تجمعات هنا وهناك، شباب في مقتبل العمر تجمعوا في مجموعات يستمتعون بلعب كرة القدم، فيما لجأ آخرون إلى السباحة هربا من حرارة الجو المرتفعة، وعلى رمال البحر جلس عدد من الشباب مولين وجوههم صوب البحر يستمتعون بمنظر أمواجه، فيما بعضهم يتأمل غروب قرص الشمس في الأفق. عقارب الساعة تشير إلى السابعة والنصف، ولا يفصل كل هؤلاء عن آذان المغرب سوى دقائق ليتناولوا فطورهم على شاطئ الوداية بالعاصمة الرباط. تقليد جديد ألفت الأسر المغربية في رمضان أن تتحلق حول موائد الإفطار في البيوت، لكن في السنوات الأخيرة التي أصبح يتزامن فيها شهر الصيام مع فصل الصيف، نقل العديد من سكان مدينة الرباط موائدهم إلى شاطئ البحر. الإفطار في الشاطئ له نكهة خاصة، هكذا وصفه سفيان (شاب في العشرينيات من عمره)، والابتسامة لم تفارق تقاسيم وجهه، مضيفا "سعيد جدا بقضاء هذه اللحظة رفقة أصدقائي، بحيث نستمتع بالأكل في جو مرح". شهدت شواطئ الرباط ازدحاما منذ أوائل شهر، أناس من مختلف الأعمار قرروا "كسر الروتين اليومي وتغيير قاعدة الإفطار المعتادة والاستمتاع بالوجبة في الهواء الطلق والاستمتاع بلحظة الغروب قبيل الإفطار"، كما قال أحد المصطافين ل"العمق المغربي". على رمال البحر أحاطت سعاد وزوجها وأطفالهما بمائدة إفطار لا تختلف أصناف الطعام التي وضعت عليها عن التي ألفها المغاربة في بيوتهم خلال رمضان، وفيما زوجها يتحقق من الساعة بين الفينة والأخرى، قالت سعاد "قررت تناول وجبة الإفطار اليوم رفقة زوجي وأطفالي الصغار، خارج جدران المنزل، واخترنا شاطئ الوداية لكونه قريب من مسكننا". وتابعت "على الرغم من الازدحام الذي يشهده الشاطئ يوميا، إلا أننا نستمتع كثيرا بهذه الأجواء لدرجة أنه يصعب علينا ترك هذا المكان والعودة مجددا إلى المنزل". وفي الوقت الذي خرج بعض سكان الرباط رفقة عائلاتهم للإفطار على شاطئ البحر، فضل الآخرون الخروج رفقة أصدقائهم، أحد هؤلاء أميمة (24سنة)، التي قالت ل"العمق المغربي"، وهي تجلس بين صديقاتها، "عندما نقرر تنظيم إفطار في الشاطئ، أفضل أن أقتني بعض الوجبات من الشارع لكي لا أضيع وقتا طويلا بالمنزل". أما حنان فإنها تختار أن تهيئ وجبة الإفطار في البيت موضحة "أهيئ وجبة الإفطار عادة في البيت لكي أكون على دراية كبيرة بما أقدمه من أكل لأسرتي، على الرغم من المجهود الذي يتطلبه تحضير أطباق متنوعة". وأضافت حنان "أختار كل نهاية أسبوع وجهات مختلفة لتناول وجبة الإفطار بعيدا عن المنزل، لكسر الروتين والترويح عن النفس". الإفطار والفيسبوك استغل العديد من الشباب موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، لتنظيم إفطارات جماعية على شاطئ البحر، نظرا لسهولة التواصل والتنسيق على الموقع، إذ من شأن تدوينة بسيطة أن تكون وراء إفطارا يضم عددا من "الأصدقاء" افتراضيا. محمد الذي يدير مجموعة في موقع "فيسبوك" تمكن من تنظيم إفطار جماعي لأعضاء مجموعته عن طريق تدوينة، يقول إنها "لاقت تفاعلا وترحيبا كبيرين من طرف الأعضاء". وتابع الشاب العشريني في حديثه ل"العمق المغربي": "اتفقنا على أن يجلب كل شخص وجبته، بحيث أن لكل رغبته في تناول أصناف معينة". غير بعيد عن محمد جلست ريم (20 سنة)، إحدى أعضاء، المجموعة، التي عبرت في حديثها ل"العمق المغربي" عن سعادتها الكبيرة بهذا الإفطار الجماعي، مضيفة "رحبت جدا بهذه الفكرة التي مكنتني من إقامة علاقات صداقة جديدة"، ما إن أنهت ريم حدثيها حتى سمع صوت آذان المغرب ليتحلق الجميع حول موائد الطعام. مباشرة بعد الإفطار عاد النشاط والحركة مجددا بالشاطئ، إذ شرع بعض الشاب في إشعال النار والعزف على آلة "الغيتار"، وأطلق آخرون حناجرهم للغناء، فيما فضلت فئة أخرى مشاهدة النشاط والاستمتاع بتلك الأجواء من بعيد.