يأتي الدخول المدرسي (2014 - 2015) في ظل مجموعة من المتغيرات الإيجابية التي تعد بمعالجة الاختلالات التي طالما شابت المنظومة التعليمية وجعل هذا القطاع الجوهري رافعة حقيقية لبلوغ الإقلاع التنموي المنشود، وذلك في سياق تبني مقاربة إصلاحية ناجعة، واضحة الأهداف والغايات. وهكذا، يأتي الدخول المدرسي الحالي في ظل متغير أساسي هو تنصيب جلالة الملك محمد السادس ، نصره الله، للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، وبعيد الجدل الذي أثير حول مرسوم وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة المتعلق بالسن القانوني للإحالة على التقاعد، وكذا في أعقاب النقاش الذي كان قد احتدم داخل الأوساط المدرسية حول إطلاق وزارة التربية الوطنية لمنظومة "مسار". والأكيد أن تنصيب جلالة الملك، في يوليوز الماضي، للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، يشكل منعطفا حاسما في الصيرورة الإصلاحية التي اعتمدتها المملكة لوضع قطاع التعليم على سكته الصحيحة، كما يجسد العناية الخاصة التي ما فتئ جلالته يوليها لإصلاح وتأهيل المدرسة المغربية، بوصفها رافعة إستراتيجية للارتقاء بالمجتمع وتكوين مواطن معتز بهويته ومنفتح على القيم والثقافات الكونية. وهنا تجدر الإشارة إلى أن المجلس مدعو للقيام بمهامه كقوة اقتراحية مدعمة بآليات علمية للتقييم والاستشراف، ومواكبة المستجدات في مجالات التربية والتكوين والبحث العلمي، وطنيا ودوليا، بما يسهم في الرفع من مردودية المنظومة التربوية ومن جودة أدائها. من جهة أخرى، يأتي انطلاق الدراسة برسم السنة الدراسية (2014- 2015)، بعيد الجدل الذي أثير في الأوساط المدرسية حول إطلاق وزارة التربية الوطنية لمنظومة "مسار"، وهو برنامج معلوماتي يتوخى اعتماد تطبيقات تكنولوجية في التدبير المدرسي، حيث تباينت مواقف التلاميذ ومدراء عدد من المؤسسات التعليمية منه، بين رافض ومرحب. وفي سياق الدخول المدرسي الحالي، فقد اتخذت الوزارة الوصية كافة التدابير لاستقبال التلميذات والتلاميذ، وضمان السير العادي للدراسة إلى حين التحاق بعض أطرها، الذين تم استدعاؤهم للمشاركة في العملية الوطنية الكبرى المتعلقة بالإحصاء العام للسكنى والسكان، بمقرات عملهم مباشرة بعد انتهاء مهمتهم. ومن بين المستجدات التي تطبع الدخول المدرسي (2014- 2015)، إعلان وزارة الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة أن السن القانوني للإحالة على التقاعد يظل محددا في 60 سنة بالنسبة لكافة الموظفين بمن فيهم موظفي وزارة التربية الوطنية وفي 65 سنة بالنسبة للأساتذة الباحثين بالتعليم العالي ومؤسسات تكوين الأطر. ويهدف هذا المرسوم بقانون إلى ضمان استمرارية خدمات المرافق التعليمية والجامعية بشكل منتظم إلى غاية متم السنة الدراسية والجامعية وتفادي أي تعثر أو اضطراب خلال الموسم الدراسي والجامعي. ويتوخى من جهة أخرى، الاحتفاظ بموظفي وزارة التربية الوطنية والأساتذة الباحثين في الاستمرار في مزاولة مهامهم إلى متم السنة الدراسية والجامعية ولا يمس إطلاقا السن القانوني للإحالة على التقاعد. ويأتي اتخاذ المرسوم بقانون السالف الذكر من أجل معالجة إشكالية الخصاص المترتب عن المغادرة لبلوغ حد السن خلال السنة الدراسية والجامعية، وذلك بإرساء قواعد تشريعية واضحة وقارة بعد أن كان يتم اللجوء إلى بعض الإجراءات الاستثنائية من بينها التعاقد والتوظيف المباشر، والتي لم تعد ممكنة في ظل القوانين الجاري بها العمل. والواضح أن أحد التحديات الأساسية التي تطرح بقوة خلال الموسم الدراسي الحالي، تتمثل في العمل على تعميم التمدرس ودعم الجهود المبذولة من أجل محاربة ظاهرة الهدر المدرسي، إلى جانب تشجيع الفئات الاجتماعية المعوزة وذات الدخل المحدود على تمكين أبنائها وبناتها من الولوج إلى الفضاء التعليمي، ومن تم تفادي الانقطاع المبكر عن الدراسة، خاصة بالوسطين القروي والشبه حضري. ولعل ما يحفز نساء ورجال التعليم على مضاعفة جهودهم والارتقاء بأدائهم، أكثر فأكثر، لاسيما خلال الموسم الدراسي الحالي، التنويه والإشادة الملكية التي حظوا بها، ضمن الخطاب السامي الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، إلى الأمة بمناسبة الذكرى الواحدة والستين لثورة الملك والشعب، حيث قال جلالته "ولا يفوتنا، أن نوجه تحية تقدير لنساء ورجال التعليم، وخاصة بالعالم القروي، على جهودهم من أجل تكوين أجيال من الأطر المؤهلة، التي ساهمت بنصيبها في النهوض بالأوراش التنموية، ولما يقدمونه من تضحيات في سبيل تربية الأجيال الصاعدة".