هناك في بلادي يبيع الرجل صوته مقابل دراهم معدودة فتفرز لنا هذه الأصوات في أغلب الأحيان مستشارين لقطاء ينجبون برلمانا لقيطا وقوانين لقيطة وكل هؤلاء يمارسون ذلك بنية أو بتواطؤ خائن وكل هذا يؤذي بلدي .طبعا نستثني الأصوات الشريفة والمستشارين النزهاء ولا نضع الكل في سلة واحدة فشتان بين هذا وذاك. بلدي فيه ثقوب أوسع من ثقب الأوزون وكل من حاول سدها صعق بتيار كهربائي شديد التوتر يدعى الفساد ينتف كل يوم ريش طائر اسمه المواطن المسحوق هو من صنع المستشار اللقيط ،السياسي في بلادي يهون عليه الانسحاب من الحرب والعودة مهزوما بكل هدوء وصمت من الانسحاب من فراش امرأة اسمها السياسة. آه يا بلدي، فيك سياسيون يستأثرون بمناصبهم ويكرهون مغادرتها إلا تحت طائلة الموت ،لكن إصرارهم على البقاء فيها يتحول في أغلب الأحيان ألى ضيافة ثقيلة تدفع الشباب إلى العزوف عن صناديق الاقتراع ،فيك يا بلدي رجل دولة من الوزن الثقيل يصدمه القطار في جولة ليلية و تصدق الرواية، فيك مناضل تبتلعه المياه حبيس سيارته فيموت في نفس المكان تقريبا، وكأن قنطرة وادي الشراط أصبحت مثلث برمودا المغرب. آه يا بلدي ،فيك يغتال البرلماني بعيارات نارية فتكشف التحريات (إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم) إذا لم يجد جديد ،و يسرق السارق صندوق المال العام فيمثل أمام أعضاء المحكمة مشيرا إليهم بسبابته أيتها العير إنكم لسارقون أيضا، فيشفع فيه عفا الله عما سلف،ويعفى الخطيب من مهامه لأنه شهر بموازين أو المسلسلات المراطونية في خطبته وكأن الإمام لايحسن الكلام إلا في التيمم و تغسيل الموتى أما السياسة والفن بعين استباقية ليصبح عفنا فقد حرم ذلك على الخطباء تحريما. آه يا بلدي، فيك البرلماني أو الوزير حينما يفلح في الحصول على مقعد أو حقيبة فكأنما ابتسم له حظ اليناصيب و ضمن راتبا شهريا مريحا إلى أن يريحنا منه ملك الموت،أما التعويضات عن نهاية الخدمة و التقاعد فهي أرقام لا بد أن تقطع أوتار الذاكرة فتصيبها بالزهايمر،و إذا حاولنا الحصول على الأجر الصافي لكل هؤلاء منذ الاستقلال إلى اليوم، عرفنا لماذا لم تجد إيديا مستشفى يعينها في مصابها وحالة إيديا ليست إلا غيظا من فيض. أما آن الأوان أن يتنازل كل وزير أو برلماني عن ثلث راتبه أو نصفه طواعية مراعاة لمصلحة الوطن فنثمن هذه الشهامة الناذرة ويعقد الشباب الصلح مع الصناديق وتستعيد السياسة عافيتها ورونقها إن كان لها رونق ، وإلا تنازلوا كرهاورغما عن أنوفهم بإصدار المؤسسة الملكية لظهير شريف يحدد رواتبهم في( زوج فرنك فعلا ) ورفعت الأقلام و جفت الصحف و انتهى الكلام.