بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آلهوصحبه أجمعين سيدي رئيس الحكومة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد: أنا الفقيرَ ارحموا سذاجتي وضعفي ووهني . أعرف سيدي بعد المسافة بيني وبينكم، لكن رأسي صار مملوءا بهذه المفاهيم الغريبة التي غرته،وصلت بي هذه الوقاحة ليراسلكم، أغفلت التاريخ وانزلقت في إحدى منزلقاته، سرت أبحث عن عبث "البير كامو" ولكن لمن "تطرق الأجراس"، بؤسي قديم مما جعلني أعيش صراعا بلا أمل وبلا طاقة وجهد، أرغب في خرق المراحل، حاجز الفقر جعلني أنام على الحصير هذا الوطن. فلماذا نريد أن نحضنه ونحاول أن نعيش بألفة وهو يجابهنا بالنفي كأننا جئنا من أوطان أخرى لنحاربه؟ وليسمح لي فيكتور هيكو"إنني أكاد أموت جوعا، إنني أسير على قدمي منذ بزوغ الشمس، وقد قطعت اثنتي عشر فرسخا،إنني أريد طعاما، واستطيع أن أدفع الثمن". لأول مرة، يملؤني السؤال بالغثيان: كيف لنا أن نعيش ونشحذ من ذئاب أكلت حقنا ومنحتنا بعضا منها؟لا أخفيكم سرا أن عضلات وجهي ترتجف وتهتز كينونتي وتصتك أسناني، حين أرى هؤلاء الناس يعيشون في النعيم فأنظر إلى بؤسي، الغارق في بحر القذارة.لماذا لا يشاركوننا بعضا من رائحة أطعمتهم، حتى الكلاب تشارك قدرها البائس؟ سيدي رئيس الحكومة المغربية لماذا صارت الحياة هكذا مقتولة بدون معنى: حثالة و ذئاب. تسعى إلى امتلاك السلطة والمال والجاه وتجويع الآخر، فتكتب معادلة صعبة بل عصية على الفهم: الغني فاحش في غناه والفقير يفتقد لطعم العسل، وأملنا كان فيكم لإيجاد توافق بين الاثنين ، لكن خيبة الأفق كشفت لنا توجها آخر: الغني كالثور الضال بأنياب عبوسة يجري وراء فرض هيمنته وجبروته أمام مرآى عيونكم، وفقير سئم وكأنه أدرك نهايتها ولم يعد يأمل منها شيئا، وهذا هو سر الحياة الآن في مجتمعي، تخفي أكثر مما تبدي، تارة أزمة، وتارة السماء صافية ولا يعكر صفوها سوى التماسيح والعفاريث، وشعب ينتظر أن ينبثق ضوء المصباح في لحظة ما ، كي تنطق الحقيقة بوهمها. سيدي رئيس الحكومة أعرف أنني مجهول في مخططاتكم، ولكنني سأنتظر طويلا، ربما سأترك لي أبنائي رسالة الانتظار فهذه الحشائش النابتة في تربة هذا الوطن لا تشعل أنوارها باكرا، إنهم يشتغلون ولا شيء يظهر. أريد أن أحس بالأمان في أحضان هذا الوطن، لماذا أسررتم على تمجيد مرارة حياتي وجعلتموني عربة بينكمتجربون الربح والخسران ؟مشاعر الصبر سترحل، كما العمر، وجهلي أيضا. سأشعر بالغصة ، عندها سنسير جمرة تكويكم بنار ماسحة الشوارع والأزقة بعينين ملوثتين باحثا عن الانتقام. الحياة تمضي أعرف هذا، و" غاية الكائن هو أن يتمتع بالحياة، لا أن يوجد، فقط"، لذلك أريد أن أعيش ولا تجعلوا من الأوهام جينة من جنات ذاتي، تتسلل في عروقي تاركة أمراض النسيان، الربيع الذي صار عندكم حصادا الآن، لا تغفلوا قانون الطبيعة بعد الحصاد تأتي رياح الخريف الحارقة تأكل الأخضر واليابس، مرفوقةبشموش محرقة لا ترحم، ارحموا سذاجتي وضعفي ووهني. سيدي رئيس الحكومة اسمحوا لي أن نتوجه إلى جنابكم بالتحية التي تليق بمنصبكم راجين من الله تعالى أن تكونوا ممن استمعوا القول واتبعوا أحسنه. وأختم كلامي بقوله تعالى"وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ" صدق الله العظيم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته