بعد صراع طويل مع مرض الباركنسون، طوى الموت صفحة أسطورة الملاكمة العالمية محمد علي كلاي، عن عمر يناهز ال74 عاما، خاض خلالها عشرات المعارك على حلبة الملاكمة وسجل العديد من الإنجازات وتفوق على أبطال كبار في اللعبة العنيفة، لينال لقب صاحب اللكمة الأسرع والأقوى في العالم. ولد محمد علي كلاي الذي كان يحمل اسم "كاسيوس مارسيلوس كلاي جونيور" قبل اعتناقه الإسلام، عام 1942، في لويفيل بولاية كنتاكي الأمريكية. وبدأت مسيرة كلاي الرياضية في وقت مبكر، وكان يبلغ حينها 12 عاما، وحصل على عدة ألقاب في مسابقات محلية ووطنية بأمريكا، لكن الإنجاز البارز الأول للنجم الذي كان يصف نفسه بقوله "أطير كالفراشة وألدغ كالنحلة" كان عام 1960، حين حصد ذهبية أولمبياد روما في الوزن الخفيف وخاض عقبها 19 نزالا فاز فيها جميعها، منها 15 بالضربة القاضية. وحين بلغ كلاي الثانية والعشرين من عمره، توج بطلا للعالم على حساب مواطنه سوني ليستون. وفي اليوم التالي أطلق على نفسه اسم "كاسيوس إكس" تيمنا بزعيم المسلمين السود "مالكولم إكس"، وبعد أشهر اعتنق الإسلام وبات يعرف باسم محمد علي، منذ ذلك الحين. دخل كلاي في مواجهة مباشرة مع بلاده حين رفض الالتحاق بصفوف الجيش الأمريكي للقتال في فيتنام في ستينيات القرن الماضي، وعلى الرغم من رسوبه في الاختبارات الكتابية واللغوية التي قدمها كلاي للجيش الأمريكي عام 1964، فإن الأخير قام بمراجعة الاختبارات عام 1966 وأعلن نجاحه. وأدى رفض كلاي الخدمة العسكرية والقتال في فيتنام إلى سحب أكبر لقب ناله في الملاكمة عام 1967، لاعتراضه الصريح على حرب فيتنام، وأصبح أحد الرموز المعارضة للحرب التي خرجت منها أمريكا بخسائر فادحة. وقال كلاي حينها: "لن أحاربهم فهم لم يلقبونني بالزنجي"، وقال أيضا: "هذه الحرب ضد تعاليم القرآن. لا يفترض أن نخوض حروبا إلا إذا كانت في سبيل الله ورسوله". واحتفظ بلقب بطل العالم حتى العام 1967، تاريخ رفضه التوجه إلى فيتنام لخوض الحرب إلى جانب مواطنيه. وإذا كان أفلت من دخول السجن فإنه منع من الملاكمة بسبب ذلك قبل أن يعفى عنه عام 1971. وفي العام ذاته دافع عن لقبه ضد جو فريزر في مباراة وصفها محمد علي نفسه بأنها "نزال القرن"، وخسرها بالنقاط قبل أن يستعيد لقبه بعد ثلاث سنوات في مباراة مشهودة ضد جورج فورمان، أقيمت في كينشاسا عاصمة زئير عام 1974، عندما أنزل منافسه بالضربة القاضية في الجولة الثامنة. وثأر محمد علي لخسارته أمام فريزر في مانيلا عام 1975، قبل أن يخسر اللقب ضد مواطنه ليون سبينكس عام 1978، لكنه استعاد لقبه العالمي للمرة الثالثة ضد سبينكس بعد سبعة أشهر. وخاض محمد علي 60 نزالا، فاز في 56 منها وحصل على 22 لقبا عالميا، لكنه على الرغم من ذلك دفع ثمن السنوات الطويلة التي أمضاها في عالم الملاكمة والتي اعتزلها رسميا عام 1981 في عمر ال39، حيث أصيب بمرض الشلل الرعاشي (باركنسون). ويعرف كلاي بأنه صاحب اللكمة الأسرع والأقوى في العالم، حيث عادلت قوة لكمته حوالي الألف باوند. لكن على الرغم من المرض، فإن ذلك لم يثنه عن القيام بجهود كبيرة في خدمة الرياضة والإسلام والأطفال. وحصل كلاي على تكريم كبير من قبل اللجنة المنظمة لأولمبياد أتلانتا عام 1996، عندما أوكلت إليه مهمة إيقاد الشعلة الأولمبية.. فقام بذلك ويداه ترتجفان في مشهد مؤثر. ويرجع التاريخ المرضي لمحمد علي كلاي إلى عام 1984، حين تمكن منه داء الباركنسون (الشلل الرعاشي) وتدهورت حالته الصحية في عام 2005، بشكل ملحوظ وتوالت بعدها نكساته الصحية، فكان يمضي فترة من الوقت كل سنة في مستشفى في مدينة فينيكس بولاية أريزونا. وتعرض في فبراير 2013، إلى نكسة صحية قوية نقل على إثرها إلى المستشفى، وصرح شقيقه رحمان علي لصحيفة "نيويورك تايمز" في حينه، أنه في حالة حرجة وقد يرحل في أيّ لحظة قبل أن تنفي ابنته ليلى ذلك. وفي الثاني من شهر يونيو الجاري 2016، أدخل كلاي للمستشفى مجددا بسبب مشكلة في التنفس، لتأتي التقارير الصحفية بأن أسطورة الملاكمة يحتضر بالفعل، ويتم تأكيد خبر وفاته صباح 4 يونيو 2016. عربي21