دعا المشاركون في المناظرة الوطنية الأولى حول "العنف المجتمعي والوساطة الجمعوية"، التي نظمت مؤخرا بسلا بمبادرة من جمعية (سلا المستقبل)، إلى إحداث مرصد وطني لتتبع العنف والجريمة، بغية الوقوف على مخاطر هذه الظاهرة على سلامة وطمأنينة المواطنين وحاضر ومستقبل أبنائهم. وأبرز المشاركون خلال هذا اللقاء الوطني الذي حضر أشغاله وزراء ومسؤولون عن قطاع العدل والتربية الوطنية والتضامن والأسرة والتنمية الاجتماعية والداخلية وجامعيون وحقوقيون وممثلو هيئات المجتمع المدني، على وجوب النظر في الأسباب العميقة المؤدية لظاهرة العنف في المجتمع المغربي للتمكن من معالجتها، مؤكدين ضرورة التنسيق بين السلطات وتبادل المعلومات حول بؤر الإجرام الناتج عن استعمال العنف، وتعزيز أداء المصالح المختصة على المستويات الوطنية والإقليمية والمحلية في محاربة استفحال الجرائم الصغرى. واقترح المشاركون فتح حوار وطني عميق حول قضايا التربية والتكوين، وإعادة الاعتبار للتأطير الشبابي والرياضي والثقافي، والعناية بالجوانب النفسية لدى الناشئة وتكوين الشخصية ومعالجة مشاكل التأهيل للحياة، ومراجعة المقررات والبرامج والمناهج المدرسية، ولا سيما تلك التي تستبطن العنف بشكل مباشر أو غير مباشر، واعتماد توجه جديد للمدرسة المغربية بإشراك الهيئة التربوية وأولياء التلاميذ للوصول إلى المعطيات الكافية لصياغة السياسة والاستراتيجية المستقبلية للتحكم في الأسباب المؤدية إلى العنف في المؤسسات التعليمية . ولتدارك النقص الحاصل في الدراسات السوسيولوجية والنفسية لرصد وفهم ظواهر العنف، دعا المشاركون إلى إحداث مرصد علمي للبحث السوسيولوجي، كما اعتبروا أن المقاربة الزجرية غير كافية وأن الحاجة ماسة لإعطاء الأولوية لسياسات عمومية أفقية مندمجة بدل المعالجات القطاعية المنعزلة، وضمان تحقيق الأمن من خلال الصرامة في تطبيق القانون والحرص على استتبابه، وتقديم القدوة باستحضار المسؤولية الشخصية والجماعية لمحاصرة العنف بمختلف تجلياته، والتمسك بمنظومة القيم والهوية عبر التربية على المواطنة والتربية الإسلامية الصحيحة. كما أوصى المشاركون بتوفير ضمانات تشريعية وتنظيمية للتصدي لأي عنف داخل مخافر الشرطة، ومواكبة السياسة الجنائية والتشريعات بما يحد من مظاهر المس بالأمن والسلامة والطمأنينة العامة، والحد من العنف ضد الأطفال والنساء وذوي الاحتياجات الخاصة بإحداث آليات مؤسساتية للتكفل بهذه الشرائح من ضحايا العنف ومواكبتها. وسجل المشاركون، من جهة أخرى، الدور السلبي للإثارة والتهويل في بعض منابر الإعلام والصحافة في التعاطي مع ظاهرة العنف، داعين هذه المنابر إلى توخي مزيد من المهنية والموضوعية في المعالجة الإعلامية لهذه الظاهرة.