في خضم النقاش الوطني الحاد بخصوص إمكانية رفع سن التقاعد خيار حكومي من أجل إصلاح أنظمة التقاعد, حيت تضاربت الآراء بين المؤيد لهذا الطرح و المعارض له , كان لنا حديث مدقق في الموضوع مع السيد محمد أفزاز المغربي المقيم بدولة قطر , و هو كاتب صحفي خبير بالشؤون الاقتصادية , و الذي يشتغل رفقة قناة " بي إن سبورتس " القطرية , و مع قناة الجزيرة . السيد أفزاز أكد على أنه لابد من تحقيق سبعة نقاط من أجل إصلاح شامل لأنظمة التقاعد في المغربي , و بالتالي تفادي الوقوع في الأزمة مستقبلا : أولا : إصلاح أنظمة التقاعد ملف طرح على طاولات الحكومات المتعاقبة منذ أيام اليوسفي ثم من بعد جطو وعباس الفاسي .. لا أحد منهم امتلك الجرأة للاقتراب منه خشية أن يحترق حزبه ويخسر الانتخابات. ثانيا : لم يتجرأ أحد على الاقتراب من هذا الملف لأن كل الأحزاب لم تستطع أن تواجه قوة النقابات, والتي بالمناسبة في أحيان عديدة لم تكن تحركها مصلحة الشغيلة. ثالثا : وأفضل ما تم إنجازه في عهد الحكومات الثلاثة الماضية هو ما قام به عبد الرحمن اليوسفي عندما دفع نحو 11 مليار درهم لصندوق التقاعد كمؤخرات عن الحكومة. وحتى هذه المبادرة تم تمويلها من أموال الخصخصة وتحديدا تلك المليارات التي دخلت من بيع خدمة الهاتف لفاعل ثاني وهو ميدتيل، بمعنى أن الحكومة كانت تبيع ممتلكاتها وأصولها لترقيع الوضع ليس إلا. رابعا : جرأة بنكران محفوفة بالمخاطر وقد تضر بحزب العدالة ما دامت النقابات بالمغرب متغولة ، لكن بالمقابل إذا نجح بنكران في تليين تغول هذه النقابات، عبر إقناع الشغيلة وهم أبناء الشعب وليس مكاتب النقابات وهي في بعض الحالات لا تعكس إلا مصالحها، وقد حصل أن باعت المنضوين تحت لوائها، كما حصل في ملف تحول النظام الداخلي للاتصالات من الوضع العام إلى الوضع الخاص, فإذا نجح فإن ذلك سيكون مكسبا كبيرا للمغرب في المقام الأول. وقد صرح بنكران في أكثر من مناسبة أنه لا يهمه شعبية الحزب بقدر ما تهمه مصلحة المغرب، وإن كنت غير متفق معه إذ يمكن تحقيق مصلحة الشعب دون خسارة شعبية الحزب حتى يستمر في مسلسل الإصلاح الذي بدئه مع التحالف الحكومي . خامسا : حتما كل الحلول التي يمكن أن تطرح لإصلاح أنظمة التقاعد ستكون ذات تكلفة، لكنها لن تكون أكبر من تكلفة سقوط هذه الأنظمة نفسها، وفق الأرقام التي أوردها المجلس الأعلى للحسابات : • الصندوق المغربي للتقاعد سيستنفذ كل احتياطاته في العام 2030 إذا استمرت الأوضاع بالشكل الحالي، وديونه المتراكمة 197 مليار درهم. • إفلاس صندوق الضمان الاجتماعي في العام 2021. • عدد المتقاعدين سيفوق عدد النشيطين اقتصاديا بعد العام2024. • ديون كل الصناديق ستصل إلى 810 مليار درهم . سادسا : كل هذه الأرقام وغيرها تؤكد أن بنكران امتلك الجرأة بالفعل ولم يتعامل مع الملف بنظرة حزبية ضيقة ... لماذا؟ ... السنوات التي يسردها تقرير المجلس الأعلى للحسابات تتحدث عن 2021 – 2024 – 2060 ، وفي أحسن حدود ضيقة جدا عن 2016 ، بينما ولاية بنكران ستنتهي في العام 2015-2016 ، وهو ما يعني أن بنكيران كان بإمكانه أن يصرف نظره عن الموضوع مادامت هذه الصناديق لن تنفجر على الأقل في هذه الولاية أو حتى الولاية المقبلة إن عاد إلى رئاسة الحكومة مرة أخرى. سابعا : كان بإمكان بنكيران أن يبحث عن حلول جاهزة وغير مكلفة سياسيا لكنها سترهن بكل تأكيد الأجيال المقبلة, كما كان بإمكانه أن يلتجأ للاقتراض من الخارج أو من البنوك المحلية ليدخل طرفا منافسا للمقاولات في امتصاص السيولة من المؤسسات المالية, و كان بإمكانه أيضا أن يبحث عن خيار بيع بعض المؤسسات , لكنه فضل أن يصارح الشعب وان يعقبه بطرح المشروع للنقاش العام مستفيدا من دعم ملكي قوي ، أملا في أن تتجاوب النقابات بشكل إيجابي مع هذه الإصلاحات التي حتى الآن لا توجد تفاصل كثيرة عنها سوى النقاش الضيق عن رفع سن التقاعد، خاصة وأن الملك قد خص هذه النقابات برسائل شكر في خطابه الأخير في دعوة على ما يبدو للنقابات كي تعبد الطريق أمام بنكيران لأن الوضع لم يعد يحتمل.