أكد وزير الثقافة السيد محمد الأمين الصبيحي، مساء أمس الجمعة بالريصاني، أن ملتقى سجلماسة لفن الملحون يندرج في إطار مشروع ثقافي وطني ذو بعد تنموي. وقال السيد الصبيحي، في كلمة تليت بالنيابة عنه خلال افتتاح الدورة العشرين لهذا الملتقى الذي تنظمه الوزارة بتعاون مع عمالة إقليمالرشيدية على مدى ثلاثة أيام، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، إن "حرصنا على تثبيت سياسة ثقافية تأخذ على عاتقها تنظيم ملتقى وطني، كاحتفاء بفن الملحون ورجالاته ونسائه، لتجسيد للمسؤولية الملقاة على عاتقنا جميعا، والمتمثلة في ضمان استمرار مختلف أنواع الأصناف الفنية المعبرة عن العمق الحضاري لبلادنا"، مضيفا أن هذا الحرص "أثبت صحته وجدواه بحكم التحولات الدولية ورياح العولمة التي تهدد الخصوصيات الثقافية للشعوب". وأبرز أنه إذا كانت وزارة الثقافة تبذل جهودا لتوفير شروط الحفاظ على فن الملحون، فإن ذلك لن يتأتى دون ما يقوم به المولعون بهذا الفن العريق من مجهودات مختلفة روادا وشبابا، إذ بفضلهم سيظل هذا الفن حاملا لمشعل الثقافة المغربية الأصيلة، نظرا لما نلاحظه من تزايد المهتمين به، والتراكمات التي تحققت على مستوى شعر الملحون، وتضاعف إقبال الشباب على ممارسته، إما نظما أو إنشادا أو بحثا". وقال الوزير، في هذا الصدد، "إننا في وزارة الثقافة نعتز بكوننا استطعنا أن نحقق من خلال ملتقى سجلماسة لفن الملحون تراكما محمودا خلال عقدين من الزمن ولعل ذلك ما يظهر عزمنا وإرادتنا القوية في الاستمرار بهذا الملتقى، والحفاظ عليه وتطويره وفق ما وضعته الوزارة من إستراتيجية جديدة للعمل الثقافي، والتي تولي للتراث بكل أصنافه أهمية قصوى من خلال صيانته وحمايته وجعله في خدمة ومتناول العموم". وبعد أن أشار إلى أن فن الملحون يشكل القطب الأساسي في التراث اللامادي، والذي تم إيلاؤه الأهمية التي يستحقها، سواء من حيث دعم شعراءه أو التوثيق له بكل الوسائل الممكنة وتطوير مجال البحث فيه، والاعتناء برجاله ونساءه، شدد وزير الثقافة على أن هذا الملتقى في "جوهره تجسيد لهذا الطموح الذي يراودنا في هذه الحكومة والتي أخذت على عاتقها الالتزام بكل الإجراءات الكفيلة بنهج ثقافة القرب، التي تعتبر المهرجانات والملتقيات واجهة حقيقية لتجسيد هذا التوجه القائم على تحسين حكامة الشأن الثقافي ومراعاة البعد الجهوي". من جهة أخرى ، اعتبر وزير الثقافة أن هذه التظاهرة الفنية تعد محطة التقاء أهل هذا الفن للتواصل وتبادل الخبرات، والاطلاع على ماجد من إبداعات وتجارب، في جو مفعم بالعطاء الإنساني والمحبة الصادقة والتعاون الفعال، والرغبة الأكيدة للوصول إلى الأهداف المنشودة من أجل الرقي بفن الملحون وتطويره والحفاظ عليه، باعتباره جزء من الذاكرة الشعبية الغنية، مشيدا بالمجهودات المبذولة من طرف كل الفاعلين المحليين بالإقليم وكذا التعاون القائم بين وزارة الثقافة والمسؤولين المحليين منذ سنوات عبر مجموعة من المشاريع الثقافية المختلفة تؤطرها اتفاقيات تعاون مثمر ومجدي. من جهته، أكد عامل الاقليم السيد أحمد مرغيش أن هذا الملتقى أضحى تقليدا سنويا يروم المحافظة على هذا التراث الأصيل وصيانته وضمان استمراريته وإبراز خصوصياته وتجسيد غناه، مضيفا أن فن الملحون المتجذر في التاريخ المغربي يعتبر بحق فنا شعريا إنشاديا وغنائيا متميزا "يختزل مقومات الثقافة المغربية العربية الأمازيغية الأندلسية ومظاهر حياتها وهو بحق رافد من روافد الحضارة والهوية الوطنية". وأبرز عامل الاقليم أن هذا الملتقى أصبح محجا للفنانين والمهتمين والباحثين في هذا التراث الفني الذي يشكل رمزا من رموز الهوية الحضارية المغربية، مضيفا أنه بفضل الجهود المبذولة في هذا الاطار أصبح هذا الفن يعد إحدى دعائم السياحة الثقافية بالإقليم. وعرف اليوم الأول من هذا اللقاء الثقافي تنظيم سهرة فنية شاركت في إحيائها مجموعة من فرق فن الملحون وعلى الخصوص "الجيلالي انثيرد مراكش" و"الجمعية الرودانية" و" منتخب سجلماسة لفن الملحون" والتي أدت قصائد في فن الملحون لقيت تجاوبا من طرف الجمهور الحاضر. وسيكون الجمهور خلال هذا الموعد السنوي على موعد مع سهرات فنية متميزة تحييها أجواق متنوعة تمثل مختلف المدن المغربية، إلى جانب تكريم الشيخ محمد الكحيلي السلاوي وعبد الحميد اليوسفي الصويري عرفانا وتقديرا لإسهامهما في تطوير وإثراء هذا الفن التراثي. كما ستحتضن دار الثقافة تافيلالت بمدينة أرفود مسابقة الإنشاد للأطفال أقل من 16 سنة بحضور لجنة مكونة من أساتذة وباحثين ورواد الملحون من أجل تشجيع الناشئة على تملك هذا الفن وتذوقه عبر إذكاء روح الإبداع وتنمية المواهب. وستختتم هذه الدورة بأمسية فنية بساحة الحسن الثاني بأرفود تحييها مجموعة جبل جيلالة وجوق الأصالة رفقة المنشد سعيد المفتاحي والمنشدة حكيمة طارق والمنشد عبد الكريم الصادقي.