يزور المغرب وفد من صندوق النقد الدولي نهاية يونيو الجاري . وأكدت مصادر مطلعة أن هده الزيارة تدخل في إطار استطلاع الوضع الاقتصادي والمالي وطبيعة الإصلاحات التي تعتزم حكومة بنكيران اعتمادها لمعالجة العجز المالي الحاصل في الميزانية وتفاقم النفقات الخارجية، الذي تجاوز 7 في المائة من الناتج الداخلي الوطني الخام والذي يمثل النسبة الأعلى المسجلة منذ ثلاثة عقود، أي منذ انتهج المغرب سياسة التقويم الهيكلي المعروف اختصارا ب"الباص" الذي تزامن والأزمة المالية والاقتصادية التي عاشها المغرب مطلع ثمانينيات القرن الماضي إبان موجة الجفاف التي ضربت البلاد. ووفق المصادر المذكورة فإن بعثة لاغارد ستطلب من حكومة بنكيران الإسراع في تنفيذ ما التزمت به من قبيل تقليص العجز المالي، ومعالجة الخلل في بعض الصناديق الاجتماعية، التي سبق للنقد الدولي بسببها منح المغرب خطاً ائتمانياً يقارب سبعة ملايير دولار، لتدارك الخسائر الناجمة عن تراجع عائدات دول الاتحاد الأوروبي المختلفة ومنها عائدات الجالية المغربية وعائدات الأسفار والسياحة والصادرات المغربية، وذلك نتيجة الأزمة الاقتصادية والمالية التي أضرت بشركاء المغرب، وهو ما قلص من حجم العائدات من العملات الصعبة، وزاد من متاعب ميزان النفقات الخارجية، وخفّض من الاحتياطي الوطني للعملة الصعبة إلى ما دون أربعة أشهر لسداد الواردات. وأشارت المصادر ذاتها، إلى أن بعثة صندوق النقد ستقف بالضبط على عدم استخدام حكومة بنكيران الخط الوقائي المالي إلى حدود اليوم على الرغم من الأزمة الاقتصادية والعجز المسجل تجاوزا التوقعات الإيجابية للحكومة. وعلى الرغم من تخفيض نفقات الاستثمار بما قيمته 15 مليار درهم لتوفير نقطة مئوية من الناتج الداخلي الخام كبداية لمسلسل الإصلاحات التي واعدت بها حكومة بنكيران، فإن المصادر المذكورة أكدت على أن بعثة صندوق النقد الدولي ستعمل على إلزام هذه الحكومة بالإسراع في إصلاح صندوق المقاصة الذي يستنزف 50 مليار درهم سنوياً، وتجنّب الضرر الذي من المتوقع أن يضر بالطبقة الوسطى، في حال رفع الدعم عن بعض السلع الأساسية، مثل المحروقات وغاز البوطان اللذين يستنزفان أكثر من 80 في المئة من إجمالي نفقات الدعم. وربطت المصادر المذكورة إلزام الحكومة بإصلاح صندوق المقاصة كبداية لخارطة طريق الإصلاحات المالية والاقتصادية بالمغرب، (ربطته) بالرسالة السمعية البصرية التي شاركت بها مديرة صندوق النقد الدولي (من دون حضور) في المناظرة الوطنية الثانية حول الإصلاحات الجبائية نهاية أبريل بالصخيرات، وهي الرسالة التي حثت فيها على ضرورة إصلاح صندوق المقاصة قبل مباشرة أي ورش إصلاحي. ويفطن صندوق النقد الدولي إلى أن الخلاف السياسي بين مكوّنات الحكومة التي يقودها "البيجيدي" يعرقل خطوات إصلاح صندوق المقاصة الذي يضغط على نفقات الميزانية ويزيد من أزمتها، خصوصا أن هناك من مكونات الحكومة من يرى أن فكرة توزيع نفقات الصندوق مباشرة على الفئات الفقيرة تدخل في إطار الحملات الانتخابية السابقة لأوانها لاستمالة الناخبين لفائدة بنكيران وحزب"المصباح". كما يفطن صندوق النقد الدولي بقيادة مديرته كريستين لاغارد إلى الصعاب التي تواجهها حكومة بنكيران في معالجة أزمة صناديق الاحتياط الاجتماعي المهدد بعضها بالافلاس، ومعالجة مشكلة الضرائب وإمكان فرضها على القطاع الزراعي، الذي يمثّل المصدر الأساس لمعيشة 34 في المائة من السكان. وإلى جانب زيارة بعثة صندوق النقد الدولي يُنتظر أن يحل بالرباط وفد من مؤسسات التصنيف الدولية لتجديد تصنيف الوضع المالي والاقتصادي، الذي تضرر بالخلافات السياسية أكثر.