افتتحت مساء أمس الثلاثاء بدار الثقافة محمد المنوني بمكناس، الدورة السادسة عشرة للمهرجان الوطني للمسرح، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بتكريم ثلاث مبدعين وفنانين مسرحيين أعطوا الكثير للمسرح المغربي، ويتعلق الأمر بالفنانة فضيلة بنموسى والمؤلف والمخرج محمد البلهيسي والأستاذ حسن المنيعي. وأكد الكاتب العام لوزارة الثقافة محمد لطفي المريني، خلال الحفل الافتتاحي للمهرجان، الذي ينظم إلى غاية تاسع يونيو الجاري، بتعاون مع ولاية جهة مكناس- تافيلالت والجماعة الحضرية لمكناس، أن هذا المهرجان يأتي تتويجا للموسم المسرحي ولحركية الحقل الفني وما يشهده من مبادرات وإنجازات، مشددا على أهمية أن تعكس قيمة هذا المهرجان ما تم تحقيقه من تراكمات وأن يكون "المرآة العاكسة لما نتخذه من مبادرات في مجال الرقي بالمشهد المسرحي الوطني وأن يكون مناسبة لتقييم حجم نجاحنا وتقويم ما يعترض طريقه من صعاب وتعثرات". وأبرز السيد المريني الجهود التي بذلتها الوزارة في "إحاطة" العمل المسرحي وباقي الفنون بكل آليات النجاعة باعتباره يساهم في تشكيل الوعي والإدراك المجتمعي على غرار باقي مؤسسات التنشئة والتربية والتعليم، مذكرا في السياق ذاته، بأن الوزارة واصلت تعزيز وتوسيع شبكة البنيات التحتية الثقافية بما فيها من المسارح وقاعات العروض الفنية والمراكز الثقافية. كما ذكر بأن الوزارة اتخذت مبادرة تمثلت في تجديد آليات الدعم الثقافي والفني من خلال إرساء والشروع في تنفيذ صيغة جديدة للدعم المسرحي تهم مجالات الفنون التشكيلية والبصرية والموسيقى والغناء والفنون الكوريغرافي والنشر والكتاب، موضحا أن من مستجدات الصيغة الجديدة لهذا الدعم، الذي رصدت له الوزارة غلافا ماليا قدره 40 مليون درهم، أنها تنفتح على مناحي جديدة ومهمة من الممارسات الفنية مثل الإقامات الفنية وتنظيم والمشاركة في المهرجانات والتظاهرات الجهوية والوطنية والدولية وتنظيم الجولات الفنية والإصدارات المتخصصة. ومن جهته، اعتبر السيد أحمد هلال، رئيس الجماعة الحضرية لمكناس، أن هذا المهرجان شكل منذ تأسيسه حدثا مسرحيا استثنائيا، إذ بفضله أصبحت مكناس عاصمة للمسرح المغربي وقبلة للمثقفين والمهتمين بقضايا المسرح تنظيرا وممارسة، مضيفا "نطمح إلى تحقيق رهان الارتقاء بهذا المهرجان إلى المستوى المطلوب والذي يحتاج إلى بلورة نموذج جديد للتدبير قائم على مبدأ الحكامة الجيدة". وفي فقرة التكريم، قدم المخرج المسرحي حسن هموش شهادة عن المكرمة فضيلة بنموسى كشخصية "عصامية" وممثلة "استثنائية" استطاعت بكثير من الحب والإخلاص أن تمتلك قوة الإنصات وتحول اللغة إلى فعل درامي مما جعل حضورها وحده على الركح لغة "ولادة للأحاسيس". وبخصوص تكريم المؤلف والمخرج والممثل محمد البلهيسي، فقد أعد الباحث المسرحي عبدالرحمان بنزيدان شهادة في حقه ألقاها الممثل سعيد عاني الذي أبرز أن البلهيسي هو فنان عاش المسرح واحتك بكل المبدعين المسرحيين في المغرب وخارجه. أما بخصوص تكريم الأستاذ حسن المنيعي، فقد تحدث عنه المخرج المسرحي عزالدين بونيت، حيث قال حقه "إنه مؤسس الدراسات المسرحية في الجامعة المغربية" وكان من الناحية الأكاديمية سباقا إلى طرح قضية التأصيل في المسرح المغربي، مشيرا إلى أن المنيعي هو أيضا ناقد تشكيلي وروائي "مكرس"، بل إنه كان من المؤسسين للنقد التشكيلي والروائي المغربيين. وتم منح المكرمين فضلا عن باقات ورود، درع مكناس المسرحي ومبلغ مالي فضلا عن هدايا من ولاية مكناس تافيلالت والجماعة الحضرية لمكناس. وتم عرض مسرحية "الرابوز" لفرقة (فيزاج) وهي من تأليف وإخراج أمين غوادة، والتي تدور أحداثها بساحة جامع الفنا بمراكش، حول عجوز مجهول يقتحم "حلايقية" أثناء تقديم عروضهم ويشاركهم اللعب، فيكتشفون أنه لا يعرف من هو وأنه فاقد للذاكرة، وعندما يشاركهم الارتجال يتذكر أنه حلايقي مثلهم فينغمسون معه في ارتجال كل المواقف التي يمكن أن تحفز ذاكرته على استرجاع الأحداث القديمة التي عاشها. وسيعرف الحفل الختامي لهذا المهرجان، الذي تؤثث فقراته فضاءات مختلفة بمدينة مكناس (المركز الثقافي محمد المنوني والمعهد الفرنسي وفضاء الحبول) والمركز الثقافي بالحاجب والمركز الثقافي بمولاي ادريس زرهون، تتويج الأعمال المسرحية المتميزة لهذا الموسم تحت إشراف لجنة تحكيم يترأسها الباحث والناقد عبدالله شقرون وتضم في عضويتها أسماء هواري (مخرجة مسرحية) وناصف برودوت (أستاذة بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي) وبوسرحان الزيتوني (مخرج مسرحي) ومحمد بهجاجي (ناقد مسرحي) ورشيد منتصر (باحث وناقد مسرحي) والفنان عبدالكبير الركاكنة والفنان سعيد أيت باجا. ويتضمن برنامج هذه الدورة فعاليات فنية وثقافية متنوعة، تشتمل على عروض مسرحية في إطار المسابقة الرسمية (12 عرضا) وعروض مسرحية للكبار وللصغار خارج المسابقة (15عرضا). كما يحتوي برنامج الدورة على ندوة فكرية حول "الكتابة خارج النص المسرحي"، وتوقيع إصدارات مسرحية جديدة، فضلا عن ورشات تكوينية في مهن المسرح.