الأسر المغربية متشائمة و لا تتوقع تحسن أوضاعها المادية مستقبلا... هذا ما وصل إليه بحث حديث للمندوبية السامية للتخطيط حول مؤشر ثقة الأسر في ظل حكومة عبد الإله بنكيران سبب هذا التشاؤم يعود إلى تراجع قدرة الأسر على الإدخار. 83,8% من الأسر المغربية عبرت عن عدم قدرتها على الإدخار خلال الأشهر المقبلة بسبب الإرتفاع المهول للأسعار. و 77,4% تتوقع إرتفاعا حادا في أعداد العاطلين خلال الأشهر المقبلة
الأسر التي تلجأ إلى الاقتراض أو تغطي مصاريفها بشق الأنفس، أصبحت نسبتها تقدر بنسبة 94,2% في وقت تقدر فيه نسبة الأسر القادرة على الإدخار ب 5,8%. و ثلاث أسر من أصل أربع تتوقع إستمرار المنحى التصاعدي للأسعار بمستويات أكبر
نتائج هذا البحت، صفعة جديدة تنضاف إلى الصفعات التي تلقاها عبد الإله بنكيران و حكومته مؤخرا. فحسب نتائج إستطلاع للرأي أجرته جريدة ليكونوميست شهر مارس، عرفت شعبية الحكومة الحالية تراجعا كبيرا. إذ شكلت الآراء الإيجابية في حق الحكومة التي يترأسها حزب العدالة و التنمية أقلية حيث بلغت 45% مقابل 64% السنة الماضية
قبل الإعلان الرسمي عن نتائج هذا البحث الذي قامت به المندوبية السامية للتخطيط، و بعد مهاجمة عبد الإله بنكيران لأحمد الحليمي و تشكيكه في مصداقية عمل مؤسسته، رئيس الحكومة المغربية حاول خداع الشارع المغربي بالتحدث عن تحسن معدل متوسط الأجر الشهري الصافي بالمغرب و وصوله إلى 7500 درهم
تحسن معدل متوسط الأجر الشهري الصافي بالمغرب و وصوله إلى 7500 درهم، لا يعني بالأساس تحسن مستوى دخل الطبقة الشعبية. فبالمغرب، أكثر من 85% من الأسر المغربية، معدل دخلها لا يصل إلى 7500 درهم المتحدث عنها من طرف رئيس الحكومة
تحسن معدل متوسط الأجر الشهري الصافي بالمغرب راجع بالأساس إلى الإرتفاع الكبير الذي عرفته أجور القضاة و كبار موظفي الدولة... و لا علاقة له بتحسن مستوى دخل الطبقة الشعبية كما يحاول أن يخدعنا السيد رئيس الحكومة، الذي أبان عن قدرات هائلة في بيع الأوهام و تزييف الحقائق لخداع الأميين و الجاهلين من أنصاره
خرفان بنكيران، إن صدقوا في شيء، ففي عدم مسؤولية زعيمهم عن الأزمة التي دخل فيها المغرب "إن كانت هناك أزمة فعلا بالمغرب". فعبد الإله بنكيران، صحيح أنه لم يخلق هذه الأزمة. لكنه، كرئيس حكومة، لا يعمل شيئا و لم يعمل شيئا "حقيقيا" من أجل حلها. بل ما قام به و ما يقوم به منذ ترأسه للحكومة إلى يومنا هذا سيزيد من جراح المغرب و المغاربة
المغرب يعاني من التبدير و التوزيع اللامتكافئ للثروات. و هذا المشكل، عبد الإله بنكيران يعرفه جيدا. لكن عوض حله، يزيد من حدته. فالقضاة عرفوا زيادات مهولة في أجورهم. و كذلك الحال بالنسبة لقادة الجيش و غيرهم من الموظفين السامين. و الدور قادم لا محالة على ولاة المملكة الذين سنسمع قريبا عن قرار زيادة كبيرة في أجورهم
دائما في ظل حكم حكومة عبد الإله بنكيران، عرفت الميزانية الملكية إرتفاعا قدره 8 ملايين و 678 ألف درهم و حطمت ميزانية البرلمان رقما قياسيا جديدا قدره 730 مليون و 516 ألف درهم صاحبه إرتفاع في التكلفة الحكومية بعد أن أصبح عندنا بالمغرب 39 وزيرا و ليس 15 كما وعدنا رئيس الحكومة إبان حملته الإنتخابية
هاته الزيادات في ميزانية القصر و الحكومة و البرلمان و أجور القضاة و قادة الجيش و غيرهم من الموظفين السامين، لا تحل الأزمة التي يتخبط فيها المغرب بل تزيد من تعميقها. فمن يريد أن يحل الأزمة، يخفض من هاته الميزانيات و ينقص من تكلفة هاته الأجور و لا يزيد فيها
تخفيض ميزانية القصر و الحكومة و البرلمان و تقليص أجور القضاة و قادة الجيش و غيرهم من الموظفين السامين، هذا ما رأيناه بتونس. و هذا ما رأيناه بإسبانيا و فرنسا و العديد من دول الغرب. كان من المفروض أن نرى نفس الشيء بالمغرب، لكننا لم نراه مع كامل الأسف
كل ما رأيناه، إستمرارية سياسة الكيل بمكيالين التي لطالما إشتكى الشعب منها و لطالما عبناها على الحكومات السابقة. فعبد الإله بنكيران، حينما يتعلق الأمر بمصالح الطبقة الحاكمة، ينفق بدون حساب، يتصرف و كأنه ليس هناك أزمة بالمغرب. و حينما يتعلق الأمر بمصلحة الطبقة الشعبية، تظهر الأزمة فجأة لتعيق هاته المصلحة و تخسف بأمال الشعب
سياسة الكيل بمكيالين هاته إن دلت على شيء فعلى أن الأزمة بالمغرب ما هي إلا وهم تخترعه الحكومات المغربية لتخدير و تنويم المغاربة... الأزمة المغربية، هي في واقع الأمر حيلة تتفنن الطبقة الحاكمة في نسج خيوطها للعصف بمطالب و تطلعات الطبقة المحكومة
الأزمة، لا يعقل الحديث عنها و التحجج بها في ظل هاته الإمتيازات التي تمنح للمؤسسات و الموظفين السامين السالفي الذكر. أيضا، لا يعقل التحدث عنها و في ظل الأزمة الإقتصادية التي يعرفها العالم، إستثمارات العائلات الحاكمة لم تتأثر سلبا... بل عرفت قيمة ثرواتها إرتفاعا مهولا حتى أصبح أفرادها من أغنى أغنياء العالم
المغاربة يعانون من عدم تطبيق العقاب على رؤوس الإجرام و الفساد. و هذا مشكل ثاني، يعرفه جيدا، عبد الإله بنكيران. لكنه عوض أن يحله و يأمر بمحاسبة و معاقبة من إغتنوا بتفقير و تجويع الشعب، عفا عنهم و وضع يده في يدهم و أصبح يتحدث عنهم و كأنهم ملائكة
هذا التحول إن دل على شيء فعلى أن ما كان يقوله زعيم العدالة و التنمية بالأمس ما هو إلا نفاق و كذب، خدعة إستعملها عبد الإله بنكيران للوصول إلى الحكم... و بمجرد ما إن وصل إلى غايته، إنقلب على من ساندوه و صوتوا لأجله : عوض أن يحمي مصالحهم و يحسن من ظروف عيشهم، ألغى صندوق دعمهم و تسبب في الرفع من غلاء معيشتهم
كل هذا زاد من عدم إحساس الأسر المغربية بالأمان. فالكل أصبح واعيا اليوم بعدم رغبة حكومة عبد الإله بنكيران في القبض على رؤوس الإجرام و الفساد و إستعادة ما نهبوه من أموال الشعب. كل هذا أفضى إلى خلق جو من التشاءم لدى هاته الأسر بخصوص تحسن أوضاعها المادية مستقبلا
عبد الإله بنكيران وعد بالكثير و لم يف و لو بالقليل... و هذا أيضا ما يفسر إرتفاع نسبة العزوف عن السياسة و كذلك تقلص شعبية حزب العدالة و التنمية بالمغرب : آخر المنقلبين على هذا الحزب، كريم التازي، الذي صوت بالأمس للإسلاميين، ها هو اليوم ينتقدهم و يتهمهم بعد الوفاء بإلتزاماتهم و وعودهم الإنتخابية