لا أحد يجرؤ على استئصال المرض من جذوره كحل راديكالي ، ولا أحد صار يجرؤ على قول الحقيقة ، وكشف اللثام ، ولا أحد صارت بمقدرته محاربة الفساد ، لأن الفساد أضحى صديقا حميما ، وهل يعقل أن نثق في صداقة الذئاب والثعالب ! فمن سيضحي ويعلق الجرس للقط كما يقال ! اللوبي التحكمي الذي ينتهج العنف النفسي ، ووسائل الضغط الأخرى ليوظفها بطريقة سرية ، للتأثير على النخب السياسية البارزة في الواجهة ، لتحقيق مصالحه ومصالح رفقائه ، هو نفسه الذي يظهر للناس بمنظار آخر ، كالحمل الوديع ، وهو ذاته الذي تسبب في البلوكاج و أراد تكسير جناح العدالة والتنمية ، ليختار إما المعارضة وتعني ( الإنبطاح و خيانة أصوات الناخبين ، و أمل الشعب ، و انتظار زراوط المخزن ... لكن بكرامة ) أو المشاركة ، مع التنازل و الإذلال ، و حفظا للأمل الصغير في شيء من الرقابة ، على أموال البلاد ... اللوبي التحكمي أو الدولة العميقة التي تقف خلف الكواليس لتنفيذ الأجندة الخاصة بها ، والتي تناقض دولة الحق والقانون ... هي دولة تناقض مفهوم الدولة المنسجمة التي يسود فيها الإعتراف بحق الإختلاف ، و تحترم فيها إرادة الشعب ، و خيارات المواطنين وتشكل خطورة على المسار الديمقراطي الذي ندعي أننا نسير فيه وننهجه ، و تتجلى خطورتها في اختراقها لكل أجهزة الدولة ، بما فيه جمعيات المجتمع المدني ، والنقابات صوت الشعب ، إن صح التعبير ، و لكن سرعان ما تصطدم مع الدولة ذاتها ، عندما يحول عارض أمام مصالحها أو مصالح بعض من ترعاهم و يرعونها ، في نفس الوقت ، و أبسط مثال على ذلك تجربة جماعة كولن في تركيا، فالجماعة ( الدولة الموازية ) كانت مناصرة لحزب العدالة والتنمية التركي أو حليفة له ، لكن اصطدام مصالحها جعلها في مواجهة مباشرة مع الدولة التركية ،فكان ما كان من محاولة بائسة للإنقلاب على الشرعية التركية ، ومحاولة لتفتيت حزب العدالة والتنمية ... لقد نبه بنكيران ذات يوم ،إلى التماسيح والعفاريت التي تتحكم في الخريطة السياسية الكبرى للبلاد ، و تحاول إرباك عمل الحكومة خصوصا عندما يتعلق الأمر ببرامج التنمية الإجتماعية ، التي تدعم الفقراء ، والفئات الهشة ... تماسيح وعفاريت تصنع معارك جانبية لتشغل الرأي العام بها و الشعب ، بعيدا عن المعركة الحقيقية للتنمية ، وبعيدا عن انتظارات المغاربة ... لكنهم سخروا منه و وصفوه بالمجنون الذي يخرف ... لقد اخترنا التواجد إلى جانب الدولة العميقة ، دون أن نطرح السؤال فيما إذا ماكانت تتوفر لنا الإمكانية لنعلق الجرس للقط ، كما يقال ، ونحمي خيار الإصلاح وأصوات الشعب ، التي ثارت في 7 من أكتوبر ... وهاهو الواقع السياسي يا سادة ... وقد كشف لنا عن العديد من الشروخ والتصدعات ، وانفصام الشخصية لدى العديد من مسؤولي الدولة ، لذا نفضل أحيانا السكوت ، كي لا تخرق السفينة ... لكن ما أمر السكوت حين يعتاد على برودة الجليد ، فلا يتبقى من الحقيقة سوى لغة الضباب على شفير يكاد ينهار ، و لا نريد له الإنهيار ... وبلغة الأمل في غد أفضل ... لا يسعنا إلا أن نقول ... (إن يمسسكم قرح، فقد مس القوم قرح مثله، وتلك الأيام نداولها بين الناس، وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء، والله لا يحب الظالمين) - صدق الله العظيم ... بين الدولة العميقة وخيار المشاركة... هي إشارات ... و التتمة لكم