قدم الباحث جامعي و المحلل السياسي قراءات متقاطعة على مستوى الشكل والمضمون حول البرنامج الحكومي الذي قدمه رئيس الحكومة سعد الدين العثماني أمام مجلس البرلمان والذي يتضمن المشاريع الأساسية التي تعتزم الحكومة تنفيذها خلال ولايتها الحالية، يتبين من خلال الإطار القانوني انه جرى عرضه تماشيا مع مضمون النظامين الداخليين لمجلسي البرلمان وفي احترام سليم للمقتضيات الدستورية المنصوص عليها في الدستور لاسيما الفصل 88 وكذا القانون التنظيمي المنظم لأشغال الحكومة أولا على مستوى الشكل نلاحظ ان مضمون البرنامج الحكومي لم يختلف كثيرا عن سابقه الذي شمل 97صفحة وخمس محاو، حيث لم يتجاوز 90 صفحة تم تقسيمه الى اربعة محاور تتمثل في دعم الخيار الديمقراطي وترسيخ الجهوية المتقدمة، تعزيز قيم النزاهة وترسيخ الحكامة الإدارية، تطوير النمودج الاقتصادي والنهوض بالتشغيل والتنمية المستدامة، تعزيز التنمية البشرية والتماسك الاجتماعي تم تعزيز الاشعاع الدولي للمغرب. الضاهر من خلال الكم ان الحكومات المتعاقبة لم تنهج هندسة متقاربة او محددة في تحرير البرامج فعلى سبيل المثال نجد حكومة عبد الرحمان اليوسفي اعتمدت على 29 صفحة خالية من التقسيمات المحورية وبالتالي يمكن القول ان البرامج الحكومية تقاس فعليا من خلال ما تتضمنه من مشاريع تنموية وسياسات عمومية يتم تفعيلها على الواقع. تانيا على مستوى المضمون يتبين من خلال مضمون البرنامج الحكومي انه أعتمد في طريقة بسطه على الأسلوب والنمط التقليديينحيث تم التركيز على المحاور التي تشمل المجال التشريعي والاقتصادي دون غيرهما او بالأحرى دون نفس درجة الاهتمام. يتبين أيضا مدى ترابطه بشكل كبير بين برنامج الحكومة السابقة والحكومة الحالية حيث ان الاستمرارية في تفعيل ما قدمه البرنامج السابق يجعل المتتبع للشأن المحلي والوطني امام هندسة متماثلة الى حد كبير مع حكومة ابن كيران وبالتالي يغلب على البرنامج لاسيما ديباجته التكرار في بعض الصيغ التي تعالج قضايا معينة كأن القارئ أمام تصور يشمل مختلف التقارير السنوية التي تصاغ لكل قطاع. كما ان البرنامج ضعيف من حيث الصيغة الأيديولوجية التي تضمن قوة الإرادة الحزبية المتمثلة في مختلف أحزابالأغلبية وفق مقاربة تشاركية واضحة المعالمفي حين نجدتركيز كبير على الصيغة البيروقراطية التي تتمثل في تسليط الضوء على أليات الأجرأة والتفعيلدون غيرها من الأليات الأخرى. البرنامج قدم وعود من أجل الإصلاح الإداريوتجويد علاقة الإدارة بالمرتفقين تفعيلاللخطاب الملكي المخصصبافتتاح البرلمان في 14 أكتوبر من السنة الماضية،عبر صياغة أليات وخطط للخروج من الرداءة الإدارية وما أصبحت تعرفه الإدارات من اختلالاتتتطلب مواصلةمحاربةالرشوةعبرالعملعلىتحسينتصنيفالمغربفيمؤشرإدراكالفساد،وضمانالتنزيلالأمثلللاستراتيجيةالوطنيةلمحاربةالفسادبتخصيصالموارداللازمةلهاوإرساءنظامفعاللتتبعهاوتقييمها، لكن رغم ذلك نجد ان البرنامج في معرض تركيزه على الإصلاح المؤسساتي غفل اهتمامه بالمجال الحقوقي و بمدى تفعيل الحكامة وربط المسؤولية بالمحاسبة و الانفتاحعلىالقارةالإفريقيةتماشيا مع التوجيهات الملكية السامية من خلال صياغة برامج لتعزيز الدبلوماسية الدولية و النهوض بالتعاون الاقتصادي على مستوى القارة. البرنامج الحكومي كان من المنتظر ان يركز بشكل كبير على المجال الاجتماعي و ما يعرفه من معضلات خصوصا البطالة بين صفوف الشباب، و كذا التهميش بالقرى و الأرياف المعزولة، من خلال تقديم تصور واضح و دقيق يشمل البرامج المعتمدة مستقبلا من اجل دعم التضامن و التكافل الاجتماعي و النهوض بالمجال التنموي، حيث ان البرنامج مر مرور الكرام على هاته النقاط بشكل يلفه بعض من الغموض تفعيل البرنامج الحكومي في افق الولاية الحالية سيطرح في السنوات المقبلة العديد من النقاشات وسيفتح الستار عن مدى انسجام أحزاب السياسية من عدمه داخل هاته الحكومة الفتية.