابة والنضالات الحقوقية    "جرح صعيب".. صوت عماد التطواني يلامس وجدان عشاق الطرب الشعبي    مي حريري تطلق " لا تغلط " بالتعاون مع وتري    العرائش: عزفٌ جنائزي على أوتار الخراب !    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    منصف السلاوي خبير اللقاحات يقدم سيرته بمعرض الكتاب: علينا أن نستعد للحروب ضد الأوبئة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التليدي يكتب: في نقد برنامج "البام".. الحلقة الرابعة
نشر في العمق المغربي يوم 30 - 09 - 2016

تناقضات البام في رهان تجديد النموذج التنموي: سؤال التمويل نموذجا
انطلق البرنامج الانتخابي من نفس المنطلق الحكومي الذي ترى بأن رفع رهان تحقيق اقتصاد قوي وتنافسي يمر بالضرورة عبر تجديد النموذج التنموي في المغرب.
لكن إذا كان الاتفاق حاصلا بين مختلف الفرقاء السياسيين حول ضرورة تطوير نموذج تنموي غير مرتهن بالأحوال المناخية وبتقلبات أسعار الطاقة في الأسواق العالمية وبوضعية النمو لدى الشركاء في الاتحاد الأوربي، فإن تحدي رفع نسبة نمو الاقتصاد الوطني باعتماد المخططات الصناعية أو النهوض بالبنيات الإنتاجية، يرتبط بالتمويل، والكيفية التي سيتم من خلالها توجيه الميزانية العامة لخدمة هذه الأهداف الاستراتيجية، كما يرتبط ايضا بالرؤية المقترحة للنهوض ببعض القطاعات لتكون رافعة للاقتصاد الوطني.
وبناء على متطلبات هذين التحديين، تحدي التمويل، وتحدي الرؤية المقترحة للنهوض بالاستثمار والقطاعات الإنتاجية والخدماتية لتكون رافعة ومثمنة لقوة وتنافسية الاقتصاد الوطني، فإن الاستقراء لتدابير البرنامج الانتخابي للبام يبين أن رهاناته هي أشبه بالوهم والخيال في ظل وجود تدابير ترهق ميزانية الدولة كما هو مبين في هذا التفصيل:
- تدابير تغرق للميزانية العامة للدولة:
اعتمد البرنامج الانتخابي لحزب البام جملة من التدابير التي ستكلف الميزانية العامة نفقات كبيرة تجعلها عاجزة عن تمويل الاستثمار، بل عاجزة عن الاستجابة لمتطلبات تطوير وتجديد النموذج التنموي ويظهر ذلك منما يلي:
- تدابير مراجعة إصلاح صندوق التقاعد: يقترح البرنامج الانتخابي لحزب البام في إجراءات إصلاح صندوق التقاعد مراجعة الإصلاح المقياسي للصندوق المغربي للتقاعد، كما تعهدت قيادته السياسية بمراجعة الإصلاح الذي قامت به الحكومة لجهة عدم تكليف المواطن بتكلفة الإصلاح. هذا الإجراء الذي اقترحه حزب البام في برنامجه، سيؤدي إلى استنزاف الاحتياطي الكامل لصندوق التقاعد (80 مليار درهم) وسيتطلب توفير حوالي 25 مليار درهم في الميزانية العامة سنة 2020، لتحمل نفقات المعاشات، أي سيرهن ميزانية الدولة بهذه الكلفة الضخمة، ويجعلها عاجزة عن ضمان وتيرة صاعدة في الاستثمار، ومن ثمة ستكون غير قادرة على تحقيق نسبة نمو في الحجم الذي اقترحه برنامج البام.
- تدابير تضعف إنتاجية ومردودية النموذج التنموي: فقد اقترح البام التقليص من نسبة مساهمة الصناعة في الناتج الداخلي الخام إلى 20 في المائة بدل 23 في المائة، كما اقترح البام في برنامجه التركيز على ثلاث مناطق سياحية سماها البرنامج بالمثلث الذهبي(مراكش، ورزازات، أكادير)، بدل الرهان على تنوع الاستراتيجية السياحية، وتعدد استقطابها (السياحة الشاطئية، السياحة الطبية، السياحة الجبلية، السياحة الثقافية، السياحة الدينية......)، وهي التدابير التي ينتج عنها إضعاف النموذج التنموي والتقليص من مردوديته.
- عدم إبداع أي تدابير جديدة لتجديد النموذج التنموي : يلاحظ على برنامج البام أنه اكتفى بإعادة الإصلاحات التي أقرتها الحكومة من قبيل مساهمة مخطط التسريع الصناعي في الناتج الداخلي الخام، ومباشرة أجرأة اتفاقيات الاستثمار المبرمة في السنتين الأخيرتين، وتعزيز دينامية صناعة السيارات والطيران والإلكترونيك، وإرساء الشراكة بين القطاعين العام والخاص في الاستثمار، وصياغة ميثاق الاستثمار بإجراءات خاصة بالنسبة لشركات المصدرة، والإعفاء من الضريبة على الشركات لفائدة المقاولات الجديدة في قطاع التصنيع لمدة 5 سنوات، والرفع من الوعاء العقاري لفائدة المقاولات الصناعية، وإقرار الضريبة على الشركات بشكل متدرج، وإصلاح الضريبة على القيمة المضافة بسعرين، وتطوير السوق المالية بالدار البيضاء، وتطبيق السعر المرن للدرهم، ومعالجة متأخرات الأداء، وغيرها من الإجراءات التي اعتمدتها حكومة بنكيران، فهذه الإجراءات هي جزء من المكتسبات، ولا يمكن الاقتصار عليها لتحقيق رهان رفع نسبة نمو في حدود 5.5 في المائة لاسيما في ظل وجود تدابير تغرق ميزانية الدولة وتعيق قدرتها على رفع مستوى الاستثمارات، إذ لا بد من اقتراح تدابير أخرى توفر مصادر جديدة للثروة، وتقوي ميزانية الدولة وتجعلها قادرة على تلبية هذه التطلعات الكبيرة.
إن رفع رهان خفض مديونية الخزينة العامة إلى أقل من 60 في المائة ليس هدفا أو تدبيرا جديدا، فقد كان المنتظر أن يتحدث البام عن تخفيض المديونية العمومية، والتي انتقدها بشدة، وليس فقط مديونية الخزينة، التي نجحت الحكومة في أن تضمن استقرارها ما بين سنة 2014 و2015، إذ بدل التصاعد بأربع نقط من سنة 2009 إلى سنة 2012، خفضت الحكومة نسبة تناميها بنقطتين في 2013-2014، ليتوقف التصاعد ما بين 2014-2015، بسبب تحكمها في عجز الميزانية وبفضل الإصلاحات اللازمة التي قامت بها، وبشكل خاص إصلاح المقاصة، والذي مكنها من تنمية الاستثمارات ووفي الوقت ذاته أداء الديون. لكن إذا أضيف لهذا الرهان مراجعة إصلاح صندوق التقاعد والنفقات التي يتوقعها برنامج البام، فإن تحقيق هذا الهدف سيصير مستحيلا، بل سيصير أشبه بالحلم، إذ يمكن أن يكون ذلك سببا في عودة تناميها بعدما قامت الحكومة بإصلاحات مهمة لضمان استقرارها ثم انخفاضها المرتقب.
إن تصحيح أعطاب النموذج التنموي وتطويره وتجديده، يتطلب وضع التدابير التي توفر مصادر جديدة للثروة، ولا تكلف الميزانية نفقات جديدة مرهقة تضعف قدرتها على القيام بدورها في دعم الاستثمار: تدابير تحدث الفرق ولا تكتفي بتثبيت الإصلاحات التي سبق للحكومة أن قامت بها وظهرت ثمارها.
إن التأمل المتأني في البرنامج الانتخابي للبام، يؤكد من جهة تناقض التدابير التي اقترحها مع سلوكه ومواقفه السياسية، لكنه يؤكد في الجانب المقابل، إقراره بنجاعة الإصلاحات التي قامت بها حكومة بنكيران لتعديل وتجديد وتطوير النموذج التنموي، ونخص بالذكر هنا ثلاث محاور أساسية في هذه الإصلاحات:
1- الرهان على تطوير مساهمة الصناعة في الناتج الداخلي الخام وعدم الارتهان إلى المحاور التقليدية في النموذج التنموي السابق (الفلاحة.....)، وهو ما حرصت حكومة بنكيران على تحقيقه من خلال مخطط التسريع الصناعي الذي يراهن على تحقيق نسبة 23 في المائة كمساهمة للصناعة في الناتج الداخلي الخام في أفق 2020.
2- التحكم في التوازنات الماكروقتصادية: إذ أقر برنامج "البام" بصحة السياسات التي انتهجتها حكومة بنكيران في هذا المجال معاكسا بذلك مواقفه السياسية بدعوته في البرنامج إلى استكمال إصلاح صندوق المقاصة والمضي في اتجاه رفع دعم الدولة عن السكر وغاز البوتان، كما أقر البرنامج بصوابية اختيار الحكومة لدعم الفقراء والتوجه نحو الاستهداف، إذ رغم المعارضة الشديدة التي مارسها البام ضد الحكومة على خلفية إرشاء الكتلة الناخبة أو خلفية تشجيع الفئات الفقيرة على ثقافة المساعدة والاتكال، فقد عاد في برنامجه إلى ما سبق وعارضه من دعم الفقراء عبر الاستهداف.
3- دعم الفئات الهشة والفقيرة: إذ اتجهت حكومة بنكيران مبكرا لهذه السياسة من خلال توجيه جهدها وسياساتها الاجتماعية لدعم الفئات الهشة والفقيرة، عبر إحداث صندوق دعم الأرامل، وصندوق التماسك الاجتماعي، والتعويض عن فقدان الشغل، والزيادة في منح الطلبة وتوسيع نسب الاستفادة منها، هذا فضلا العناية بذوي الاحتياجات الخاصة وتخصيص دعم لهم. وقد تبين من خلال إجراءات البام أنه يقر بنجاعة سياسة الحكومة، ويناقض سلوكه السياسي الذي كان يعارض به الإصلاحات الأساسية التي قامت بها حكومة بنكيران.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.