رأى محللون سياسيون فلسطينيون وإسرائليون، أن إعلان كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لحركة "حماس" نيتها توجيه ضربة عسكرية صاروخية لمدينة تل أبيب وسط إسرائيل، قبل ساعة من التنفيذ، هدف لإثبات قوة الردع الفلسطينية، وقدرتها على تنفيذ تهديداتها رغم القوة التي يمتلكها الجيش الإسرائيلي، والتحليق المكثف لطائرات الاستطلاع والمروحية والحربية في سماء غزة. وأكدوا في تصريحات خاصة لوكالة الأناضول للأنباء، أن "القسام"، نجح في "كسر هيبة الجيش الإسرائيلي، وتسبب ب"صدمة نفسية عميقة" للإسرائيليين، و"تلاعب بأعصاب" القيادة الإسرائيلية.
ورأوا أن حركة (حماس) تمكنت من تسجيل نقطة لصالحها في الحرب النفسية ضد إسرائيل، عندما نجحت في إطلاق صواريخ على تل أبيب في الموعد الذي كانت قد حددته مسبقا في بيان معلن.
وكانت كتائب الشهيد عز الدين القسام ، الجناح العسكري لحركة (حماس) ، أعلنت في بيان أنها" ستوجه ضربة عسكرية صاروخية لمنطقة تل أبيب وضواحيها الجنوبية بصواريخ من نوع J80 fعد الساعة التاسعة سمن مساء اليوم السبت 12 من تموز/ يوليو في إطار معركة العصف المأكول المستمرة للرد على العدوان الصهيوني الهمجي ضد الشعب الفلسطيني وخاصة في قطاع غزة" متوعدة إسرائيل بالقول"فلينتظر العدو صواريخنا في ذلك التوقيت".
وفي الساعة التاسعة وسبع دقائق كانت صافرات الإنذار تدوي في منطقة تل أبيب وبحسب بيتر ليرنر، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، فان صافرات الإنذار دوت مرتين .
وقال الدكتور هاني البسوس، مدرس العلوم السياسية في الجامعة الإسلامية بغزة، إن "كتائب القسام أرادت من وراء إعلانها، كسر هيبة الجيش الإسرائيلي، وإثبات أنها تمتلك قوة تستطيع من خلالها ردع قوات الاحتلال وتستطيع أن تنفذ ما وعدت به فبعد الساعة المحددة لضرب تل أبيب نفذت الكتائب وعدها".
وأضاف البسوس أن "كتائب القسام أثبتت للعالم أن لديها من الإمكانيات التي تستطيع من خلالها قصف المدن الإسرائيلي، بدون أن تكشف إسرائيل مكان انطلاق الصواريخ، أو تستطيع منع وصولها لتل أبيب".
وأوضح أن "القسام" استخدمت هذا "التكتيك الجديد" لتثبت أنها تستطيع نقل المعركة من غزة لداخل إسرائيل.
وأشار إلى أن تهديد القسام تسبب بصدمة نفسية عميقة للإسرائيليين، وتلاعب بأعصاب القيادة الإسرائيلية.
وقال إن استخدام المتحدث باسم كتائب القسام لكلمة "بعد الساعة التاسعة" يدل على أن القصف سيتواصل ولن يقتصر على ساعة محددة.
وتوقّع البسوس أن تحمل الساعات القادمة، المزيد من قصف المقاومة الفلسطينية للمدن الإسرائيلية.
بدوره قال المحلل السياسي الفلسطيني هاني المصري، إن حركة حماس، هدفت من وراء هذه العملية، إلى تسجيل انتصار ما ضد إسرائيل، وقد نجحت في ذلك.
وأضاف المصري، وهو مدير مركز "بدائل"، للدراسات والأبحاث، في مدينة رام الله: "حماس بحاجة إلى انتصار في هذه الحرب وقد نجحت بتحقيق انتصار في الحرب النفسية على الإسرائيليين".
وأكمل: " حماس أعلنت أنها ستطلق صواريخ على تل أبيب، وقد نجحت، وهذه نقطة تسجل لصالح حماس رغم إمكانياتها المحدودة".
من جانبه، قال إبراهيم المدهون، رئيس مركز أبحاث المستقبل، والكاتب السياسي في صحيفة الرسالة الصادرة من غزة إن "هذا التطور في خطاب كتائب السام جاء من باب الحرب النفسية، ويكشف عدم قدرة إسرائيل والقبة الحديدية على اعتراض صواريخ المقاومة".
وأضاف المدهون: "الناطق باسم القسام أراد أن القيادة الإسرائيلية أمام جمهورها ويتحداها بشكل علني، وأظن أنه نجح في تحقيق هذا الهدف، خاصة بعد تساقط عشرات الصواريخ على مدينة تل أبيب".
وتابع "استطاعت كتائب عز الدين القسام، إيصال رسالة تحدي للقيادة الإسرائيلية والإسرائيليين وإظهار مدى ضعفه وهشاشته (...) هذا تطور نوعي لم يحدث في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي".
وأكد على أن تهديد القسام يمثل تطور نوعي وانتصار جديد للمقاومة الفلسطينية، قائلا: "حذرت الكتائب قبل ساعة كاملة، ونفذت تهديدها رغم عشرات الطائرات التي تحلق في سماء غزة ورغم القبة الحديدة".
وقال إن "اختيار الناطق باسم القسام للفظ (بعد الساعة 9: 00) هو رسالة تحذيرية أن الصواريخ لن تتوقف بعد هذا التوقيت".
ورأى أن حركة "حماس" لا زالت تقدم مفاجآتها العسكرية، التي أعدتها جيدا لهذه المعركة مع إسرائيل.
ومنذ يوم الإثنين الماضي، تشن إسرائيل عملية عسكرية على غزة، تحت اسم "الجرف الصامد"، شملت غارات مكثفة على مناطق متفرقة من القطاع؛ ما أدى إلى مقتل 135 وإصابة 950 فلسطينيا بجروح متفاوتة حتى الساعة 19: 20 "ت.غ"، حسب ما أفاد به لوكالة الأناضول، الناطق باسم وزارة الصحة الفلسطينية، أشرف القدرة.
كما تسببت تلك العملية العسكرية في تدمير 282 وحدة سكنية بشكل كلي، وتضرر 8910 وحدة أخرى بشكل جزئي، منها 260 وحدة "غير صالحة للسكن"، وفق إحصائية أولية لوزارة الأشغال العامة في الحكومة الفلسطينية.
فيما أصيب عشرات الإسرائيليين، معظمهم ب"الهلع"، جراء إطلاق نشطاء فلسطينيون صواريخ على إسرائيل، بحسب مصادر طبية إسرائيلية.
على الجانب الآخر، قال آفي لسخارف، المحلل السياسي الإسرائيلي، في موقع (واللا) الإخباري الإسرائيلي المستقل، إن ما قامت به حماس يأتي في إطار الحرب النفسية.
وقال لسخارف، لمراسل وكالة الأناضول في مدينة القدس: "لقد نجحت في هدفها".
وأضاف لسخارف الذي تواجد في تل أبيب لحظة إطلاق الصواريخ: "من لحظة إعلان حماس نيتها إطلاق صواريخ على تل أبيب في الساعة التاسعة مساءً، كان الشارع في تل أبيب بانتظار ما إذا كانت حماس ستنجح في تنفيذ إعلانها، وفي نهاية الأمر فقد حدث إطلاق الصواريخ في الموعد، وفيما بعد عادت الحياة إلى روتينها في المدينة".
ولفت إلى انه عند إطلاق صافرات الإنذار "توجه الناس إلى الملاجئ".
من جانبه، كتب دانيال نيسمان، المحلل السياسي الإسرائيلي، في تغريدة على حسابه في موقع (تويتر) ، وسط إطلاق صافرات الإنذار في تل أبيب : "الهجوم الصاروخي الليلة على تل أبيب ووسط إسرائيل، وهو الأكبر منذ حرب 1948 ، ما زال مستمرا" في إشارة إلى إطلاق صافرات الإنذار مرتين .
بدوره كتب المحلل السياسي الإسرائيلي، يوسي ميلمان على حسابه في موقع (تويتر): "كان هذا هو الهجوم الأكبر على تل أبيب في وقت واحد منذ العام 1948، حينما قصفت الطائرات المصرية المدينة، ومنذ إطلاق صواريخ سكاد العراقية على المدينة عام 1991".
وكانت محطات التلفزة الإسرائيلية بدأت مساءً موجة مفتوحة استعدادا لحلول الساعة التاسعة.
وقد استضافت المحطة الثانية في التلفاز الإسرائيلي، نادلة في مطعم في تل أبيب، وقالت إن أحد الزبائن طلب منها الإسراع في جلب طلبه، بسبب القصف المتوقع على تل أبيب الساعة التاسعة.
وتفاوتت البيانات الرسمية الإسرائيلية بشأن عدد الصواريخ التي تم اعتراضها، ما بين صاروخين وثلاثة.
فقد قال بيتر ليرنر، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، في تغريدة على (تويتر) إن منظومة القبة الحديدية المضادة للصواريخ اعترضت صاروخين أطلقا من غزة على منطقة تل أبيب".
وبدوره قال عوفير جندلمان، المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي، في تغريدة على (تويتر): " القبة الحديدية إعترضت 3 صواريخ أطلقتهما حماس على تل أبيب. هذه هي إنجازات الصاروخ الجديد .