وفاء منها لنهج الشراكة وتكريسا لمقاربة القرب والاستجابة للحاجيات الحقيقية للساكنة، جعلت مؤسسة محمد الخامس للتضامن من الانفتاح على النسيج الجمعوي آلية جوهرية لتنزيل مشاريعها بمختلف جهات المملكة، وضمان استدامتها سواء من خلال إشراك الجمعيات المحلية في التسيير الفعلي لمختلف المراكز التي تحدثها، أو تمكينها من التكوين اللازم والوسائل اللوجيسيتية المطلوبة لتعزيز أدائها وضمان احترافيتها بما يمكن من تحقيق انخراط أكبر للفاعلين المحليين في التنمية الوطنية. وفي هذا الإطار، تبرز المراكز المتخصصة في تكوين وتنشيط النسيج الجمعوي التي دأبت مؤسسة محمد الخامس للتضامن على إحداثها في عدد من مدن المملكة، كتجربة نموذجية في تفعيل استراتيجية القرب وتأهيل الجمعيات المحلية للاضطلاع بدورها الكامل في التنمية، باعتبارها ترفع عن النسيج الجمعوي ثقل الإشكاليات التي ترهق كاهله، وتساهم في تكوين أطره وتوفير فضاءات ملائمة لتبادل الخبرات بين مكوناته وكذا تنظيم أنشطته في ظروف ملائمة. وحسب مسؤولي المؤسسة، فإن مراكز التكوين وتنشيط النسيج الجمعوي ، التي ستعزز بمركز جديد لتكوين وتنشيط النسيج الجمعوي أشرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله،اليوم السبت على وضع الحجر الأساس لبنائه بالدار البيضاء، تشكل أحد أبرز التجليات الاجتماعية لمنجزات مؤسسة محمد الخامس للتضامن "التي تحرص على إشراك الجمعيات والتعاونيات وضمان انخراطها بفعالية في كافة المبادرات التنموي"، حيث تروم دعم ومواكبة وتقوية قدرات الجمعيات والتعاونيات، وذلك عبر التكوين والتنشيط الجمعوي وخلق فضاءات للاستشارة وتبادل الخبرات في أفق تطوير أنشطة جمعوية هادفة وناجعة، والتوفر على نسيج جمعوي متماسك وفاعل بالمدينة. وتعد فعالية هذا النوع من المراكز والحاجة الماسة إليها واقعا جليا يؤكده مسؤولو الجمعيات المحلية بمختلف المدن التي تم بها إحداث هذا النوع من قبيل مركز التكوين وتنشيط النسيج الجمعوي الذي أشرف جلالة الملك على تدشينه في نونبر المنصرم بمكناس، والذي أكد فاعلون جمعويون محليون بالمناسبة أنه "سيمكن من زرع روح جديدة في العمل الجمعوي" بالمدينة، باعتباره تكريسا للأهمية التي يحظى بها المجتمع المدني في الدستور الجديد، وآلية فعالة لتعزيز أداء الجمعيات المحلية وتوسيع قاعدة المستفيدين من خدماتها، وذلك من خلال تمكين مواردها البشرية من الاستفادة من التكوين ومن الوسائل اللوجيستية التي تساعد جمعياتهم على تجاوز الصعوبات التي تعترضها في عملها اليومي. كما تعد هذه المراكز بمثابة تنزيل فعلي للنهج الذي رسمه جلالة الملك لمؤسسة محمد الخامس للتضامن في الخطاب السامي الذي وجهه جلالته بمناسبة إعطاء انطلاق الحملة الرابعة للتضامن في 8 نونبر 2001 ، والذي أكد فيه جلالته أنه "ومن أجل تجسيد منظورنا للتنمية وسياستنا في مجال تقاسم ثمارها فقد جعلنا المؤسسة تسلك نهجين: نهج إعادة توزيع أرصدتها من أجل تفعيل العمل الاجتماعي، ونهج الشراكة لتحقيق برامج المؤسسة". وبالفعل، أولت المؤسسة اهتماما خاصا للجمعيات وجعلتها بمثابة شريك مميز حيث خولت لها تسيير أكثر من نصف مشاريعها في إطار شراكة محددة تحكمها قواعد المتابعة والتقييم. كما يتجلى دعم المؤسسة للجمعيات من خلال إنجاز فضاءات مكرسة لتطوير أنشطتها وتسويق منتوجاتها. وعملت المؤسسة أيضا ، على مدى سنوات اشتغالها، على تنشيط الدينامية الجمعوية سواء على المستوى المحلي أو الجهوي، حيث تعتبر أن نجاح أي برنامج اجتماعي يرتبط بشكل وثيق بمدى قوة النسيج الجمعوي المحلي الذي يعتبر الأكثر تأهيلا لضمان قرب فعال مع الساكنة المستهدفة. ومن هذا المنطلق، تولي المؤسسة لمساندة الفاعلين الاجتماعيين أولوية مطلقة من خلالها تقديم دعم مالي وعيني لهم يتمثل في الإعانات المباشرة ة وعلى شكل تجهيزات مختلفة، بالإضافة إلى المشاركة في تحقيق مشاريع الجمعيات والمساهمة في تكوين مواردها البشرية. ولا يتوقف دعم المؤسسة للجمعيات عند الجانب المالي والعيني فقط وإنما يتعداه إلى السهر على تقديم دعم في جانب التكوين والهندسة الاجتماعية، حيث دأبت على تنظيم العديد من الدورات التكوينية ذات الصلة بالتشريع الجمعوي وبناء المشاريع وتسيير الجمعيات، إضافة إلى مواكبتها للجمعيات الشريكة لتحسين ظروف أدائها. وتجدر الإشارة إلى أن مؤسسة محمد الخامس للتضامن، سبق وأنشأت بمعية الجمعيات الشريكة، شبكة "المنتدى الجمعوي للتضامن" للجمعيات المحلية والجهوية، تعمل تماشيا مع قيم المؤسسة، وتهدف ،على الخصوص، إلى تعزيز العمل الجمعوي والنهوض بمفهوم الحكامة الجيدة داخل الجمعيات وتنظيم دورات تكوينية والنهوض بالتجارة التضامنية لفائدتها. كما تهدف هذه الشبكة إلى إنشاء فضاء للتأمل وتدارس جميع المواضيع المتعلقة بالتنمية المستديمة وبالمشاكل التي تعوق الفئات المستضعفة من الساكنة، وخاصة منها الأطفال والنساء في وضعية هشاشة، وذوي الاحتياجات الخاصة. ويذكر أن الدستور الجديد للمملكة أولى مكانة خاصة للمجتمع المدني الذي تم إطلاق حوار وطني حول أدواره الدستورية الجديدة. وهو الحوار الذي أكدت إحدى وثائقه "المساهمة الكبيرة للجمعيات باعتبارها ممثلا للمجتمع في تنوعه وغناه، وفاعلا مهما في التنمية البشرية المستدامة وفي التشغيل، ومساهما أساسيا في معالجة التحديات الاجتماعية والإنسانية والبيئية والحقوقية، وقوة اقتراحية من أجل حكامة ديمقراطية رشيدة". وحسب المصدر ذاته فإن من أبرز الإشكاليات التي تعترض عددا من مكونات المجتمع المدني، عامة،والجمعيات المحلية على الخصوص، "نقص الموارد البشرية والمالية ومحدودية الثقافة المدنية وقيم التطوع والحاجة إلى الاستثمار في دعم وتأهيل قدرات الجمعيات"، وهي الإشكالات التي تساهم مراكز التكوين وتنشيط النسيج الجمعوي التابعة لمؤسسة محمد الخامس للتضامن بدور بارز في حلها. وهكذا، تبرز مؤسسة محمد الخامس للتضامن من خلال تجربة مراكزها المتخصصة في التكوين وتنشيط النسيج الجمعوي، كمحرك حقيقي لنشر ثقافة التضامن لدى مكونات المجتمع وإشاعة قيم التطوع وتحقيق أداء أكثر نجاعة للجمعيات المستفيدة وضمان احترافيتها.