غادر رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران، اليوم الخميس، مقر رئاسة الحكومة وسلم زميله في الحزب سعد الدين العثماني، مفاتيح قيادة الحكومة في حفل وداع صغير، تاركا خلفه مجموعة من التساؤلات حول استطاعة العثماني ملء الفراغ الذي سيتركه بنكيران من عدمه، وهل شخصية العثماني ستعوض كاريزما زعيم البيجيدي، أم أن "الظاهرة البنكيرانية" في التدبير والتواصل والإقناع انتهت؟ أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس بالرباط، ميلود بلقاضي، قال إن ما سماها بالمرحلة البنكيرانية قد انتهت على مستوى رئاسة الحكومة، لكنها ستبقى حاضرة بقوة في ذاكرة الشعب، مشيرا إلى أن شخصية العثماني لا يمكنها إطلاقا أن تعوض بنكيران. وأوضح في تصريح لجريدة "العمق"، أنه لا يوجد أي شخص يمكنه ملء الفراغ الذي تركه بنكيران في رئاسة الحكومة، سواءً من داخل حزب العدالة والتنمية أو خارجه، معتبرا أن قوة بنكيران كانت في عفويته وبساطته وذكائه السياسي ومهاراته التواصلية. واعتبر المتحدث، أن شخصية العثماني تطبعها اليقظة والحذر، وليست له قوة المواجهة والرد السريع والقدرة على الذهاب بعيدا في المواجهة، عكس بنكيران الذي يتميز بشخصية قوية في الجانب السياسي والتواصل والإقناع. وأضاف المحلل السياسي أن البرلمان بغرفتيه سيفقد الآن الجو الخاص ببنكيران، وستعرف الساحة السياسية فراغا في الجانب التواصلي الذي رسخه بنكيران، وهو الأمر الذي لن يستطيع العثماني السير عليه، حسب قوله. وفي سياق مرتبط، اعتبر عبد الرحيم العلام، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، أن طريقة تفاعل بنكيران مع العثماني ستكون حاسمة في تحديد مصير الحكومة الجديدة، مشيرا إلى أنه في حالة تدخل بنكيران لدعم ومساعدة العثماني، وإذا تفاعل الأخير مع بنكيران والأمانة العامة للحزب بشكل إيجاني وأخذ بآرائهم، فإنه سيتجاوز الكثير من المعيقات. وأضاف العلام في تصريح لجريدة "العمق"، أنه في حالة ابتعاد بنكيران عن دعم العثماني، والمؤشرات الحالية تسير في هذا الاتجاه، أو تدخل بمواقف وإجراءات وتصريحات معاكسة لتوجه العثماني، فإن الأمر سيؤدي إلى سحب ثقة حزب العدالة والتنمية من الحكومة. وأشار المتحدث إلى أنه في حالة سحب بنكيران ثقته من الحكومة سيجعلها حكومة ضعيفة، وبالتالي ستعمل جهات خارجية وداخلية على دعمها بقوة، خاصة القصر والإعلام الرسمي وأموال الإمارات، عكس حكومة بنكيران التي كانت تواجه بالتهميش. المحلل السياسي ذهب في تحليله إلى توقع سقوط الحكومة في حالة سحب بنكيران ثقته منها، خاصة وأن عددا من وزراء البيجيدي يدعمون بنكيران، والتركيبة البرلمانية للبيجيدي تبدو متوافقة معه في حالة إذا قررت المعارضة طلب ملتمس الرقابة، خاصة بوجود الاستقلال الذين سينحاز برلمانيوه إلى بنكيران، حسب قوله. وفي نفس الصدد، قال العلام إن العثماني قد يتخذ في حكومته إجراءات وصفها ب"الشعبوية" لرفع شعبيته، كالزيادة في الأجور والتراجع عن بعض القوانين كالاقتطاع من أجور المضربين ومراجعة قانون إصلاح التقاعد، لتظهر بذلك حكومة العثماني أقوى من بنكيران، مضيفا أنه في السيناريو الآخر قد يتخذ العثماني إجراءات وقرارات تواصل الإصلاحات التي بدأها بنكيران.