حذر إدريس جطو رئيس المجلس الأعلى للحسابات خلال عرضه أمام البرلمانيين، لمضامين تقرير المجلس برسم سنة 2014، من ارتفاع المديونية العمومية، كما دعا إلى التعجيل بإصلاح أنظمة التقاعد لتفادي المخاطر الكبيرة التي تهدد المالية العمومية للمغرب. وكان المجلس الأعلى للحسابات قد أصدر مؤخرا التقرير السنوي المتعلق بسنة 2014، والذي تضمن تطور المالية العمومية لسنة 2013، بناء على المعطيات الحسابية النهائية لتلك السنة، وكذا أهم مؤشرات الظرفية المالية والاقتصادية لسنة 2015، كما سطر عددا من التوصيات والملاحظات في هذا الجانب، منها ضرورة التعجيل بإصلاح أنظمة التقاعد، والتحذير من ارتفاع المديونية من خلال الدعوة إلى اتخاذ الجهود الكفيلة بالتحكم فيها. التعجيل بإصلاح أنظمة التقاعد دعا رئيس المجلس الأعلى للحسابات، ادريس جطو، إلى ضرورة التعجيل بإصلاح أنظمة التقاعد، مشيرا إلى أن عدم توازن أنظمة التقاعد يشكل مخاطر كبيرة بالنسبة للمالية العمومية، كما يمثل تهديدا لضمان ديمومة هذه الأنظمة وتمكنها من الوفاء بالتزاماتها المستقبلية تجاه المتقاعدين الحاليين والمستقبليين. وأضاف جطو، خلال العرض الذي قدمه أمام البرلمان الأسبوع الماضي، أن التشخيص الذي قام به المجلس سنة 2013، أفضى إلى ضرورة إيجاد حلول شمولية، والتعجيل بمباشرة مسلسل من الإصلاحات الآنية والعميقة، يشمل جميع أنظمة التقاعد المتواجدة، ويمتد على المدى القصير والمتوسط والبعيد. وأكد جطو، أن عدم تفعيل توصيات الهيئة الوطنية لإصلاح منظومة التقاعد، لأبريل 2013، قد فوت على الصندوق إمكانيات تدعيم احتياطياته، وأدى إلى تدهور وضعيته بشكل ملحوظ، حيث صارت المساهمات غير كافية لتغطية الالتزامات، إذ تم تسجيل عجز بمبلغ 963 مليون درهم سنة 2014، و2.8 مليار درهم سنة 2014، و2.8 مليار سنة 2015، و6.8 مليار درهم سنة 2016 (أي 10.6 مليار خلال 3 سنوات). وأشار جطو، إلى أن الإصلاحات المدرجة ضمن مشاريع القوانين، التي تم اعتمادها من قبل الحكومة، و تقديمها للبرلمان فإنها، وإن كانت ضرورية، تبقى غير كافية نظرا لعدة اعتبارات، منها أن الإصلاح المقياسي المقترح لا يشمل مجموع أنظمة التقاعد بل يقتصر على الشق المدني للصندوق المغربي للتقاعد، وبالتالي لا يساهم في إحداث تقارب بين أنظمة التقاعد حتى داخل القطاع العام. وعلاوة على ذلك، يقول جطو، فإن الإصلاح المقياسي، لن يمكن سوى من تقليص العجز الحالي، إذ ستظل المساهمات غير كافية لتغطية الالتزامات وسداد رواتب التقاعد، وسيظل العجز قائما، وسيأخذ منحا تصاعديا خلال السنوات المقبلة، حيث سينخفض من 6.8 مليار درهم سنة 2016، إلى 3.2 مليار درهم 2017، ليصل إلى 4.1 مليار درهم، ثم يتواصل هذا المنحى التصاعدي إلى حدود استنزاف كامل الاحتياطات في أفق 2028. التحذير من ارتفاع المديونية حذر رئيس المجلس الأعلى للحسابات إدريس جطو، من ارتفاع المديونية العمومية، داعيا إلى بذل مزيد من الجهود قصد التحكم في ارتفاعها إذ أوصى بالتزام سياسة حذرة في ذلك، مضيفا أنه تم تسجيل عدة اختلالات على مستوى أداء الخزينة ومؤشرات المالية العمومية. وحدد جطو، أن الاختلالات تتجلى بالأساس، في ترك لمتأخرات الأداء، حيث انتقلت متأخرات الضريبة على القيمة المضافة المستحقة لفائدة المؤسسات والمقاولات العمومية دون القطاع الخاص، من 8.7 مليار درهم سنة 2010 إلى 25.18 مليار درهم، عند نهاية 2015، أي ما يناهز 48%، من مداخيل ميزانية الدولة من الضريبة على القيمة المضافة. وأشار جطو، إلى أن هذه المبالغ، تعتبر ديونا على الدولة إزاء أكبر المؤسسات التابعة للقطاع العام، والتي تلعب دورا مهما في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمغرب، ويتعلق الأمر أساسا بالمجمع الشريف للفوسفاط، والشركة الوطنية للطرق السيارة، والمكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب، والمكتب الوطني للسكك الحديدية، وشركة الخطوط الجوية الملكية المغربية. وأكد جطو أن من شأن عدم معالجة هذه الديون أن يحد من قدرة المؤسسات المعنية على الوفاء بالتزاماتها المالية كما أنها تشكل إحدى المخاطر التي قد تهدد المالية العمومية. كما أضاف المتحدث ذاته، أن الاختلالات على مستوى أداء الخزينة ومؤشرات المالية العمومية، تتمثل أيضا في وقف جزء من الإمدادات التي تمنحها الدولة للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، والذي لم يتم تحويله لفائدتها بمبلغ اجمالي وصل إلى 9,8 مليار درهم عند نهاية سنة 2015، فحجم هذه المتأخرات، انعكست بصفة سلبية على هذه الهيئات التي أصبحت عاجزة عن الوفاء بالتزاماتها إزاء الموردين والمتعاقدين معها. وكشف جطو، أن خدمة دين الخزينة، ارتفعت من 133 مليار درهم سنة 2014 إلى 143 مليار درهم سنة 2015، دون أن تسجل تغييرا بشأن نسبتها من الناتج الداخلي الخام، حيث بقيت مستقرة في حدود 14.5% من الناتج الداخلي الخام. أما الدين العمومي، بما في ذلك الدين الذي يستفيد من ضمان الدولة، فإن حجمه عرف ارتفاعا ملحوظا حيث انتقل من 743 مليار درهم سنة 2014 إلى 807 مليار درهم سنة 2015 أي بقيمة تجاوزت 64 مليار درهم ويمثل 81.3% من الناتج الداخلي الخام. ودعا جطو، إلى معالجة هذه الديون في آجال معقولة بهدف استقرار الوضعية المالية للمؤسسات العمومية المعنية، وإذا كان هامش التدخل في هذا المجال قد يبدو ضيقا نظرا للتأثير المباشر والمزدوج على نسبة عجز الميزانية وحجم ديون الخزينة، فإن وفاء الدولة بالتزاماتها من شأنه ضخ المزيد من السيولة في النسيج الإنتاجي الوطني، وتمكين العديد من المقاولات الصغرى والمتوسطة من مستحقاتها، مما سيساعده على مواجهة إكراهات التمويل التي تعتبر إحدى أهم العراقيل التي تواجهها. الوظيفة العمومية تعاني من ظاهرة الغياب كشف تقرير للمجلس الأعلى للحسابات، أن الوظيفة العمومية في المغرب تعاني من ظاهرة الغياب، حيث سجلت سنة 2014، في قطاع التعليم فقط، ما مجموعه 636 ألف و400 يوم غياب (مبرر وغير مبرر)، وهو ما يعادل تقريبا غياب 4000 مدرسا طوال السنة الدراسية. وأظهر التقرير، أن عدد الموظفين العموميين المدنيين بلغ سنة 2015 أزيد من 585 ألف و500 موظفا، يتركز أكثر من 21% منهم في خمسة قطاعات عمومية وهي: التعليم والداخلية والصحة والعدل والمالية. وأضاف، أن توزيع الموظفين على الصعيد الوطني لا يستجيب لأي منطق اقتصادي أو ديموغرافي، مع ظاهرة تركيز الموظفين في بعض الجهات (الرباط والجنوب)، على حساب أخرى (طنجة - تطوان ودكالة – عبدة). كما لوحظ أيضا ضعف في ترشيد استعمال أعداد الموظفين ببعض القطاعات كالتعليم مثال (2.037 موظف في 16 أكاديمية جهوية، و 7.686 موظف في 63 نيابة، و2.364 موظف في وضعية إلحاق أو إيداع، و210 موظفا في وضعية تفرغ نقابي). وأورد التقرير ذاته، أنه وخلال الفترة ما بين 2008-2015، ارتفعت كتلة الأجور، ب47 في المائة، في حين أن أعداد الموظفين تزايدت بنسبة 8.5 في المائة، كما ارتفع معدل الأجر الشهري في نفس الفترة من 5.333 درهم إلى 7.381 درهم، وبالتالي فإن النسبة السنوية لارتفاع كتلة الأجور ما بين 2008 و2015، وصلت إلى 5.6 في المائة، حيث بلغت سنة 2015 ما يناهز 120 مليار درهم باحتساب مساهمات الدولة في أنظمة التقاعد ومنظمات الاحتياط الاجتماعي.