إن المسرح قضية حضارية أساسية لذلك فإنه ينشأ ويتطور عبر حتمية تكاملية المجتمع لذلك فإن طبيعة المسرح تظهر في ضرورته الاجتماعية والفلسفية والجمالية والفينومنولوجيا الظاهراتية كي يعبر بشكل بصري عن التصورات والأسس الفكرية الفلسفية والمشكلات الاجتماعية للإنسان قبل نشوء الفلسفة شكلت الأسطورة إحدى أسس حضارات اليونان والمسرح ارتبط بتكامل نشوء المدينة اليونانية تماما كما تطورت الفلسفة بظهور الذاتية الواعية بعد أن سادت الديمقراطية. إن الفلسفة والمسرح وليدا سيادة النظام الديمقراطي الذي أسهم في خلق حرية الفكر وتجريبية الإبداع في شتى المجالات. إن الفن هو أحد أشكال الوعي الاجتماعي وهو أيضا حاجة جمالية لا تجد نفسها إلا داخل الفلسفة، هذه الأخيرة التي تقدم مواضيع غذائية للمسرح حيث لا يختلف اثنان في كون المسرح الناجح هو الذي يفكر في مصير الإنسان وعبثه فبالسؤال يراكم المسرح وعيه المعرفي والحضاري فيدهش المتفرج المهتم بالبعد الاختراقي للحياة الإنسانية لذلك نقول حينما نشتغل بالمسرح: الفلسفة هدفنا. يتصل المسرح بعلاقة وثيقة مع الفلسفة والتي تمد الخاصية الحوارية جسورها، بوصف هذه الخاصية صيغة ذات تأثير مباشر في كون التلقي، بما تمتلكه من طبيعة تبسيطية للمفاهيم الفلسفية المعقدة، وقد أدرك الفلاسفة خاصية تفاعل الجمهور مع الانتاج المسرحي، لذلك فقد عمدوا الى تبني صيغ حوارية في انتاجهم الفلسفي، وتطور بعد ذلك نمط الانتاج الى التعامل المباشر مع المسرح، لتتمخض صيغة التعامل هذه عن ولادة المسرح الفلسفي والذي أغنى التجربة المسرحية ومنحها امتيازها المعرفي العميق. فمعلوم أن المسرح يبني حياة النفس الإنسانية ويجسدها في شكل فني، فهو عمل جماعي لأنه لا يمكن أن يعتمد على ممثل واحد داخل الفرقة وعليه فمن الضروري أن يتلق الممثلون كلهم تداريب مشتركة لأن الممثلين يعتمدون على بعضهم البعض. إن الممثل يجب أن يبدع شخصيته من خلال الفعل الذي يظهر على شكل كلمات وحركات لذلك فالمسرح يمتلك قوة تأثيرية كبيرة لأن الممثل من خلالها يعيش الخبرات الشخصية ويجسدها وعليه ندعو إلى المسرح الفني التربوي في آن واحد.