أساتذة الزنزانة 10 يعتصمون أمام الوزارة    مثقفون: سياسات عمومية تنهي توارث الفقر.. والإيديولوجيا تدور حول الشمس    خط جوي جديد يربط الرباط بمدينة مانشستر    اجتماع وزاري إفريقي يرأسه المغرب يناقش تأثير الذكاء الاصطناعي على السلم والأمن والحكامة في إفريقيا    المربون يتهمون وزارة الفلاحة بغض الطرف عن تلاعب السماسرة بسوق الكتاكيت مما يؤدي لغلاء الدجاج    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    إسرائيل تواصل حرب الإبادة ضد الفلسطينيين.. 710 شهداء وأكثر من 900 جريح خلال 48 ساعة    إيران: رسالة ترامب "أقرب إلى تهديد"    "اليسار الديمقراطي" يستنكر عودة الكيان الصهيوني لسفك دماء الفلسطينيين ويطالب بوقف التطبيع    أمطار رعدية مرتقبة اليوم بعدد من مناطق المملكة    المغرب يتراجع في ترتيب الدول الأكثر سعادة إلى أدنى رتبة له على الإطلاق    فيديو استعراضي يقود شابًا إلى قبضة الأمن في آيت عميرة    محكمة ألمانية تقرر تسليم "بودريقة" للمغرب    مدرب إسبانيا لا يرى أي مشكلة بصوم لامين جمال    سد بوعاصم بالحسيمة.. لا وجود لمخاطر على السلامة بعد المعاينة (وزارة التجهيز والماء)    المغرب والكاميرون يعززان التعاون العسكري باتفاق جديد يشمل تدريبات مشتركة    تركيا.. مظاهرات عارمة احتجاجا على اعتقال رئيس بلدية إسطنبول    القافلة الطبية أزير تحط رحالها بالجديدة لأربعة أيام    الصين تكشف عن تدابير جديدة لضمان تكافؤ الفرص في السوق    استقرار العلاقات الاقتصادية بين بكين وواشنطن سيفيد الشركات في جميع أنحاء العالم (مسؤول صيني)    نيويورك.. هلال يدعو إلى جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل    ‬المغرب يلجأ للدفاع الدولي ضد "رسوم أوروبية" لصون حقوق المُصدرين    السعودية تفرض على الحجاج الجزائريين تقييم نفسي إجباري    المؤسسة الإعلامية " موروكو ميديا نيوز" وشركائها توجوا الفائزين والفائزات في تجويد وترتيل القرآن الكريم بأكادير    المدير الإقليمي للتجهيز ينذر بعض المقاهي الشاطئية بالجديدة : التسوية القانونية أو اللجوء إلى القضاء لإخلاء الملك العمومي    إدانة انتهاكات حقوق النساء بتندوف من قلب الأمم المتحدة بنيويورك    الحسابات الفلكية تعلن موعد عيد الفطر في المغرب!    أنفوغرافيك | من ضمنهم الزفزافي.. 11 بطل للديمقراطية حول العالم    المنتخب الوطني يختتم استعداداته قبل مواجهة النيجر وتنزانيا في وجدة (فيديو وصور)    البيضاء.. توقيف شخص يشتبه تورطه في عرقلة السير بالشارع العام وتعريض مستعملي الطريق للخطر    65% من الفرنسيين يرون أن فرنسا تفتقر إلى الشجاعة والصرامة في التعامل مع النظام الجزائري    سعيد الليث: أزيد من 33 ألف أسرة استكملت بناء وتأهيل منازلها المتضررة من زلزال الحوز    ندوة تتناول الزراعة بإقليم الناظور    أوريد: أزمة السياسة "ليست مغربية".. والشعبوية متحور عن الفاشية    الكاف يعلن مواعيد مباريات ربع نهائي دوري أبطال إفريقيا وكأس الكونفدرالية    ‬الحكومة والهروب الكبير    محكمة هامبورغ العليا تقضي بتسليم محمد بودريقة إلى المغرب    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس.. أمطار وزخات مع رعد بمنطقة طنجة    عمرو خالد: هكذا يمكن تفادي الصراع والصدام واللجوء إلى الحوار والوئام    قناع الغرب.. البروتوكولات المضللة -17- آلاستَير بونيت: الغرب الأبيض!    خالد بن الصغير يترجم «يهود الامبراطورية السفراد»    أخبار الساحة    الإسكندر في المغرب    تماسك المغرب الجديد    "رمضانيات الأحرار" بأكادير… أمسية روحية مميزة احتفاء باليوم العالمي للمرأة    استئصال اللوزتين يحمي الأطفال من اضطرابات التنفس أثناء النوم (دراسة)    الدراما المغربية بين النمطية والإنتاج القصير: هل حان الوقت للتغيير؟…ناقد فني يجيب "رسالة 24"    مراكش الحمرَاء التاريخ فى سكُون    اليوم العالمي للشخير    تعرف إلى أغلى 8 لاعبين في المنتخب المغربي … وضمنهم حكيمي … ودياز    حِكم حَلاجِية..    عمرو خالد: جفاف القلوب أسوأ من شح الجيوب.. وهكذا يمتلئ خزان الحب    اضطرابات النوم في رمضان: البحث عن التوازن بين الصيام والراحة    الشيخ أبو إسحاق الحويني يرحل إلى دار البقاء    دراسة جديدة تربط بين الطقس الحار وأمراض القلب في أستراليا    شهر رمضان في أجواء البادية المغربية.. على إيقاع شروق الشمس وغروبها    لا أيمان لمن لا أمانة له ...    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما كل عاطل بمقدوره تحدي "إعاقته"، يا سمية بنكيران !
نشر في أخبارنا يوم 26 - 10 - 2014

كثيرا ما تردد على مسامعي قول "كل فتاة بأبيها معجبة"، دون أن أعيره أي اهتمام خاص، لانشغالي بمعارك الحياة اليومية، بيد أنه سرعان ما اختلف الأمر، عندما صادفت عيناي مؤخرا "ثرية"، تنير صفحات صحف ورقية وتشعل مواقع إلكترونية، والتي ليست سوى ابنة رئيس الحكومة: "سمية"، حين شاءت اقتفاء أثر والدها والسير على هديه في اتخاذ قراراتها بجرأة، فهو مبعث فخرها واعتزازها، ترى فيه الرجل الأفضل والمحب الأمثل، والقيادي الأقوى والأنقى... حتى وإن كان مسؤولا عن الغليان الاجتماعي القائم، بسبب عناده وعجرفته وثقته الزائدة في نفسه اللوامة...
سمية بنكيران، سواء اختارت بمحض إرادتها، أو اختير لها خرجتها الإعلامية في هذه الفترة الحاسمة من تاريخ ولاية أبيها، كأول رئيس حكومة جاءت إثر اشتعال الشارع المغربي بالاحتجاجات الشعبية، التي قادتها حركة 20 فبراير الميمونة، وتزامنت مع اندلاع ثورات الربيع العربي، وفي ظل دستور جديد منحه صلاحيات موسعة، لم يحظ بمثلها مسؤول قبله في الدساتير السابقة، دون أن يحسن استغلالها في اتجاه التغيير المأمول. بدون سابق إشعار، سارعت عبر "الفايسبوك"، إلى رفضها ما ادعته وصفا لها بالعاطلة عن العمل، واتهامها بتوظيف عطالتها لغسل ماء وجه أبيها وفق أجندات انتخابوية، والقيام بحملة سابقة لأوانها لفائدة حزبه "العدالة والتنمية"، وصرحت بكونها لا تؤمن بمفهوم العطالة، وأن العاطل في نظرها من تعطلت حواسه وطاقاته. وفي رسالة مباشرة دعت الشباب غير العامل من ذوي الشهادات العليا، وضمنيا ضحايا محضر 20 يوليوز، إلى ضرورة التحلي بالصبر وعدم الاستسلام لليأس والتذمر، والتفاؤل بالمستقبل الواعد !
فابنة رئيس الحكومة وحسب بعض المواقع، حاصلة على شهادة عليا من دار الحديث الحسنية، وأنها بمعية خريجي هذه المؤسسة الوطنية، وجدوا أنفسهم بغتة وبعد ست سنوات من التحصيل العلمي الجاد، مقصيين من اجتياز مباريات ولوج الوظيفة العمومية، لقلة مناصب الشغل في مجال تخصصهم، ومع ذلك رضيت بالقضاء والقدر. لم تسع إلى إحراج والدها، أو الخروج للتظاهر أمام البرلمان والمطالبة بالتوظيف المباشر، احتراما لمقتضيات الدستور وتحديدا الفصل 31 منه حول مبدأ تكافؤ الفرص بين أبناء الشعب، وتفاديا لما يحدث من تكسير الأيدي والأرجل، إسقاط الأضراس وتهشيم الرؤوس من لدن رجال الأمن، الذين يفرطون في استخدام العنف ضد المتظاهرين. ولإيمانها الشديد بما للعلم من بالغ الأهمية في حياة الشعوب والمجتمعات، وتحدرها من عائلة تهتم بالشؤون الدينية والعلوم الشرعية، فمن المحتمل أن يكون والدها وراء تشجيعها على استكمال دراساتها العليا لاعتبارات خاصة، واقتداء بقول سيدنا داود لابنه سليمان عليهما السلام: "لف العلم حول عنقك، واكتبه في ألواح قلبك"، ذلك أن العلم زينة المرء وتطهير للقلب، منارة للوعي والهداية، تهذيب للنفس وتوريث لخشية الله. أليس العلماء ورثة الأنبياء؟ فقد أمر الله نبيه الكريم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، بالاستزادة من العلم مصداقا لقوله تعالى: "وقل ربي زدني علما". لذلك لا غرابة في اتخاذ سمية قرارا حاسما وإراديا، بإقدامها على تحدي إعاقتها/ عطالتها بالتحصيل العلمي، سواء كان بدافع شخصي أم بإيعاز من والدها، ولا يسعني هنا إلا تهنئتها على نظرتها الثاقبة. فقد بادرت إلى التسجيل بكلية الحقوق، واستطاعت انتزاع شهادة الإجازة في العلوم القانونية، وهي اليوم طالبة بماستر قانون الأعمال، إلى جانب كونها طالبة باحثة في سلك الدكتوراة بدار الحديث الحسنية. غير أن ما تعذر علي إدراكه، هو لماذا لزمت "المناضلة" سمية الصمت حوالي ثلاث سنوات؟ أهي خشيتها من الحسد أم من لعنة التشويش المفضية إلى الإخفاق، أم أنها انتظرت الإعلان عن تاريخ الانتخابات، لمؤازرة والدها في محنته؟ وحدها تملك حق الرد...
لنا أن نتباهى بطلبتنا الذين نذروا أنفسهم للعلم والمعرفة، وشق طريق تطوير مستوياتهم الفكرية بعزم وإصرار. فالشباب عماد الأمة وسر رقيها وازدهارها، هم اللبنة الأساسية في بناء صرح الديمقراطية، النهوض بحاضر ومستقبل الوطن، والسهر على حمايته ورفعته. لذلك تنفق الدولة الكثير من الجهد والمال في التربية والتكوين، بهدف استثمار قدراتهم في تحريك دواليب الاقتصاد الوطني وتحقيق التنمية، بدل تفجير طاقاتهم في الاحتجاجات والتظاهرات... فالأغلبية الساحقة من المعطلين حاملي الشهادات، ليسوا أبناء وزراء أو أثرياء، إنما هم أبناء شريحة عريضة من المقهورين والمعوزين، ضحوا بالغالي والنفيس من أجل تأمين مستقبل أبنائهم، مراهنين عليهم في إخراجهم من دائرة الفاقة. ومن بين ما يفسر ذلك، أنه حتى الحاصلين منهم على أعلى المعدلات بالبكالوريا، يسارعون إلى أقرب السبل المؤدية للشغل، والاتجاه صوب التكوينات قصيرة المدد، وإن كانت نتائجها ليست دائما مضمونة...
الحق في العمل لا يقل أهمية عن الحق في التعلم، وقهر "إعاقة" العطالة بالاستزادة من العلم، لأنه من بين أهم حقوق الإنسان التي تكفلها سائر المواثيق الدولية، باعتباره أداة لاكتساب لقمة العيش وصون كرامة الإنسان، والحرمان منه يعد إجحافا قاسيا، ويقود إلى الإحباط. فعلى الدولة تحمل كامل مسؤولياتها وتمكين مواطنيها من فرص الشغل، بقطع النظر عن الانتماء أو العرق، فلا مبرر لها بعد صرفها ميزانيات ضخمة من جيوب دافعي الضرائب، للتملص من واجبها السياسي والأخلاقي بالتخفي وراء الفصل 31 من الدستور...
ما كنت أتمنى ابنتي سمية لخرجتك، أن تمنى هي الأخرى بالفشل، لكن ما باليد حيلة إن كان قدركم كذلك، فقد سبقك في محاولة يائسة لإشغال المواطنين بدل تشغيل العاطلين، السيد: عبد السلام الصديقي وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية، ذات رمضان فائت يرجو التقرب من الله، بعد أن خذلته نظرياته "الماركسية" في حل إشكالية البطالة المستعصية، مقترحا على المعطلين التوجه المباشر إلى التشغيل الذاتي عبر إنشاء مقاولات وشركات، طالما أن الدولة عاجزة عن إيجاد الحلول، ناسيا أن العديد منهم لاذوا بأسوأ السبل لتحدي "إعاقتهم"، واشتغلوا في: مراكز النداء، سائقي سيارات أجرة، أمن خاص... بعدما اسودت الدنيا في وجوههم، وصارت الأبناك بدورها رافضة لتزويد غير أبناء الأغنياء بما يلزم من رأسمال، وأنه سبق للحكومات السالفة ابتكار نماذج لتمويل المشاريع من قبيل: "المقاولون الشباب" و"مقاولتي"، لكنها لم تدم طويلا لظروف اقتصادية ومالية واجتماعية...

إن معضلة البطالة، خاصة بالنسبة للأطر العليا وخريجي مراكز التكوين المهني، أصبحت كابوسا رهيبا يؤرق مضاجع العديد من الأسر، وباتت وصمة عار في جبين الوطن، تتقاسم وزرها الحكومات المتعاقبة، ولن يزيد استمرارها الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية إلا تفاقما وتأزما، ما لم تستنهض الهمم والعزائم وتتكاثف جهود الدولة مع فعاليات المجتمع، للبحث الجاد عن العلاج الكفيل بالحد من تداعياتها الخطيرة. هل تعجل حكومة السيد بنكيران بمراجعة سياستها البئيسة في ملف التشغيل الشائك، بما يفتح لشبابنا نوافذ الأمل على المستقبل؟ كفى من الأضاليل، فقد طفح الكيل .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.