ماتت مي فتيحة رحمة الله عليها بعد ان قالت لنا ان الكرامة مواجهة ، ان الكرامة اصرار ، ان الكرامة تحدي ، ان الكرامة موت في سبيل كل ذلك. لقد كانت مي فتيحة امراة صامدة في وجه الفقر، امراة رفضت ان تمد يدها للغير، واختارت بارادتها وبسبق الاصرار والترصد ان تقتل فاقتها بييع البغرير في الشارع العام ، ان تجلس كل يوم لكل تبيع ما تصنع يدها من بضع حفنات من الدقيق مخلوط بحفنات من الكبرياء والصمود . لقد واجهت مي فتيحة قدرها بعد اهانها من ليس دورهم هو تطبيق فقط، بل جعل القانون والدولة في خدمة انسان هذا الوطن ، لكن للاسفاختاروا تطبيق القانون فقط ، قانون يصبح نافذا وبعشرت العيون عندما ينظر للفقراء والمعدمين ، لكنه يصبح احولا حينما ينظر الى الاغنياء واعمى حين ينظر الى اصحاب النفوذ. لقد ماتت مي فتيحة وهي تصيح فينا، هناك المئات مثلي، لا بل هناك الآلاف مثلي، نساء تركن لقدرهن ، بعد ان ادارت الدولة ظهرها لهن منذ الاستقلال ، نساء كنت اعرف منهن مي عيشة ومي منانة وهن المتجهات من حي العكاري الى حي اكدال لكي يشتغلن خادمات عند الفرنسيات ، نساء ارادتهن صلبة بصلابة فقرهن ، بل بصلابة قدرهن الذي فررنا منه الى الكفاح والنضال في زمن الجحود ، نساء يبعن خبزا لكي يطعمن اطفالهن خبزا، يبعن خبزا معجونا بالعرق فاصبح اليوم معجونا بالدماء . فيا أمة عجنة خبزها بدما مي فتيحة، قومي ورفعي الف تحية لمي فتيحة وكل النساء في زمن التضحية. الكاتب العام لمجلس مدينة الرباط