تستمر المجازر الصهيونية على قطاع غزة، و تستمر معاناة الشعب العربي الفلسطيني الأبي ، الذي رسم التاريخ صفحاته الطاهرة ، بين صراع ومحنة و نكبة و انتفاضة ، وقوفا في وجه المؤامرة الدولية ، التي هدفت إلى تقسيم و تجزيء الوطن العربي، و جعلت من البقعة المباركة الطاهرة ، مكان لجمع شتات يهود العالم ، متناسين ان الطول لم يكتب للأعمار و الإستعمار. يصر نتنياهو في عناده بعد المعركة المميتة و المستمرة إلى اليوم مع فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة ، و التي ذهب ضحيتها الآلاف من المواطنين الأبرياء بين جرحى و معطوبين و شهداء و أغلبهم من الأطفال و النساء ، وقد كبدت المقاومة الفلسطينية ، جيش الإرهاب الإسرائيلي خسائر فادحة في الميدان تقدر بالكم الهائل من القتلى و الجرحى أمام تكتم السلطات الإسرائيلية على الأعداد الحقيقية ، حتى لا تنهار معنويات الإسرائيليين من مدنيين وجنود وبالتالي تحقق حماس انتصار نفسيا على الجيش الصهيوني . نشرت صحيفة واشنطن بوست تقريرا ، يؤكد على أن جيش المقاومة الفلسطينية ، هو الجيش الأكثر براعة و دقة و مهنية على وجه الأرض ، وهذا ما أفرزته الساحة التي حققت فيها حماس صمودا لم تستطعه بقية الدول العربية خلال الحرب العربية الإسرائيلية. أدت القنابل التي يمطرها الطيران الحربي على غزة ، إلى سقوط الآلاف من الضحايا ، وتحول منازل المدنين إلى أنقاض و دمار على رؤوس أصحابها و تشريد المئات من المواطنين في الملاجئ التابعة للأمم المتحدة ، كما استمرت العمليات في قصف المستشفيات والمدارس ، القصف الذي يؤكد ليس رغبة استهداف حماس بل « الأطفال والنساء » ويزكي فرضية أن الحرب ليست على حماس و الأنفاق كما يدعي الإعلام الصهيوني ، بل لوقف نسبة الخصوبة عند الفلسطينيين ، والقضاء على الفئة المجتمعية " الأطفال و الشباب " ، والتي تعني عند إسرائيل القضاء على حماس " الجيل الجديد". أصون عرضي بمالي لا أدنسه *** لا بارك الله بعد العرض بالمال. بيت شعري لعنترة ابن شداد، يصف حال غيرة العرب وكيف كانوا في الجاهلية و الإسلام يضحون من أجل الشرف و العروبة و 0لْعِرْض، وهاهي اليوم أعراض العرب تنهك، و تغتصب وطنا و شعبا، وها هي الأمة العربية لم تعد تتفرج على المجزرة، بل صارت شريكة فيها. الصمت العربي: أمام العدوان الصهيوني الغاشم، يستمر الصمت العربي الذي انحاز بشكل كبير لإسرائيل، من خلال الحرب الغير معلنة التي شنتها بعض وسائل الإعلام خصوصا المصرية، على المقاومة الفلسطينية « حماس » واصفة إياها بالإرهاب. كما عملت في الميدان على منع وفد طبي أوربي رفيع المستوى من الدخول عبر معبر رفح الحدودي مع قطاع غزة ، وأغلقت المعبر في وجه دخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة. انحازت مصر أيضا دبلوماسيا بدعم من دول الخليج، من خلال المبادرة التي صاغتها إسرائيل بعنوان المبادرة المصرية، دون التشاور مع الأطراف المعنية بالأمر، وهي فصائل المقاومة الفلسطينية و السلطة الفلسطينية ، والتي أدت إلى رفضها من طرف المقاومة . بعد الدعم الإعلامي و النفسي والدبلوماسي و الميداني المصري لإسرائيل ، تأتي مصر إلى الدعم اللوجيستيكي ، وحسب مصادر مسؤولة في قناة سويس صرحت « لشبكة رصد لإخبارية» ، أن الحكومة المصرية سمحت ل 6 بوارج حربية إسرائيلية بالمرور عبر قناة السويس ، تحت حراسة أمنية مسلحة ، وحسب نفس المصدر فإن البوارج الحربية كنت محملة ب 19 طن من المعدات العسكرية المتنوعة ، لإبادة سكان القطاع و الشعب الفلسطيني في معركته ضد الاعتداء الصهيوني الغاشم. نشرت وسائل الإعلام عربية، تواطؤ دولة الإمارات العربية المتحدة مع إسرائيل من أجل تصفية، مقاومي حماس على وجه الخصوص و المقاومة الفلسطينية على وجه العموم، عن طريق إرسال طاقم طبي ، من الهلال الأحمر الإماراتي إلى غزة ، الذين لم يكونوا سوى ضباط في الأمن الإماراتي ، تم اعتقال ضابط منهم والذي أفاد لحماس أنه يعمل في جهاز الأمن الإمارتي ، ويزودهم بمعلومات عن غزة لصالح إسرائيل ، وكان التشكيك في أمر القافلة الطبية بدأ بعد منع مصر لكل القوافل الطبية الواردة إلى غزة ، في حين سمحت للوفد الإماراتي بالمرور. الصمت العالمي: أمام الخيانة العربية لفلسطين وصمت المنتظم الدولي الذي أبان عن تأييده للمجزرة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين ، في شخص الأمين العام للأمم المتحدة ، الذي اكتفى بالتنديد و التذمر في وجه إسرائيل ، كما هو الشأن لأمريكا التي أدانت عملية الاختطاف لضابط إسرائيلي ولم تدن العدوان على غزة بل عملت على المصادقة على مشروع ضخ ملايين الدولارات لتقوية منظومة القبة الحديدية ، ومد إسرائيل بالعتاد و السلاح لتصفية حماس ، الدعم الأمريكي لإسرائيل ، واستمرار نتنياهو في عناده ، وضع هذا الأخير في مأزق حقيقي بين صمود المقاومة ، ودعم بعض دول جنوبأمريكا التي عملت على سحب سفرائها من تل أبيب ، ودعم الشارع الدولي خصوصا الفرنسي للمقاومة الفلسطينية . وبين سخط الشارع الصهيوني من فشل نتنياهو في عمليته على غزة التي راح ضحيتها أمام التكتم الإعلامي و الحكومي الآلاف من الضحايا ، وانهيار الاقتصاد الإسرائيلي بتراجع عائدات السياحة ، وإغلاق الملاحة الجوية من و إلى إسرائيل ، وإغلاق أزيد من 500 معمل و مصنع ، ومقاولات فلاحيه وتضرر المحاصيل الزراعية جراء قصف صواريخ القسام . الغريب و المثير في الأمر، هو دعوة المدنين و الأطفال و مستعملي الهواتف الذكية إلى قصف غزة و التلذذ بالدماء الشهداء افتراضيا ، بإصدار تطبيق باسم « اقصف غزة » للهواتف الذكية ، منتشر على منصة برامج شركة Google ، التطبيق الذي أثار ردود فعل و سخط جماهيري كبير في أوساط مستعملي الشبكة العنكبوتية ، لتضطر ذات الشركة إلى حدف التطبيق من منصتها . إن كانت الحرب كشفت النقاب عن الخيانة العربية لفلسطين، وكشفت الخيانة الفلسطينية، الفلسطينية، والصمت العالمي فإن المقاومة لازالت صامدة في وجه العدوان ، و حققت انتصارا في الميدان ، فعندما كانت الدول العربية إلى جانب فلسطين ، سقطت فلسطين ، وعندما صارت إلى جانب إسرائيل هزمت إسرائيل ، « إنها اللعنة و النحس العربي ». فمنذ اليوم لا نريد من أمريكا و الأممالمتحدة و المجتمع العربي و الغربي أن تخرج علينا بدروس و تعاريف حول الإرهاب ، أو يتحدث لنا عن حقوق الإنسان والمواثيق الدولية و القرارات الأممية ، بعد كل ما عايناه من تواطؤ " إرهاب الدولة " و " إرهاب المجتمع الدولي" على قطاع غزة . ترك الشاعر الفلسطيني الشهيد محمود درويش قصيدته « أيها المارون بين الكلمات العابرة » خير الكلمات و خير الدلالات على توحد الصف الفلسطيني لهدف واحد إجلاء الإستعمار عن الأرض المقدسة ، ولملمة الشمل الفلسطيني بدولة عاصمتها القدس الشريف ، قائلا : خذوا حصتكم من دمنا وانصرفوا وادخلوا حفل عشاء راقص ... وانصرفوا وعلينا نحن ان نحرس ورد الشهداء وعلينا نحن ان نحيا كما نحن نشاء أيها المارون بين الكلمات العابرة كالغبار المر مروا أينما شئتم و لكن لا تمروا بيننا كالحشرات الطائرة فلنا في الأرض ما نعمل ... ولنا الماضي هنا و لنا صوت الحياة الأول ولنا الحاضر، والحاضر و المستقبل . ولنا الدنيا هنا والآخرة فاخرجوا من أرضنا من برنا .. من بحرنا من قمحنا من ملحنا من جرحنا من كل شيء واخرجوا من مفردات الذاكرة أيها المارون بين الكلمات العابرة.. !!