بنكيران يستعجل إجراءات الإنقاذ والنقابات تطالب بإصلاح شمولي رسم رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، أول أمس الأربعاء، بالرباط، صورة قاتمة عن منظومة التقاعد الوطنية التي قال إنها وصلت حالة «عجز متفاقم» تستوجب اتخاذ إجراءات مستعجلة وجريئة للإصلاح. وقال بنكيران، في كلمة خلال افتتاح أشغال اجتماع للجنة الوطنية المكلفة بإصلاح أنظمة التقاعد إن «الرهانات التي نحن مطالبون برفعها تستلزم من الجميع مواصلة التعبئة حول هذا الموضوع الذي يشكل مصدر انشغال وطني، لاسيما في ظل حالة العجز المتفاقم التي وصلت إليها منظومة التقاعد الوطنية، والتي تستوجب اتخاذ إجراءات مستعجلة وجريئة وحازمة للإصلاح». وأضاف رئيس الحكومة، في أشغال الاجتماع الذي حضره عدد من أعضاء الحكومة، ورئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب مريم بنصالح شقرون، والأمناء العامون للنقابات الأكثر تمثيلية، والمديرون العامون لصناديق التقاعد، أن الهدف من اجتماع اللجنة هو « العمل على دراسة مجموعة من الإجراءات في أفق استعادة نظام المعاشات المدنية لتوازنه المالي». وأوضح رئيس الحكومة أن هذه الإجراءات تتمثل في «إصلاح استعجالي مقياسي يتمحور حول الرفع التدريجي من سن الإحالة على التقاعد، والرفع على مرحلتين من مساهمة الدولة والمنخرطين، واعتماد الأجر المتوسط لاحتساب المعاش، ومراجعة النسبة السنوية لاحتساب المعاش مع الحفاظ على الحقوق المكتسبة حتى تاريخ الإصلاح». وذكر بنكيران بالوضعية المالية الصعبة التي يعيشها نظام المعاشات المدنية من خلال بروز عجزه المالي من جهة، ونفاذ احتياطياته في الأفق المنظور من جهة أخرى، مؤكدا أنه «في حال لم يتم اتخاذ أي إجراء لإصلاح هذا النظام، فمن المتوقع أن تتفاقم وضعيته المالية، ويعجز بالتالي عن صرف معاشات المتقاعدين». وجدد بنكيران التأكيد على حرص الحكومة في تدبيرها لإصلاح أنظمة التقاعد، على الالتزام بنهج التشاور مع كافة الأطراف المعنية، لضمان كافة شروط النجاح والديمومة لهذه الأنظمة، لما لذلك من آثار اقتصادية واجتماعية على الأجيال الحالية والمقبلة. وقد حظي الصندوق المغربي للتقاعد بنصيب وافر من نقاشات أشغال اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد الذي يعاني، بحسب الأرقام التي قدمها رئيس الحكومة، من دين تناهز قيمته 629 مليار درهم، يهدده بنفاذ احتياطاته مع مطلع سنة 2021. وتعزى أسباب هذه الوضعية الصعبة، حسب تصريح أدلى به لبيان اليوم العلوي العبدلاوي، المدير العام للصندوق المغربي للتقاعد ، إلى ارتفاع المدة التي يتم فيها صرف المعاش نتيجة ارتفاع أمد الحياة، مقابل انخفاض مدة المساهمات أمام الولوج المتأخر للوظيفة، زيادة على الانخفاض المتواصل للعامل الديموغرافي من أربعة مساهمين لكل متقاعد سنة 2007 إلى مساهمين اثنين سنة 2016 ، ثم 1.45 مساهم في أفق سنة 2040، إلى جانب عدم توازن التعريفة المطبقة مقابل الحقوق التي يضمنها النظام. ولتجاوز هذه الوضعية، سعت الحكومة، خلال اجتماع أول أمس الأربعاء، إلى الإقناع بخطة إصلاح ترتكز على الرفع من سن الإحالة على التقاعد إلى 62 سنة ابتداء من تاريخ الشروع في الإصلاح، مطلع سنة 2015، وتمديده تدريجيا بستة أشهر كل سنة، ابتداء من 2016 بهدف بلوغ 65 سنة في أفق 2021، مع إمكانية الاستفادة قبل سن الإحالة على التقاعد، من معاش كامل بعد 41 سنة من الانخراط في النظام دون تطبيق معاملات الخصم، والرفع من مساهمة الدولة والمنخرطين، كل منهما بنقطتين في سنة 2015 ونقطتين في 2016، زيادة على اعتماد الأجر المتوسط للثماني سنوات الأخيرة من العمل كقاعدة لاحتساب المعاش بشكل تدريجي على مدى 4 سنوات، فضلا عن مراجعة النسبة السنوية لاحتساب المعاش من 2.5 في المائة إلى 2 في المائة فيما يخص الحقوق التي ستكتسب ابتداء من تاريخ الإصلاح، مع الحفاظ على نسبة 2.5 في المائة بالنسبة إلى جميع الحقوق المكتسبة حتى تاريخ الإصلاح. حماسة الحكومة لمشروع الإصلاح قابله تشكك من قبل المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية التي جددت، خلال الاجتماع، أنها « ليست ضد الإصلاح، لكننا ترفض تجزيئه والمساس بحقوق الشغيلة». بهذا الخصوص، قال ميلودي موخارق الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل لبيان اليوم إن بنكيران «منح النقابات شهرا كاملا لتقديم تصورها النهائي للإصلاح»، مضيفا أن الاتحاد المغربي للشغل سيعمل، بمعية باقي النقابات، على «جعل هذا الإصلاح وفيا لتوابثنا وقناعاتنا في بلوغ صيغة نهائية لا تمس بمصالح المأجورين والطبقة الشغيلة التي لا ذنب لها فيما وصلت إليه هذه الصناديق من عجز خطير». من جانبه، شدد عبد الرحمان العزوزي، الكاتب العام للفدرالية الديمقراطية للشغل، في تصريح للجريدة، على «أهمية التنسيق بين النقابات، خلال مدة الشهر التي حددته لنا الحكومة كحيز زمني للتشاور في ملف حساس يجب أن يخضع لإصلاح شمولي يهم كل الصناديق دفعة واحدة»، معلنا رفض المركزيات النقابية المبدئي لأي حلول «جزئية وغير واقعية، تتجاهل الأسباب والمسببات التي أدت إلى الأزمة الحالية الخانقة للصناديق» .